العدد 1472 - السبت 16 سبتمبر 2006م الموافق 22 شعبان 1427هـ

الطائرة المقطوعة الثديين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان موعد إقلاع الطائرة من مطار الإمام الخميني الجديد (30 كم جنوب طهران) الثالثة ظهراً. وكان الحجز مؤكداً قبل ثلاثة أسابيع من البحرين، وتم تأكيده مرة أخرى قبل أيام من الرحلة.

ولأنك من أبناء العالم الثالث، عليك أن تدفع ضريبة الانتماء لهذا العالم التعيس. من ذلك ان عليك الذهاب إلى المطار قبل ثلاث ساعات، لأن عمل الموظفين هناك بطيء إلى درجة الكآبة، فإدخال البيانات الذي لا يتطلب أكثر من دقيقتين في أي مطار آخر، يحتاج إلى عشر دقائق في أحدث وأكبر مطار إيراني، ما يضطر المسافرين إلى التكدس أمام النضد كأنهم أمام بقالة.

عندما تصل إلى المطار، تفاجأ بأن طيرانك الوطني قرّر تأجيل الرحلة ثلاث ساعات أخرى. فعليك إذاً أن تجلس في المطار ست ساعات في الانتظار.

كان غالبية المسافرين من المملكة العربية السعودية الشقيقة، ثم عدد من السواح الإيرانيين الذين يزورون البحرين، من بينهم فريق أحد الأندية لكرة اليد، تستبشر خيراً لأن بلدك بدأت تجذب سياحا بدل أن تصدّر السياح.

الإيرانيون من جانبهم اتصلوا بمواطنيهم ليخبروهم بتأخير موعد الطائرة، فجاءوا إلى المطار حسب الموعد الجديد، أما العرب، بحرينيين وسعوديين وخليجيين، فلم يكن هناك داعٍ لأن تكلف الشركة الوطنية خاطرها للاتصال بهم لإخبارهم بشأن التأخير، ولو حتى بإرسال رسالة هاتفية قصيرة بخمسين فلساً. فهؤلاء المسافرون من جنس لا يقيم للوقت وزناً، فلم الاتصال بهم؟ دعوهم يذهبون إلى المطار وينتظروا ست ساعات أو سبع أو عشر ساعات... ما الخطأ في ذلك؟

عند الساعة الرابعة والنصف، وبينما كان الجميع ينتظر قرب الإعلان عن موعد الركوب، اتضح ان الطائرة لم تقلع من مطار البحرين بعد. وسرت شائعة عن تأخير جديد لموعد وصول الطائرة، فربما تتأخر حتى الساعة السابعة. سائحة إيرانية في حوالي الأربعين من عمرها أخذت تسأل بالانجليزية عائلة بحرينية شابة عن المجمعات التي ينصح بزيارتها، مع الاستفسار عن الأسعار وكم يقابلها من عملة إيرانية.

كانت المذيعة تتكلم بين فترة وأخرى عن وصول طائرات الخطوط الأخرى، وعن قرب إقلاع الرحلات التالية. كل الرحلات منتظمة إلا طائرتنا الوطنية! أكثر من عشرين رحلة خلال ست ساعات لم يحدث فيها تأخير غير رحلتنا؟ العائلة السعودية التي كانت بجواري كانت تتململ، ولم يكن لدي ما أدافع به عن ناقلتنا الوطنية الحبيبة.

مع السادسة والنصف أعلنت المذيعة وصول طائرة من البحرين. قفزت من مقعدي لأتطلع في الأفق البعيد. أخيراً لمحتها من بعيد، جاءت تتهادى مثل السفينة التي أقلت بطل رواية «شرق المتوسط» في رحلته إلى الغرب، ووصفها عبدالرحمن منيف بالبقرة المقطوعة الثديين. إذاً هذه هي طائرتنا المقطوعة الثديين.

لما ركبنا الطائرة، استقبلنا اثنان من أفراد الطاقم، حاولت مداعبتهما بقولي: «دبحتونا من الانتظار يا جماعة»، أحدهما قطب بوجهه، بينما الآخر ابتسم ولزم الصمت

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1472 - السبت 16 سبتمبر 2006م الموافق 22 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً