العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ

بعد الهزيمة... عودة إلى ملفات المفاوضات والأسرى

تحاول الصحف العبرية استطلاع فرص الحصول على مكتسبات فشلت الحكومة الإسرائيلية في الحصول عليها في الحرب العدوانية على لبنان. والمطلوب برأي البعض صوغ استراتيجية دبلوماسية جديدة بعد إجراء مراجعة لكل ما تحقق على الصعيد الدبلوماسي منذ مؤتمر مدريد ولكن بما يحفظ مصالح «إسرائيل» وبالتأكيد يجب تجنب المفاوضات مع طهران بل يجب توجيه الدبلوماسية الدولية نحو فرض عقوبات عليها بعد انتهاء الحرب التي برأيهم «صنعت في إيران». وأعاد فيلم وثائقي عرضته محطة تلفزيونية لبنانية عن عمليات الأسر لجنود إسرائيليين ويتعرض للطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد، السجال الإسرائيلي الداخلي عن الأسرى إلى بداياته في رحلة البحث عن الأسلوب الأنجع للتخلص من «بلاء الاختطاف» مع الإقرار بأن الحرب الأخيرة فشلت حتى في هذا المضمار، بينما تتزايد حدة الجدل الداخلي على مسئولية رئيس الحكومة ووزير الدفاع عن إخفاقات الحرب إذ يتكاثر الحديث عن مهزلة أولمرت وبيرتس.


بحث عن دبلوماسية مضادة لإيران

ودعت «جيروزاليم بوست» الدولة العبرية (إسرائيل) إلى وضع استراتيجية دبلوماسية عامة بعد إجراء مراجعة لكل ما تحقق على الصعيد الدبلوماسي منذ مؤتمر مدريد الذي انعقد قبل 15 عاماً. وأوضحت أن إعادة تصويب السياسة الدبلوماسية ضروري على وقع تداعيات الحرب على لبنان، ونظراً إلى انهيار خطة فك الارتباط مع الضفة الغربية التي كان أعلنها رئيس الحكومة إيهود أولمرت. وأشارت إلى أنه بعد انتهاء الحرب التي «صنعت في إيران» وخاضتها «إسرائيل» ضد حزب الله الذي وصفته بأنه كان مجرد كتيبة في الجيش الإيراني في لبنان، أصبح من الملح وضع الدبلوماسية في إطارها المناسب والصحيح. لكنها شرحت أن المقصود هنا ليس تحقيق السلام مع النظام في طهران بل توجيه الدبلوماسية الدولية نحو فرض عقوبات على طهران من أجل إنقاذ الغرب من الوقوع في فخ الاختيار بين الاستسلام إلى إيران أو مهاجمتها عسكرياً. أما مع العرب فإن الهدف يختلف فالهدف هو دفع الدول العربية إلى وقف الجهاد ضد الدولة اليهودية شرطاً لتحقيق السلام بين «إسرائيل» والعرب كما كان ألمح جورج بوش الأب في مؤتمر مدريد العام 1991.


مهزلة أولمرت

وكتب ألوف بن مقالاً في «هآرتس» تحت عنوان: «مهزلة أولمرت» إذ انتقد أولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس لتسرعهما في إعلان تعيين لجان تحقيق من دون أي تنسيق بينهما، معتبراً أن هذه العجلة ذكّرت بتسرعهما في شن الحرب على لبنان. واتهم الرجلين بأنهما مستعجلان لإسكات الأصوات المطالبة باستقالتيهما ولمنع تعيين لجنة تحقيق قانونية رسمية ذات صدقية. وكتب أن الجهود المرتبكة التي يبذلها القادة السياسيون في «إسرائيل» للعثور على شخص تسند إليه مهمة التحقيق في ملابسات الحرب على لبنان، هذه الجهود تثبت الحاجة إلى مثل هذا التحقيق. وأوضح أن هذا الارتباك بدأ بالمهزلة التي تسبب بها بيرتس الذي سارع إلى تعيين لجنة تحقيق برئاسة أحد مستشاريه (رئيس الأركان السابق آمنون شاحاك) للتحقيق في أداء المؤسسة العسكرية. وتواصلت هذه المهزلة مع إخفاق أولمرت في اختيار أعضاء لجنة أدموني (الرئيس السابق لجهاز «الموساد» ناحوم أدموني) التي ستفحص آلية اتخاذ القرارات في الحكومة وأداءها خلال الحرب.


