أصبح من الطبيعي أن نسمع في أي اقتصاد ما وفي أية دولة كانت عن إفلاس أو انهيار شركات أو مؤسسات إنتاجية صغيرة كانت أو كبيرة وطنية كانت أو أجنبية، أو عن قيام إحدى المؤسسات بتسريح عدد من عامليها أو غلق عدد من فروعها الوطني. وهنا يبرز سؤالان في غاية الأهمية أولهما لماذا تنهار المؤسسات والشركات العاملة في القطاعات الانتاجية، هل السبب ينحصر في الأزمات المالية، أو في الركود الاقتصادي، أو في تلك المشكلات الاقتصادية التي تعرقل نمو المؤسسات كأنخفاض في الطلب على السلع المنتجة، او انحدار في القدرة التنافسية، او انخفاض او ارتفاع في أسعار السلع التي تنتجها تلك المؤسسات او السلع التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني كالنفط مثلاً؟
والسؤال الثاني هو لماذا لا تكون هناك شفافية لدى المؤسسات الخاصة والعامة في توضيح الأسباب الجوهرية وراء انهيار مؤسساتهم او خفض حجم عملياتهم الانتاجية؟ في الدول المتقدمة تعلن الكثير من الشركات عن افلاسها ولكن بعد ان تنكشف جميع الحقائق وتتبين جميع الأساليب والعوامل التي أدت إلى ذلك، وقد يحاسب المدير أو الرئيس أو مجلس الإدارة بل وقد يعتقل ويحاكم ليس فقط عن دوره في انهيار الشركة وانما حتى عن دوره المباشر أو غير المباشر في خسائر مالية تعرضت لها الشركة التي يديرها.
ولدينا في البحرين وبقية دول مجلس التعاون نماذج كثير من تلك المؤسسات التي وعلى الرغم من حجمها وضخامة رأس المال المستثمر وعدد العمالة المستخدمة فيها، الا انها لا تمتلك المقومات الرئيسية التي تؤهلها لمواجهة المصاعب المالية والمتغيرات الاقتصادية والسياسية التي قد تطرأ على السوق بين الحين والحين الآخر. ان هذه المؤسسات ولأسباب بسيطة وغير معقدة تضطر في كثير من الأحيان الى وقف جزء كبير من عملياتها الانتاجية او اعلان افلاسها والانسحاب من السوق، تاركة وراءها عدداً من العمالة الوطنية بعد ان أجبرتهم على الانضمام الى قوافل العاطلين عن العمل، بالإضافة إلى خسائر مالية واقتصادية فادحة للمساهمين وللاقتصاد الوطني، ان انهيار تلك المؤسسات او غلق بعض من فروعها هو في الواقع ليس بالضرورة ناجم عن ازمة مالية دولية او اقليمية او حتى محلية، وليس نتيجة لتطور احدى المتغيرات الاقتصادية، وانما قد يكون لسبب عدم وجود رؤية مستقبلية لدى معظم ادارات هذه المؤسسات، وعدم قدرتها على قراءة المستقبل.
إن إدارة هذه المؤسسات اما انها قد تجهل الكثير من فن الإدارة العصرية او انها لا تدرك اهمية الاستثمار في التدريب الفني والاداري والمعلومات والابحاث والتكنولوجيا، ويتركز ابداع وفن تلك الادارات في الكيفية التي يمكن بها تعظيم الارباح الآتية فقط.
ومن أجل تطور أساسي وجوهري في اقتصادنا ومؤسساتنا الانتاجية يجب أن تكون هناك شفافية في توضيح الأوضاع المالية الحقيقية للشركة او المصانع ولا سيما التي تلعب دوراً رئيسياً في الاقتصاد. إن معرفة تلك الأسباب سيحدد الجهة التي تتحمل المسئولية. كذلك على ادارات المؤسسات الاقتصادية الخاصة أن تكون مؤهلة اداريا وعلميا وذات كفاءة عالية قادرة على استيعاب تقنيات وآليات الاقتصاد العالمي الجديد وتعرف كيف تتعامل مع مختلف الأزمات المالية وخصوصاً غير المتوقعة منها
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1467 - الإثنين 11 سبتمبر 2006م الموافق 17 شعبان 1427هـ