شهد سوق العمل الأميركي تذبذبا ملحوظا خلال الربع الثاني ومطلع الربع الثالث من هذا العام. فخلال هذا الشهر سجل معدل طلبات الحصول على إعانة بطالة في الولايات المتحدة، أدنى مستوى له منذ أكثر من شهر، إذ تراجع عدد مقدمي هذه الطلبات بنحو 9 آلاف شخص، على عكس توقعات كثير من الخبراء الاقتصاديين، الذين كانوا يتوقعون تراجعاً طفيفاً في طلبات إعانة الباطلين عن العمل.
وقال تقرير لوزارة العمل الأميركية صدر حديثاً، إن عدد الطلبات الجديدة انخفض إلى 310 آلاف طلب في الأسبوع الذي انتهى في الثاني من سبتمبر/ أيلول الجاري، متراجعاً بنحو 9 آلاف طلب عن الأسبوع الماضي، ليسجل أدنى مستوى له في سبعة أسابيع، منذ 22 يوليو/ تموز الماضي، عندما سجل 229 ألف طلب.
لكن قبل ثلاثة أشهر أظهر تقرير حكومي أميركي ارتفاعاً قياسياً في عدد طلبات إعانة البطالة خلال شهري مايو/ أيار - يونيو/ حزيران، واعتبر ذلك بمثابة مؤشر على أن التباطؤ في الاقتصاد الأميركي قد بدأ يطال سوق العمالة الأميركية.
وأفاد التقرير الذي أصدرته وزارة العمل الأميركية أن طلبات إعانة البطالة بلغت حينها 308 آلاف طلب، بزيادة قدرها 11 ألف عن الفترة التي سبقت ذلك. وتعتبر هذه الزيادة في طلبات إعانة البطالة، الأكبر من نوعها خلال خمسة أسابيع، منذ ارتفاعها بنحو 19 ألف طلب في منتصف مايو.
وقد انعكست أثار هذا التذبذب على مستوى التعاملات في »وول ستريت«، إذ عرفت أسعار كثير من الأسهم الأميركية تذبذبا ملحوظا خلال الفترة ذاتها. كما أدى التذبذب في سوق المال إلى انخفاض أسعار سندات الخزانة الأميركية، وارتفاع ملحوظ غير متوقع في أسعار صرف الدولار.
كما وتشير عقود أسعار الفائدة الآجلة، إلى أن احتمالات أن يقر الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الاتحادي، في 20 من سبتمبر الجاري زيادة في كلفة الاقتراض، بنحو 12 في المائة.
ينبغي أن ننظر إلى هذا التذبذب قد ترافق مع مجموعة أخرى من الظواهر من بين أهمها:
أولا: التراجع الذي عرفته الوظائف في القطاع الصناعي بمقدار 11 ألف وظيفة في أغسطس/ آب الماضي، بعد فقدان 23 ألف وظيفة في يوليو الماضي، وانخفاض الوظائف في قطاع التجزئة بمقدار 14 ألف وظيفة
وثانيا، الارتفاع في قطاع البناء بنحو 17 ألف وظيفة، مع تسجيل زيادة هامشية في عدد الوظائف بأعمال بناء المساكن للشهر الثاني على التوالي، إلى جانب إضافة قطاعي التعليم والرعاية الصحية 60 ألف وظيفة جديدة، وتوفير الخدمات المتخصصة والأعمال 26 ألف وظيفة، فضلاً عن ارتفاع الوظائف في القطاعات الحكومية بنحو 17 ألف وظيفة جديدة.
لكن بعيداً عن العوامل الداخلية التي أدت إلى مثل ذلك التذبذب والذي انعكس، كما أشرنا، سلبا على أداء الاقتصاد الأميركي، هناك السياسة الخارجية الأميركية، والتي عرفت هي الأخرى مجموعة من العثرات غير المتوقعة في مناطق مثل العراق ولبنان، ناهيك عن إيران، والتي انعكست، هي الأخرى سلبا على الاقتصاد الأميركي ككل، لكنها، أي تلك الانعكاسات، كانت أكثر تأثيرا في سوق العمل على سواه من قطاعات الاقتصاد الأخرى.
فهل تتعظ واشنطن من ذلك وتلتفت نحو الداخل، وترافق ذلك بسياسة خارجية متزنة غير متذبذبة مع الدول الأخرى، أم تمعن في غيها فتخسر الساحتين الداخلية والخارجية في آن؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1468 - الثلثاء 12 سبتمبر 2006م الموافق 18 شعبان 1427هـ