وفقا لتقارير صحافية، رَسَم تقرير التنمية البشرية للعام 2005، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة، صورة قاتمة لمسيرة الجهود المبذولة للوفاء بالأهداف الإنمائية المقرر إنجازها في العام 2015. وأكد أن تحقيق أهداف الألفية يحتاج إلى 52 مليار دولار. وحول حالة التنمية البشرية في العالم قال التقرير: «قبل خمس عشرة سنة، تطلع تقرير التنمية البشرية الأول قدماً إلى عقد من التقدم المتسارع، وتنبأ، متفائلاً، بأن (تسعينات القرن العشرين تتطور كعقد للتنمية البشرية، لأنه نادراً ما وجد مثل هذا الإجماع على الأهداف الحقيقية لاستراتيجيات التنمية). اليوم، مثلما في العام 1990، لم ينتج حتى الآن إجراءات عملية كما أن هناك دلائل عن العقد المقبل تنذر بالسوء، فثمة خطر حقيقي من أن الأعوام العشرة المقبلة، شأنها في ذلك شأن السنوات الخمس عشرة الماضية، ستقدم للتنمية البشرية أقل بكثير مما يعد به التوافق الجديد. وأضاف التقرير أن الدخل لأغنى 500 إنسان في العالم يفوق دخل أفقر 416 مليوناًً من أبنائه. وفضلاً عن طرفي النقيض هذين، فإن 2500 مليون إنسان يكونون 40 في المئة من سكان العالم يعيش الواحد منهم بأقل من دولارين في اليوم ولا يحققون سوى 5 في المئة من الدخل العالمي الشامل، في حين أن أغنى 10 في المئة، يعيشون بأجمعهم تقريباً في بلدان الدخل المرتفع، يحققون 54 في المئة».
ويقدر التقرير أن إبعاد مليار إنسان يعيشون بأقل من دولار في اليوم، عن عتبة الفقر المدقع، يكلف 300 مليار دولار، وهو مبلغ يمثل واحداً وستة أعشار الواحد في المئة من دخل أغنى عشرة في المئة من سكان العالم. وتحدث التقرير عن فجوة تمويلية ضخمة تواجهها مسألة تحقيق الأهداف الإنمائية الألفية، وقال: «إن النقص سيزداد من 46 مليار دولار في 2006 إلى 52 ملياراً في 2010، في فجوة تمويلية ضخمة على نحو خاص بالنسبة إلى إفريقيا وجنوب الصحراء، إذ يستلزم الأمر مضاعفة تدفقات المعونة خلال فترة خمس سنوات، كي تغطي الكلف المقدرة للأهداف الإنمائية».
وهذه ليس المرة الأولى الذي تتحدث فيه تقارير التنمية البشرية الأممية عن معضلة التنمية في أبعادها الانسانية والبشرية، إذ لم يعد مفهوم هذه التنمية مقتصرا على تحديد معدلات النمو الاقتصادي، بل لا بد من النظر الى محتوى ونتائج هذا النمو. ووفقا لهذه التقارير، هناك النمو العديم فرص العمل الذى ينمو الاقتصاد فيه بوجه عام من دون ان يحقق زيادة في فرص العمل المتوافرة، كما أن هناك النمو العديم الشفقة الذى يزداد فيه الغنى غنى والفقير فقرا، وهناك النمو الاخرس الذى ينمو فيه الاقتصاد الا ان عمليات الديمقراطية وتمكين غالبية السلطات لا تستطيع مواكبة هذا النمو وهناك أيضا النمو العديم الجذور الذى تدفن فيه الحكومات المركزية الهوية الثقافية للاقليات وهناك أخيراً النمو العديم المستقبل الذى يبذر فيه الجيل الحاضر الموارد التى ستحتاج اليها الاجيال المقبلة، ويقول أحد رؤساء تحرير هذه التقارير أن كثيراً من الناس يشعرون بالقلق خشية أن تكون التنمية تقلص حظوظ المستقبل بدلا من أن تزيدها وليس هناك أبعد عن الحقيقة من هذا الكلام فالتنمية البشرية والنمو الاقتصادي صنوان لا يمكن الفصل بينهما، فلا يمكن للنمو الاقتصادي أن يكون مستديما من دون تنمية بشرية وان وضع استراتيجية للنمو الاقتصادي محورها الانسان وإمكاناته الإنتاجية هو السبيل الوحيد لفتح الأبواب لفرص جديدة
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1468 - الثلثاء 12 سبتمبر 2006م الموافق 18 شعبان 1427هـ