المقايضة الصعبة

من جهته، علق إسرائيل هاريل في «هآرتس» على الفيلم الوثائقي «المقايضة الكبرى» الذي بثته «المؤسسة اللبنانية للإرسال» والذي يتضمن شريطاً مصوراً عن الطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد. فرأى في توقيت بث الفيلم رسالة إلى «إسرائيل» مفادها أنها إذا منحت حزب الله الآن الثمن الذي يطلبه فإن مصير الجنود «المخطوفين» لن يكون مثل المصير المزري لآراد. ولكن هاريل، ذكّر بأنه أثناء عملية التبادل الأخيرة أطلق شارون سراح مئات «الإرهابيين» على حد وصفه مقابل المجرم ألحنان تننباوم (يغفل هاريل هنا أن «إسرائيل» تسلمت رفات ثلاثة جنود قتلى مقابل إطلاق عدد من الأسرى العرب واللبنانيين في السجون الإسرائيلية) فسأل عن حجم الثمن الذي سيدفعه أولمرت هذه المرة مقابل تحرير جنديين إسرائيليين (حيين هذه المرة). وأشار في هذا السياق إلى أنه لابد من الإقرار بأن أولمرت حاول كسر هذه الحلقة المفرغة عندما شن الحرب على لبنان، ولكن إخفاق هذه المحاولة لا يعني عدم وجود وسيلة أخرى لتحرير الجنديين. وأوضح أنه بإمكان أولمرت أن يستعيد بعضاً من صدقيته وأن يغير قواعد لعبة الاختطاف إذا ما رفض إطلاق سراح عدد كبير من «الإرهابيين» مقابل الجنديين المأسورين لدى حزب الله والجندي الآخر الموجود في قبضة «حماس». وخلص إلى أنه بهذا الرفض فقط يمكن لـ «إسرائيل» أن تسترجع قوتها الرادعة والتخلص من بلاء الاختطاف.


بعد الهزيمة... تبادل الأسرى حتمي

مازالت يشغل الصحف العبرية نتائج الحرب العدوانية على لبنان وعلى رأسها قراءة دروس الهزيمة التي حلت بالجيش الإسرائيلي ويأخذ حيزاً كبيراً من اهتمامها موضوع لجنة التحقيق الرسمية التي ستتولى درس إخفاقات عمل الحكومة. ومع الإقرار بأن ردود «إسرائيل» على اختطاف جنودها في لبنان وغزة لم تؤت أية ثمار، يرى الجميع ان الدولة العبرية بأمس الحاجة إلى تحقيق قانوني للحؤول دون تحول التحقيق إلى مهزلة. لكن هناك من يرصد تداعيات هذا الفشل على مسألة المفاوضات بشأن استرجاع الأسرى إذ لم يعد بإمكان «إسرائيل» إلاّ الرضوخ لمسألة التبادل مادامت لم تحصل على نتيجة من هجومها العسكري وبالتالي فهي مضطرة لتحرير مئات الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين.


الرد الإسرائيلي لم يؤتِ ثماراً

فقد اعتبر عاموس هاريل في «هآرتس» ان الردود الإسرائيلية على عمليات اختطاف جنودها في لبنان وغزة لم تؤت أية ثمار. وأوضح انه على رغم الدرس القاسي الذي لقنته «إسرائيل» لأعدائها في لبنان وقطاع غزة، فإن الرد العسكري لم يقنع اللبنانيين والغزاويين بضرورة إطلاق الجنود من دون الحصول على شيء في المقابل. فمقابل تحرير هؤلاء الجنود ستجد الحكومة الإسرائيلية نفسها مضطرة إلى إخلاء سبيل مئات الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين. ورجح حصول عملية لتبادل الأسرى في المستقبل بين «إسرائيل» ولبنان من جهة و«إسرائيل» والفلسطينيين من جهة أخرى، ولكنه توقع تأخيراً على صعيد الملف اللبناني الإسرائيلي نظراً إلى وجود بعض العراقيل مثل مصير المعتقل اللبناني يحيى سكاف الذي تقول «إسرائيل» إنه قضى خلال العملية المسلحة التي نفذها مع 10 عناصر آخرين ضد حافلة ركاب إسرائيلية في نهاريا العام 1978 (عملية دلال مغربي)، فيما يؤكد حزب الله وعائلة سكاف أنه مازال على قيد الحياة وهو موجود في سجن إسرائيلي سري.


لغز الجنود الإسرائيليين

في المقابل استبعد هاريل، أن تصر «إسرائيل» خلال مفاوضات التبادل على معرفة مصير الجنود الإسرائيليين الثلاثة الذين شاركوا في معركة السلطان يعقوب في العام 1982 أو مصير الطيار المفقود رون آراد. وفي السياق أشار إلى البرنامج الوثائقي الذي ستبثه المؤسسة اللبنانية للإرسال بشأن آراد، فاعتبر أن المغزى من هذا البرنامج هو إيصال رسالة إلى «إسرائيل» مفادها ان مصير الجنديين الإسرائيليين سيتحول إلى لغز إذا لم تتحرك «إسرائيل» لإطلاقهما. أما على الصعيد الإسرائيلي الفلسطيني فلم يتوقع هاريل، أية عراقيل نظراً إلى إدراك القيادة الإسرائيلية بأن التوصل إلى معالجة قضية الأسير الإسرائيلي ضروري جداً للتوصل إلى نوع من الاستقرار على الجبهة الفلسطينية.


الحاجة للتحقيق القانوني

وفي افتتاحية تحت عنوان «نحن بأمس الحاجة إلى تحقيق قانوني؟» انتقدت «هآرتس» الجهود التي تبذلها الحكومة الإسرائيلية لعرقلة قيام تحقيق جدي في ملابسات الحرب على لبنان خصوصاً ان هذه الجهود أدت إلى بعثرة التحقيق عبر إنشاء عشرات اللجان الموكلة التحقيق في هذه الحرب بدءاً بلجان عسكرية مروراً بلجان تابعة لوزارة الدفاع وأخرى عينتها لجنة الخارجية والعدل في الكنيست وأخرى سيشكلها المدعي العام وصولاً إلى لجنة يسميها رئيس الحكومة. من هنا شددت على أهمية تشكيل لجنة تحقيق قانونية للحؤول دون تحول التحقيق في الحرب إلى مهزلة، ولتفادي تردد الشهود الإدلاء بشهاداتهم خشية لعدم تأمين الحصانة التي لا تمنحها إلا لجنة يرأسها قاض. وأضافت ان هذه اللجنة ضرورية لإظهار عدم الاستخفاف بالآباء المفجوعين بأبنائهم الذين سقطوا في المعركة، وكي لا تشهد الحرب المقبلة على عذاب جندي بتر أحد أعضائه خلال المعارك واكتشف ان المسعف لا يملك مورفين بسبب الإخفاق اللوجستي.


النمط الجديد من تحقيق «الحرب»

وشددت الصحيفة على ان هذا التحقيق في غاية الأهمية للكشف عن سبب عجز أفضل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وأكثرها كلفة عن معرفة ما يجري على بعد مئات الأمتار من الحدود، وكذلك الكشف عن ظروف المستوطنين عندما قرر رئيس الوزراء تعريض مناطق الشمال لصواريخ حزب الله، ولمعرفة المسئولين الذين لاذوا بالفرار من المدن التي تعرضت للهجمات. وخلصت إلى ان التحقيق مع الحكومة والجيش والجبهة الداخلية معاً ليس ممكناً سوى من خلال لجنة تحقيق قانونية يعين أعضاؤها استناداً إلى خبرتهم في هذه المجالات ويرأسها قاضٍ كبير مطلع وقادر على منح الشهود حصانة تكفل حمايتهم. وختمت بالقول انه تم في السابق إنشاء لجان تحقيق قانونية في قضايا أكثر هامشية من الحرب، لذلك من الصعب معرفة سبب المسعى الرسمي الإسرائيلي لاختلاق نمط جديد من التحقيق في الحرب الأخيرة

العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً