العدد 1466 - الأحد 10 سبتمبر 2006م الموافق 16 شعبان 1427هـ

السياسي الثري

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

يحكى في زمن ليس بعيداً كان هناك سياسي يأمل بأن يصبح ثرياً جداً. وكان أمل ثرائه عالياً لدرجة إنه تحوّل من بيته المتواضع إلى قصر فخم، ومن سيارته القديمة إلى سيارة فخمة مع سائق. لكن تحول أيضاً من حسابه الجاري الفائض إلى قرض هائل.

فلم يتوقع السياسي بأن يبيع مذكراته بأقل من خمسة ملايين دولار، وفوجئ عندما طرح عليه عرض أقل بكثير من هذا المبلغ. ولم يتوقع أيضاً أن يتأثر بقيادته الخاطئة لاقتصاد بلده. لقد تدهور سوق الأسهم وخسر السياسي الكثير من قيمة استثماراته.

هذه »الحكاية« تنطبق على سياسي يلبس بدلة ويحسب أمواله بالجنيهات أو سياسي يلبس وزرة ويحسب أمواله بالدراهم.

تحدثت حديثاً مع أحد الاقتصاديين البريطانيين، إذ ذكر مشكلة مشابهة لأحد السياسيين الأوروبيين. وبين لي بأن هذه حبكة زمننا الحاضر. وهي أن السياسة حقاً تجارة وسلعة تداول عبر القارات وبين الدول والشركات والمصالح الشخصية.

فلم تعد في السياسة الشهامة والكبرياء التي نجدها في صفحات التاريخ. بل هي مجرد طريقة اخرى لجني الأموال والإثراء عن طريق »التعاون« مع من يملك الأموال. فكيف إذاً يمكننا أن نثق بالسياسيين الذين ينصبون شعاراتنا ويتفوهون بآمالنا وحقوقنا؟ كيف علينا أن نثق بشخص يتوقع بأن يبيع مذكراته المنقحة بأموال طائلة؟ وحتى إن كان هو سياسي لبلد غير بلدنا، فنحن سنتأثر بلا شك بتصرفاته والتي تدور بشأن هدف اقتناء المال والثراء أكثر من أي شيء اخر.

قد يكون مجرد حلم ولا غير أن يعمل السياسيون فقط للكهرباء، والماء والوجبات المجانية. لكن يجدر بنا أن نعلم بأنه كلما زاد اعتماد العالم على الاقتصاد كالعامل الوحيد لحل مشاكل البشرية، كلما أصبح العامل البشري في السياسة أكثر أهمية. وهو كذلك لأن من طبع البشر الطمع واقتناء المزيد. وإذا لم نتجرأ بأن نتحقق من أفعال السياسيين في بلداننا وبلدان الغير، فلا نلوم إلا أنفسنا عندما تنقلب الأمور رأساً على عقب.

قد يبدو عمود اليوم هذا في صفحات المال والأعمال في غير مكانه، والأفضل أن يكون في صفحات السياسة. لكن بما أن السياسة هي مجرد وظيفة كأي وظيفة أخرى، وبما أن هي اليوم تتميز بالأموال الطائلة والمنازل الفخمة والمذكرات التافهة والتسويق لشخصية حية وكأنها اسطورية، فهي في مكانها الصحيح.

وعودة إلى سياسي قصتنا، فعامل الوقت كفيل بأن يبين لنا درجة تناقضات هذا الإنسان والتنازلات التي يقدمها مقابل حصوله على الأموال وتسديد ديونه

العدد 1466 - الأحد 10 سبتمبر 2006م الموافق 16 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً