من المستفيد من تأزيم الوضع الاجتماعي وتأجيج نار الفتنة؟ هل أبناء السنة والجماعة على مختلف سلالاتهم وأصولهم، أم أبناء الشيعة على مختلف سلالاتهم وأصولهم؟ أم المواطنون بجميع مذاهبهم وأصولهم وسلالاتهم مستفيدون؟
المحرق ملتقى جميع السلالات والأصول، وفيها رويت نبتة الثقافة الوطنية منذ بواكير القرن الماضي. المحرق إحدى قلاع هذا الوطن. لماذا «يتقصدون» المحرق اليوم؟ ألم يكفهم هذا الإهمال، وضياع هوية غالبية فرجانها بين الآسيويين...؟! ما ذنب وجزيرة «المحرق» لتجني، وأهلها، كل هذا الإهمال والنسيان والشتات؟!
المحرق مدينة ذات غزر ثقافي وطني عميق، وأهل المحرق يتسمون بعادات اجتماعية مناقبية مدنية راقية. تعايش أبناء هذه الجزيرة بمختلف سلالاتهم ومذاهبهم في سلام اجتماعي وفي سكينة عامة؛ كلٌ آمن على نفسه وماله وعياله. وكان السمو الوطني والرقي الأخلاقي خصائص الشخصية المحرقية؛ إذ رفض التمييز ضد الآخر المختلف في اللغة أو الدين أو العرق... أهلنا في المحرق لم ينبذوا بعضهم بعضاً؛ لخلاف طائفي أو عرقي...إلخ من تمايزات متخلفة فرضتها أجندات مختلفة. ولم يكن للحقد والحسد أن يسلك طريقاً يشق صفوفهم، ويحز رباط الوطنية بينهم. هكذا عشنا أوفياء لبعضنا بعضاً على هذه الجزيرة الصامدة؛ بل الفخورة على غيرها من جزر بالتعايش الاجتماعي السلمي بين مختلف الطوائف والأعراق والأصول والمذاهب.
المحرق ستبقى «ملح» البحرين... قامتها تعانق السحاب، بأهلها وناسها وأصلها وجذرها الراسخ في وجداننا... مهما فعل المرجفان المتناوبان في «الجزيرة» ما فعلا، ومهما زمرا، في الصحافة أو الإذاعة أو المجالس الأهلية، لإثارة النعرات العنصرية أو الطائفية بين السكان الآمنين. إن أصحاب مشروع الفتنة لن يحجبوا الشمس بغربال مشروعهم «الفتوني» عن القضية الأساسية وهي «التجنيس»، والذي سيكون لنا معه عودة، إذ هو ملف واقعي وحقيقي له ارتباط جذري بالإنسان البحريني.
وعوداً على بدء، لا بد من كشف القناع عن رؤوس الفتنة، ومعرفة من المستفيد، ومن يقف خلف هذه الدعوات؟! كفاح آبائنا وأجدادنا ونضالهم وتضحياتهم في المحرق كان لأهل المحرق والبحرين عامة، لم تحركهم ما يتحرك عليه البعض ويسيل لعابهم لأجله... إحدى أمنياتي في الحياة أن تصمد الخصائص والسمات الاجتماعية للمحرق وأهلها، ويُبطل الله كيد المرجفين في المدينة البطلة ذات الجذر الأصيل؟
«عطني اذنك»...
إلى وجهاء وأعيان وأهلنا جميعاً في «حالة بوماهر»، ويوسف بن حسن العربي خصوصاً، نرجو التحرك لاحتواء موضوع المواطن عيسى سلمان عدوان ومحاصرة أسباب الفتنة قبل اشتعالها، فالمواطن عيسى له حرية العقيدة والعبادة، كما لغيره، وله حق الاحتفاظ بملكيته كما لغيره، وله حق الأمان، كما لغيره... أتمنى احتواء المشكلة الاجتماعية الخاصة بالمواطن عيسى، وسرعة التحقيق من قبل السلطات المختصة في الاتهامات الصادرة منه ضد آخرين... لا نريد أن تكون فتنة فـ «معظم النار من مستصغر الشرر».
أخي وعزيزي إبراهيم يوسف الدوي (حكم كرة القدم السابق وليس العضو البلدي) لم يرد السماح لي بالحديث عن التجنيس! فقلت له: إن موضوع التجنيس ذو صلة بموضوع بيع وشراء العقارات في المحرق وهذا رأيي، فقال: إن لدي «توجيهات» بألا أحد يتكلم في مجلس «الدوي» عن التجنيس!
فيا «حبيبي» إبراهيم، العقوبة شخصية، وأنا مسئول عما أقول وأكتب ولست أنت أو غيرك. أما «التوجيهات» فهي تلزمك أنت ومعك من يعتنق فكرة السير بحسب التوجيهات. أما فيما يخصني (كاتب السطور، ومثلي وغيري الكثيرون) لسنا في حاجة إلى توجيهات من أحد للحديث عن آلام الناس ومشكلاتهم الحقيقية
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1466 - الأحد 10 سبتمبر 2006م الموافق 16 شعبان 1427هـ