أفاد الناشط الحقوقي سلمان كمال الدين بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نص في بنوده على رفض وتجريم التمييز سواء أكان عرقياً أو دينياً أو أثنياً، مضيفاً «ونحن من جهتنا كناشطين حقوقيين علينا أن نتعاطى مع هذه المبادئ من خلال نشر لغة التسامح والتسامي بين أفراد المجتمعات العالمية».
وقال كمال الدين: «ما جرى في المملكة سواء في الفترة الأخيرة أو السابقة من طرح بغيض وممقوت لمسائل طائفية أو أثنية أو عرقية، ليدعو إلى الأسف والحسرة على شعب تعامل خلال تاريخه الطويل بروح إنسانية حتى مع الغرباء، فكيف لفئة ضالة في هذا الوطن أن تسمح لنفسها بنشر ثقافة الكراهية والأحقاد والضغائن بين شعب عريق».
وأردف «حدث كما ذكرت في الماضي والحاضر أن تناولت هذه الفئة بعض شرائح المجتمع البحريني ونسيجه الوطني بالتشهير واستخدام لغة الإقصاء والتهميش، وهذا يعتبر جرماً بحق الإنسانية ويجب على الدولة أن تسن القوانين المشددة التي تكبح جماح هذه الفئة الضالة التي لا هم لها إلا أن يكون هذا البلد ممزقاً وأشلاء متناثرة كما يحدث أمامنا في العراق وطوفانه الذي إن لم يتوقف فسيكون دماراً على المنطقة كلها، وعليها أيضاً أن تنصف هذا الوطن وأبناءه بالمزيد من التواصل والتلاحم الوطني لجعل النسيج الاجتماعي كسجادة جميلة لها نقوشها وألوانها الزاهية لتكون بساطاً للفرح الإنساني».
أفعال التحريض ربما تصل إلى العنف
وفي الإطار الحقوقي ذاته، أكد نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي، أن قانون العقوبات والقوانين المحلية تعاقب من يثير النعرات الطائفية التي تؤثر على الأمن الاجتماعي وعلاقات الأفراد، مشيراً إلى أن أفعال التحريض إذا بدأت ربما لا تنتهي فتستفحل حتى تصل إلى العنف ومن ثم إلى مرحلة لا يحمد عقباها وبالتالي يصعب السيطرة عليها.
وأوضح الدرازي أن ما جرى بالنسبة إلى أراضي المحرق التي أشيع أن هناك مخططاً إيرانياً لاستملاكها لدعم جمعيات سياسية موالية لإيران وتغيير التركيبة السكانية، ثبت أن لا علاقة لإيران به وهو لا يتعدى كونه سوى أن أفراد يتوجهون ومنذ فترة طويلة إلى شراء العقارات والبيوت القديمة، من أجل إنشاء عمارات بدلاً عنها وبيعها بعد ذلك بأعلى الأثمان أو تأجيرها لإيواء العمال الأجانب.
وألمح كمال الدين إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يمنع المواطن من شراء أي عقار في بلده، في حين أن منطقة مثل الرفاع لا يسمح فيها بالبيع والشراء إلا بأمر من الديوان الملكي، وهذا أمر فيه تمييز وتغليب لفئة على حساب فئة أخرى.
يجب الحذر من التكفيريين
وفي الطرف المقابل، حذر رئيس جمعية الإخاء الوطني محمد الشهابي، من جماعة التكفيريين الذين يدعون إلى إقصاء الآخرين التي يكون لها يد في ما جرى أخيراً من الحوادث في محافظة المحرق، معرباً عن تخوفه من تكرار المشكلة، وعاتباً على من يلبسون عباءة الدفاع عن الدين ويحاربون الناس باسم الدين، فضلاً عن أولئك الذين هم في داخل مؤسسات الدولة ولم يحركوا ساكناً.
ولفت الشهابي إلى أن القوانين الدولية تجرم الأشخاص ذوي الصفة الرسمية داخل تلك المؤسسات ويتعمدون إثارة المشكلات ومنهم أحد نواب الشعب الذي وصف البحرينيين من الأصول الفارسية بأنهم يهود ويسعون إلى استيطان البحرين، مؤكداً أن تصريح شخص يحمل صفة رسمية في إحدى الصحف المحلية بالإمكان استخدامه ضده عبر مقاضاته في المؤسسات القضائية المحلية والدولية.
وبيّن رئيس «الإخاء الوطني»، أن المحرق تتميز بالاختلاط والتنوع والتجانس عبر تاريخها الطويل، وهناك جمعيات ومجالس أهلية لها دور في تعزيز هذه المسألة، على رغم وجود بعض الشوائب أو فئة تتعمد إثارة النزاعات الطائفية والعرقية، منبهاً إلى وجود أياد خفية تعمل لأسباب خاصة وربما تكون أسباباً اقتصادية أو سياسية أو ذات علاقة بجهات خارجية، مرجحاً وجود علاقة بين ما يحصل على المستوى الإقليمي وما هو حاصل في العراق والمناطق القريبة منه.
وأعرب الشهابي عن أمله في أن تعود الأمور إلى نصابها، إذ «منذ أيام أمن الدولة كان هناك خبثاء بيننا وكنا محتاطين اجتماعياً وسياسياً، وكانت علاقاتنا تتم عن بعد، لكن الآن الباب مفتوح لإرجاع العلاقات بين جميع طوائف المجتمع كما كان الوضع في حقبة ما قبل السبعينات»، داعياً إلى عدم إقصاء الآخرين والتأكيد على المواطنة الصالحة التي تؤمن بالتنوع والتعددية، فالعجم مولدون في البحرين وهم من أصول فارسية وليست إيرانية، أي أنه لم يتم جلبهم من إيران ومنحوا جوازات بحرينية.
ورأى أن زوبعة «أراضي المحرق» لم تكن هناك حاجة إلى التعامل معها بالصورة التي حصلت، فكان من الممكن استدعاء وجهاء المنطقة لمعالجة المشكلة بعيداً عن إثارتها إعلامياً، وبالتالي يتم تغليب المصلحة الوطنية.
وعن دور جمعيته في توحيد الصف والكلمة وربط أركان المجتمع منعاً لحدوث أية مشكلات مشابهة مجدداً، أشار الشهابي إلى أن الجمعيات الوطنية في البحرين تتحرك وفق الأهداف نفسها التي تعمل عليها جمعيته، ذاكراً أن اسم «الإخاء» تم اختياره للجمعية بقصد توطيد اللحمة وتقوية الروابط بين فئات المجتمع ومشاربه ومذاهبه انطلاقاً من الروح الوطنية.
المحرق تمثل خليطاً عرقياً وطائفياً
وفي حديث له في مجلس الدوي أخيراً، نوه أمين عام حركة العدالة الوطنية عبدالله هاشم، إلى أن الأمن الوطني لا يبدأ بجهاز استخبارات، بل بتسامح الناس ووحدتهم، مبدياً رفضه إطلاق مصطلح إيراني أو سوداني على أي فرد من أبناء المحرق.
وقال هاشم: «إن كل ذرة من ذرات الوطن عزيزة علينا كما هو البيت، ومدينة المحرق تمثل رمزاً لتاريخ الوطن وبها خليط طائفي وعرقي ضمن سلام شامل حافظنا عليه ضمن خط أحمر، وما طرح بشأن تملك البحرينيين من ذوي الأصول الفارسية تأكيده بشكل جازم من دون أدلة لا يحتسبه العقل ولا يقف أمامه عادل (...) نحن نشعر أن هذه القضية يجب تلمسها بأكثر دقة حتى لا نسعى إلى الفتنة، كما يجب ألا نذهب بعيداً وأن نتكلم بحكمة. لا نريد أن نُصعد بهذا الوطن لأن مهمتنا هي تحقيق التكافل والألفة، وعلينا أن نقف أمام أي نوع من الفتنة، فنحن لم نشكك في ولاء أحد لأن ولاءنا جميعاً للوطن».
تجريم الفتنة الطائفية
وشدد النائب فريد غازي، على أن التحريض على الفتنة الطائفية أمر مجرم ويمس الأمن والسلام الوطني وفقاً لقانون العقوبات، مطالباً بنبذ كل ما هو خارج عن النسيج الوطني، وأن يتكاتف أبناء المحرق مع بعضهم بعضاً بمختلف أطيافهم ومشاربهم لتفويت الفرصة على من يريد تفرقتهم وزعزة أمنهم الاجتماعي.
دعوات الإقصاء
وفي ما يتعلق بالتهم الموجه ضده بأنه يدعو «إلى التطهير العرقي وإقصاء الآخرين وإبعادهم عن أوطانهم»، فضل النائب جاسم السعيدي الإجابة على هذا السؤال لاحقاً بعد ساعة أو اثنتين، وعندما عاودت «الوسط» الاتصال به بعد انقضاء تلك المدة لم يرد على هاتفه.
مواد دستورية تنبذ الطائفية وتحفظ حقوق المواطنة:
المادة الرابعة: العدل أساس الحكم، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة.
المادة السابعة عشرة (أ): «الجنسية البحرينية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع به إلا في حالة الخيانة العظمى، والأحوال الأخرى التي يحددها القانون».
المادة السابعة عشرة (ب): «يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها».
المادة الثامنة عشرة: «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»
العدد 1472 - السبت 16 سبتمبر 2006م الموافق 22 شعبان 1427هـ