العدد 1468 - الثلثاء 12 سبتمبر 2006م الموافق 18 شعبان 1427هـ

حديقة حياتك

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

صدق فولتير عندما قال: إن المرء عليه أن يعتني بحديقته الخاصة. والمقصود بهذا هو أن يتجنب الإنسان العبث وتوريط نفسه بشئون الآخرين، وأن يركز على الأمور التي تخصه وتهمه. الحياة مشتركة، لكن على رغم ذلك، الكل مسئول عن سعادته الفردية، وما من ملام إلا أنت إذا قصرت في حق نفسك. تعلم، ابحث، اكتشف، أعرف كما تشاء، لكن أخرج من الظلام وانبعث إلى النور في كل الحالات.

لا نقول بأن تطمع في سعادتك وأن تنسى الآخرين، بل ساعد، علم وشارك الآخرين في إنجاز ما يريدونه، لكن لا تنسى بأنك أيضاً مدين لنفسك لأن تكون سعيداً. لأن تكون عاشقاً كما يكون المراهق عاشقاً لتلك الفتاة الجميلة، لأن تكون مندفعاً كما يكون المبارز مندفعاً نحو النجاح، لأن تكون مخلصاً كما يكون الزوج الراشد مخلصاً.

أياً كانت سعادتك، في مساعدة الآخرين أو الشروع بعمل ما، قم بما تريده. بادر بأن تفعل ما بخاطرك قبل فوات الأوان. فالحياة قصيرة في نهاية الأمر، لكن فرصها كثيرة وكثيرة، وكذلك طرق النجاح والفشل. ماذا لو حاولت وفشلت؟ لا بأس، اضحك، تعلم، وواصل طريقك المبني على سعادتك.

السعادة ليست في الفشل أو النجاح. السعادة هي في التجربة، في المحاولة. فالحياة ليست رصيداً في المصرف، أو شهادة تفوق أو سيارة فخمة، الحياة هي ما بداخل قلبك، ما يبعث الحياة إليك وما يرشدك لأن تكون حقاً إنساناً. ليضحك البعض ويقولوا إن الحياة هي المال وكل ما هو ملموس. لا بأس، لكن الحياة هي دورات وحلقات ومستويات واطية وأخرى عالية. فعندما ينفذ المال، لا يبقى إلا الفؤاد. قد يسقط الرئيس المرموق لشركة ما عندما يكتشف بأنه باع كرامته وسعادته الحقيقية لسعادة فورية مبنية على النفاق والخداع والتلاعب. وحينها نعلم كيف ما بدا لنا جميلاً قد ظهر على حقيقته القبيحة والمفلسة أخلاقياً.

في زمننا هذا من السهل أن ننسى أنفسنا ونقضي أيامنا في سلك طريق وعرة ومظلمة. فلنكن صريحين مع أنفسنا، ونتعلم بتمييز السعادة الحقيقية من تلك المنبعثة من الكماليات. كماليات تتدهور مع الزمن. ولا تنسى بأن الحياة لا تأتي مع ضمانات. فكل شيء قابل للتغيير. لكن ما يمكننا الاعتماد عليه هي السعادة التي وضعناها في صدورنا. سعادة لا تأتي من الملموسات، بل تأتي من الشعور بأننا عملنا بقدر الإمكان على أنفسنا، ولم نكترث للمضايقات ولم نبالِ بالأمور التافهة التي تؤدي بنا للهلاك، حتى ولو وجدنا فيها سعادة فورية، فهي عادة ما تكون سعادة وهمية زائلة

العدد 1468 - الثلثاء 12 سبتمبر 2006م الموافق 18 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً