العدد 1471 - الجمعة 15 سبتمبر 2006م الموافق 21 شعبان 1427هـ

الحاجة إلى مراقبين دوليين في فلسطين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

عند سماعي لاقتراح الحكومة الإيطالية بوجوب نشر القوات الدولية في الأراضي الفلسطينية أيضاً، إذ سيتم حشدها في لبنان، تذكرت يوماً من العام 1988 عندما تمنيت وجود هكذا قوة. كنت عائداً إلى منزلي بعد نهار كامل من التغطية للانتفاضة في غزة. لم يدعني الجنود الإسرائيليون المتجولون قرب منطقة تفتيش قلانديا أن أدخل إلى منزلي. فقد قالوا إن المنطقة تحت حظر التجول.

كان الجو مظلماً، ولم يكن هناك غيري أنا والجنود. شرحت لهم بهدوء أن منزلنا لا يشكل جزءاً من المخيم، وبالتالي هو لا يخضع لحظر التجول. لكنهم صرخوا بوجهي ورفضوا تفهم الموضوع. أبرزت لهم بطاقة الصحافة خاصتي وحاولت إقناعهم بأنها صادرة عن حكومتهم. فرفضوا السماع مجدداً، ورموا ببطاقة الصحافة الصادرة عن «إسرائيل» على الأرض. التقطتها عن الأرض ثم حاولت، بهدوء وإنما بأسلوب مؤثر، أن أشرح لهم حاجتي للذهاب إلى المنزل حيث زوجتي وأطفالي بانتظاري. صفعني الجندي الإسرائيلي على وجهي بقوة، حتى أنني رأيت نجوماً.

علمت عندها، ولا أزال حتى الآن بأنّه عندما يتواجه أحد المدنيين مع جندي مسلح، لا يشكّل المنطق الحل دائماً. مما لا شك فيه، أنه عندما يقتل المئات ويصاب الآلاف، لا تبرز الحاجة لمراقبين دوليين لمعالجة مثل قضيتي.

بكل تأكيد، يشكل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية السبيل الأسرع لوقف المظاهرات، وأعمال الشغب والعنف. والأسرع من ذلك، قوة دولية دائمة يمكنها المراقبة، والتدخل، إذا لزم الأمر ذلك، لحماية المدنيين من الطرفين.

لقد أظهرت سنوات الاحتلال والنزاع بالإضافة إلى سنوات السعي لبسط السلام، أن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني لن ينتهي ببساطة وارتكازًا على الإرادة الحسنة لأحد أو كلا الطرفين.

إن «إسرائيل» التي حكمت أكثر من 3 ملايين فلسطيني بالعنف فقط، رفضت باستمرار، وحتى وقت قريب، السماح بتعيين مراقبين دوليين.

يمكن ويجب المطالبة بشدة بالتدخل الدولي المباشر، أو العسكري إذا اقتضى الأمر ذلك في هذا النزاع. ففي النهاية، لطالما تدخل الجزء الثاني من العالم بطريقة أو بأخرى في حدوث الصراع الجاري في الأرض المقدسة سواء عبر بيان بلفور الواهب فلسطين إلى اليهود الصهاينة أو عبر مختلف الوعود (أحياناً المتناقضة) التي قطعت على العرب واليهوديين قبل وخلال وبعد الحربين العالميتين أو عبر مخطط التقسيم الخاص بالأمم المتحدة والذي صدق على إنشاء دولة «إسرائيل». وقد تدخلت أيضاً باقي أنحاء العالم، خصوصاً الولايات المتحدة، في صراع الشرق الأوسط من خلال الدعم المالي والعسكري للأطراف المتنازعة.

شكلت فكرة المراقبين الدوليين جزءاً من خارطة الطريق التي عرضتها الولايات المتحدة وغيرها من شركاء «مجموعة الأربع»، وصادقت عليها رسمياً الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية. تؤكد المجزرة التي حلت بالفلسطينيين والإسرائيليين الحاجة إلى الإسراع في تطبيق بند الرقابة هذا، وجعله نافذاً.

يجب أن تبدأ الرقابة الدولية، سواء أجرتها منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) NATO أم الولايات المتحدة، ما إن يصدر اتفاق بوقف إطلاق النار بين الطرفين. على اتفاق وقف إطلاق النار أن يتضمن ثلاثة شروط أساسية:

أولاً، يجب أن يطبق بشكل فوري ومن كلا الطرفين. على الفلسطينيين والإسرائيليين التصريح علناً عن وقف جميع أعمال العنف والأعمال التي من شأنها استفزاز الطرف الآخر. كما يجب على السلطات الفلسطينية، مدعومة من قبل القوات الدولية إذا اقتضى الأمر ذلك، أن تضع حداً للغارات الصاروخية والعمليات الانتحارية التي تقوم بها المجموعات الفلسطينية المتطرفة. كما ويجب وقف عمليات الاغتيال والغزو للفلسطينيين والأراضي الفلسطينية، التي ترتكبها «إسرائيل».

ثانيًا، على المجموعة الدولية غير المنحازة التي من شأنها مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، أن تكون جاهزة لتلعب دور الوسيط، أو الملزم إذا اقتضى الأمر ذلك. ويجب أن تصرح علنًا عن الطرف الذي انتهك البنود المنصوص عليها في الاتفاقية. وإذا دعت الحاجة، عليها التدخل عسكرياً.

ثالثًا، على الجميع أن يدركوا بأن وقفاً لإطلاق النار كهذا، لا يشكل بديلاً مطولاً عن الحل السياسي. وجهاً لوجه، يجب أن تبدأ المحادثات المباشرة على الفور، ضمن وتيرة سريعة (يفضل أن تكون سرية)، ذلك للتوصل إلى اتفاق دائم من شأنه تأمين المطالب اللازمة بعد حلول السلام.

هناك تبدلان مهمان قد يساعدان.

إن التبدل الأخير في السياسة الإسرائيلية إذ وافقت على قوة دولية تلعب دور الدفاع بينها وبين المجاهدين اللبنانيين، قد ينطبق على فلسطين أيضاً. إن التأسيس الوشيك لحكومة اتحاد وطني فلسطينية تتوافق مع مطالب المجتمع الدولي السياسية، يؤمن ظروفاً إيجابية لهكذا اتفاق مدعوماً من قبل قوة دولية.

من المؤكد أنه لا يجب السماح للإسرائيليين والمجاهدين العرب في لبنان وفلسطين على حد سواء أن يسعوا لحل نزاعهم مستخدمين القوة على حساب المدنيين في كل من الجهتين.

تشكل قوة المراقبة الدولية المتمتعة بالنفوذ الحل الصائب في الوقت الراهن. لو تمكنت هذه القوة من إنقاذ حياة واحدة، لشكلت محاولة تستوجب الاهتمام.

داوود كتاب

كاتب فلسطيني، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1471 - الجمعة 15 سبتمبر 2006م الموافق 21 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً