أميركا بلد المفارقات، كانت لها - في الماضي - مواقف مشرفة في احتضان الشعوب من مختلف الجنسيات وإعطائها الجنسية الأميركية بجميع حقوقها الدستورية... لكنها باتت خائفة من الإرهاب منذ 11 سبتمبر/ أيلول، وتعللت به وقامت باستصدار القوانين الغبية والممارسات المتعجرفة في التدخل في شئون الآخرين من مواطنيها ممن تجنسوا... إلى درجة أن الكثير من هؤلاء باتوا يرغبون في التخلي عن هذه الجنسية التي تتسبب لهم في الكثير من الذل وجرح الكرامة والإنسانية من العرب والمسلمين.
الحكاية الأولى لشاب أميركي من أصل عربي يلبس قميصاً (تي شيرت)، كتب عليه «لن نصمت» في إحدى الرحلات الداخلية في أميركا.
طلب المسئول من الشاب تغيير القميص لأن مجموعة من الركاب تخاف منه ومن السفر معه على الطائرة، فالشك يصيبهم بالهلع والرعب.
الراكب: ولكن، هل ممنوع لبس القمصان المكتوب عليها بلغة أخرى؟!
المسئول: لا يوجد لدينا مترجم، مع الأسف.
الراكب: ولكن هذه الكلمات لا أؤذي بها شيئاً أو أحداً...
المسئول: هم (المسافرون) يرفضون ذلك.
الراكب: أريد رؤية القانون الذي يمنع الطيران مع «تي شيرت» مكتوب عليه بلغة أخرى، أطلب رؤية مدير المطار.
المسئول: لا... لا يوجد قانون ولكنهم خائفون، لا ولا يمكن المدير.
الراكب: إذاً، أريد أن أطلب المحامي الخاص بي للدفاع عن حقوقي الدستورية.
المسئول: لا وقت لذلك، فموعد الطائرة قد تأخر كثيراً.
الراكب: اشتريت القميص من واشنطن ويوجد مثله بعدة لغات، لماذا تسمحون بذلك (ببيعه في البلاد) إذاً؟
المسئول: لا أعرف.
الراكب: دعهم (الخائفون) يركبون طائرة أخرى.
المسئول: لماذا لا تلبس الـ «تي شيرت» بالمقلوب؟!
الراكب: لا لن أفعل، فهذا يتنافى مع الأناقة ومع تمتعي بحقوقي الدستورية، فأنا أميركي مثلهم جميعاً.
وتتعطل الطائرة... ثم تتدخل سيدة حكيمة وتقوم بشراء قميص وتهديه الشاب، بعد إقناعه بتبديل القميص، وأخيراً يوافق وعلى مضض، لأنه «زهق» وتعب ولكنه لم يتنازل عن حقه... أو على الأقل حاول قدر استطاعته أن يكون له صوت.
أما الحكاية الثانية، فهي لعائلة تشتكي جيرانها الجدد من أصل عربي للوكالة الأميركية للمخابرات (FBI)، وتبعث الوكالة مخبرها للتحقيق مع العائلة العربية الأصل، من دون أن ترتكب أية خطيئة أو جناية، وحين دخولهم المنزل للتحقيق تنتفض الوالدة وتذكرهم بأنهم يحملون الجنسية الأميركية... وإذا كانت لديهم مشكلة فعليهم محادثة محاميهم الخاص للدفاع عن حقوقهم وخصوصاً أن للعائلة شابين، وكان المخبرون يسألون عن علاقتهم بـ «حماس» وحزب الله!
وبعد تفتيش المنزل لم يعثروا على شيء، وضعوا العائلة تحت المراقبة من دون أي ذنب.
الحكاية الثالثة هو سجن الكثير من الشباب من دون أية تهمة، فقط لمجرد الشك في أشكالهم بصفتهم عرباً حتى وهم يحملون الجنسية الأميركية... ونسيانهم في السجون لعدة أشهر... وسجون غوانتنامو أكبر دليل على ذلك!
أين باتت الحرية في بلد الحريات؟ أين حقوق المواطنين، فالديمقراطية باتت تُغتصب؟
هذا الشعب الأميركي... الذي لا يعرف معاناة الشعوب من جراء عدوان حكوماتهم على الدول الأخرى... وهذا ما فعلته مع اليابانيين أميركا بعد الحرب العالمية الثانية بالضبط... ممن قامت بتجنيسهم وسحب جنسياتهم وإعادتهم إلى بلادهم وإهدار كرامتهم!
لقد فقدت الدولة العظمى هيبتها وباتت مهلهلة ومضيعة في تعاملاتها... ولا تعرف أية حقوق إنسانية للبشر!
باتت بلا عقل وانتصر من اتهمتهم بالإرهاب، ومازالوا بعد مرور خمس سنوات يبحثون عمن فجّر الأبراج، وأضاعوا عقل الولايات الأميركية، ومازالت قصصهم حيّة ومتتالية، وحضورهم يرعب الحكومة الأميركية
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1469 - الأربعاء 13 سبتمبر 2006م الموافق 19 شعبان 1427هـ