حميدان التركي - لمن لا يعرفه - شاب سعودي ابتعث إلى أميركا لإكمال دراسته العليا هناك. حصل حميدان على شهادة الماجستير متفوقاً على زملائه وبدأ بدراسة الدكتوراه وكان من المفترض - لولا الإرهاب الأميركي - أن يكون انتهى منها وعاد إلى بلاده ليعمل في الجامعة التي ابتعثته وليخدم وطنه الذي ينتظره.
مأساة حميدان - عند الأميركان - أنه شاب متفوق ومسلم ملتزم، وأنه فوق هذا وذاك لم يقبل بخيانة وطنه وأمته... ومن أجل ذلك كله كان لابد لـ «العدالة الأميركية» أن تأخذ طريقها نحو حميدان للقضاء عليه بصورة كاملة. وبإغراء خادمته والتعاون معها لفقوا له مجموعة من التهم منها التحرش الجنسي بتلك الخادمة ومنها الاحتفاظ بأوراقها الثبوتية عنده (جواز سفرها) ومنها تكليفها بأعمال فوق طاقتها!
ومع أن تلك الخادمة تراجعت عن اتهامها له بالتحرش وعلى رغم أن الأميركان يعرفون أن طبيعة عقدها معه - وهذا شأن كل السعوديين - أن يحتفظ رب العمل بجواز خادمته وأن تبقى في منزله فإنهم مع ذلك كله حكموا عليه بالسجن ثمانية وعشرين عاماً، وبعد انقضاء هذه السنوات عليه أن يقر بذنبه وإلا سُجن مدى الحياة، وأما طريقة معاملتهم مع زوجته وأطفاله فكانت سيئة بكل المقاييس وفوق ما يتصوره أي عاقل.
القضاء الأميركي تعامل مع حميدان على الطريقة «البوشية» من لم يكن معنا فهو ضدنا، كما أنهم طبقوا مقولته إنه يخوض حرباً صليبية التي قالها بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول مباشرة وكذلك مقولته الحالية عندما وصف الإسلام بالفاشية.
أقول: إن الخادمة تراجعت عن أقوالها وأكدت أن حميدان وعائلته كانوا يعاملونها معاملة كريمة ومع ذلك بقي القضاء الأميركي مصراً على إدانة حميدان بالتهم نفسها والسبب في ذلك كله أنه سعودي مسلم ولا شيء غير هذا. أعرف تماماً أن هذا القضاء الظالم تعامل مع هذه القضية كما يتعامل الأميركان مع كل القضايا العربية مثل قضية فلسطين ولبنان وما يماثلها، والسبب في كل ذلك الاستخفاف بالعرب والاستهانة بهم والاطمئنان الكامل إلى أنهم لن يفعلوا شيئاً له قيمة لإيقاف الظلم الأميركي لهم. القضاة الأميركان يتحدثون عن تحرش مزعوم ومع أن المدعية أنكرت هذه التهمة ومع أن عدداً من الأميركان شهدوا لحميدان بحسن الخلق إلا أن القضاة أصروا على موقفهم وأصروا عل ذلك الحكم الجائر. هذا الحكم يقود إلى تأمل أحكام أخرى مشابهة أحياناً وتفوق «التحرش» أحياناً أخرى ولكن القضاء لم يفعل إزاءها شيئاً له قيمة كما فعل في قضية حميدان.
الرئيس الأميركي السابق (كلينتون) تحرش وفعل أكثر من التحرش واعترف بفعلته أمام العالم كله، فماذا فعلوا به؟ مايكل جاكسون تحرش بمجموعة غلمان، فهل حكموا عليه بالسجن كما حكموا على حميدان؟ بطبيعة الحال ذاك أميركي راقص، أما حميدان فهو مسلم سعودي يجب تأديبه! عدد من الأميركان قاموا بعمليات اغتصاب وقتل في العراق واعترفوا بذلك، فماذا فعل بهم القضاء الأميركي؟ ومثل العراق حصل في اليابان وسواها وفي كل هذه الحالات كان القضاء الذي يوصف بالعدالة والنزاهة غير عادل ولا نزيه! القضاء الأميركي قاد حميدان إلى السجن محاطاً بعدد من سيارات الشرطة وكبلوه بأصفاد صاعقة على رغم عشرات الحراس، فهل كل ذلك خوفاً منه أو إهانة له؟ حلقوا لحيته لدواع أمنية كما قالوا، ولكم أن تتخيلوا ما هي هذه الدواعي التي تتطلب حلق لحية مسلم مقيد بالأصفاد الصاعقة؟ أهي دواعٍ أمنية أم الهدف إهانة حميدان وإهانة كل مسلم في شخصه؟! أجزم بأن الهدف ليس موجهاً إلى حميدان بل أراه موجهاً إلى كل مسلم وإلى كل عربي يعتز بقيمه ودينه.
الأميركان يريدون من كل مسلم أن يكون عبداً لهم، ولعل ديمقراطيتهم التي يتحدثون عنها ويريدون فرضها على العالم العربي تتجلى بشدة في هذه الحادثة وسواها! ولأن حميدان ليس قضية فرد بل قضية أمة فإن على الأمة أن تتحرك لاسترداد كرامتها. ما حدث لحميدان قد يحدث لكل شاب مسلم في أميركا، الأميركان أهانوا العرب في سجونهم السرية والعلنية، ولما رأوا العجز العربي توسعوا في الإهانة وقد لا يقفون عند حد معين إذا لم تتحرك الحكومات العربية والشعب العربي كله.
علينا - كشعوب - أن نتحرك بحسب قدراتنا، نقاطع بضائعهم، نتحدث عن جرائمهم، نقاطعهم سياحياً وتجارياً. وعلى حكوماتنا أن تقف مع مواطنيها، وهذا واجبهم إذا كانوا يريدون مواطنين مخلصين.
الحكام الأميركان لا يسمحون لدولة مهما تكن أن تسجن مواطنيهم مهما تكن جرائمهم، والأمثلة كثيرة على تدخلهم الشخصي لصالح مواطنيهم، ومثلهم عدد من القادة الأوروبيين وكلنا سمعنا كيف أن الرئيس الفرنسي قطع زيارة رسمية وعاد إلى فرنسا لاستقبال مواطنه الذي كان سجيناً في العراق. حكامنا يجب أن يتحركوا بكل ما يملكون لإعادة الاحترام إلى شعوبهم وإليهم أيضاً.
حكامنا تحركوا بصورة طيبة يشكرون عليها، والأمل ألا يتوقف هذا التحرك حتى يعود حميدان إلى وطنه، والأمل أن يعي الحكام العرب عموماً وحكام الخليج خصوصاً أن عليهم أن يتكاتفوا لتحقيق الكرامة لشعوبهم في أي مكان ومن دون ذلك لن يكون لشعوبهم ولاء لأوطانهم، وهنا تكمن الخطورة التي لا نريدها
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 1468 - الثلثاء 12 سبتمبر 2006م الموافق 18 شعبان 1427هـ
د.
رحمك الله يادكتور .. وخير ما كتبت قبل موتك
اشتقنا لقلمك
الله مع المظلوم
الله يفك اسره ، ان الله يمهل و لا يهمل
موظوعك جميل
اشكرك لرأيك وتفاعلك وأهتمامك لحميدان
فرج الله كربته واخرجه من الظلم الجائر
ليس كل سعودي مدان كما تقول
حميدان هو من ادان نفسه عندما انتهت تاشيرته
لانه كما نعلم يعمل في مجال الصوتيات ولديه
مكتبه لنشر الاسلام ففتح للحكومة الامريكيه قلقها منه....
وانا هنا ابري حميدان من التهم المنسوبة له
فهناك 100 الف سعودي لم تحدث لهم مشاكل..