تعتبر القراءة وتحديدا قراءة الصحف بصورة ملتهمة - ان صح لنا التعبير - في بلد مثل اليابان هي عادة منسية في بلداننا العربية وخصوصاً ان علمنا بان الشيء الوحيد الذي يشغل اليابانيين غير العمل هو قراءة الصحف بشتى انواعها وهم الذين يعتبرون اخذ قسط من النوم في وقت الظهيرة او اجازة يعد بمثابة عار وعيب على الفرد وهو الامر الذي كانت تردده على مسامعي صديقتي اليابانية ايام مقاعد الدراسة في لندن «ماي اوكانو» التي كانت تبهرني بتخصيص 80 في المئة من وقتها يوميا للقراءة كعادة قسرية تربت عليها وترعرعت عليها منذ صغرها وهو ما لمسته فيما بعد عندما زرت بلدها اليابان في العام 2001.

فالياباني اما قارئ لكتاب او صحيفة او مجلة حتى وهو في القطار عدا طبعا وقت العمل فهضم المعلومات بشراهة هي مهمة في غاية الاهمية للياباني. فلقد عرفت اليابان الصحافة بمعناها الحديث في العام 1870 ، أي مع بداية نهضتها الحديثة في عهد عصر ميجي إذ كثر عدد الصحف واتسع نطاقها مع بداية القرن العشرين وبروز اليابان كقوة آسيوية بعد انتصارها على روسيا والصين.

واتسم الإعلام الياباني خلال سنوات الحرب العالمية الثانية وما قبلها بالصيغة الشمولية اذ خضع برمته للرقابة العسكرية وكرس لتعبئة الشعب الياباني للمجهود العسكري . وعقب الهزيمة المريرة في العام 1945 توجهت أصابع الاتهام إلى وسائل الإعلام التي كانت تردد نغمة واحدة لخدمة المؤسسة العسكرية اليابانية ، ما أفقدها ثقة الشعب والجماهير . ومنها عمدت سلطات الإحتلال ( المنتصرة في الحرب العالمية الثانية بعد الحرب إلى ضرب المؤسسات الإعلامية القائمة الى إعادة رسم سياستها بحيث تتماشى مع دستور البلاد السلمي الجديد. وساهمت أجهزة الإعلام الحديث التي استعادت نشاطها بعد حصول اليابان على استقلالها في العام 1951 التي جاءت فيما يعرف عهد النهضة الاقتصادية في اليابان وذلك بصورة فعالة وواسعة. واليوم تأتي الصحف اليابانية في المرتبة الأولى في العالم من حيث التوزيع إذ تصدر حوالي 126 صحيفة توزع خمسة وستين مليون نسخة منها .

أما أهم الصحف في اليابان منها أساهي شينبون اليابانية ، وصحيفة إفنينغ نيوز المسائية باللغة الإنجليزية ، ولها سبع محطات تلفزيونية أهمها تلفزيون أساهي الذي يبث على القناة رقم 10 ، كما تصدر ثلاث مجلات أسبوعية ومجلتان شهريتان الى جانب دور صحف اخرى مثل صحيفتي اليوميؤري شينبون اليابانية ، والديلي يوميؤري الأنجليزية وغيرها فالقائمة تطول والسبب عادة القراءة