يشير مقتل الصحافي السوداني محمد طه إلى زيادة في نفوذ المتطرفين بالخرطوم، وإلى أن المسئولين عن مقتله متشددون مختلفون مع الحكومة.
وخطف رئيس تحرير صحيفة «الوفاق» محمد طه الذي أغضب الإسلاميين في السودان وعثر على جثته مقطوعة الرأس ملقاة في أحد الشوارع يوم الأربعاء.
ولم تعلن أية جهة مسئوليتها. وتقول الشرطة إنها اعتقلت بعض المشتبه فيهم، كما عبّر الرئيس عمر حسن البشير عن تعازيه لأسرة طه.
وسلط الحادث الضوء على التوترات السياسية في الخرطوم مع اتجاه الحكومة نحو الصدام مع المجتمع الدولي بشأن رفضها القرار الذي أصدره مجلس الأمن الأسبوع الماضي والذي يقضي بنشر أكثر من 20 ألف جندي وشرطي تابعين للأمم المتحدة في إقليم دارفور بغرب السودان.
ومع تصاعد الضغوط الدولية اتخذت الخرطوم إجراءات صارمة ضد المعارضة في الداخل ودعت إلى الوحدة الوطنية ضد ما تصفه بأنه «تهديد خارجي».
ويقول زملاء طه إنه بدأ يوجه انتقادات إلى سياسة الحكومة بشأن دارفور وبشأن ارتفاع الأسعار حديثاً لسد العجز في الموازنة. وكانت انتقادات طه لإسلاميين آخرين تسببت في تعرضه لمحاولة اغتيال في التسعينات.
وقال بعض المحللين إن مسئولين حكوميين متشددين ربما كانت لهم صلة بالجريمة.
وقالت المحللة المختصة بشئون إفريقيا بمؤسسة «كاتهام هاوس» أليكس فاينز: «الحكومة السودانية ليست كتلة واحدة... من المحتمل أن يكون ذلك مؤشراً على وجود انقسام». وأضافت «ربما يوجد أفراد (متورطون) داخل الحكومة».
واتفق عضو معهد العدالة الإفريقية البحثي حافظ محمد معها، قائلاً: «إن العنف ضد المعارضين السياسيين لهذه الحكومة ليس جديداً».
وأغضب مقتل طه، إلى جانب عودة ظهور الرقابة على الصحف، الكثيرين من الصحافيين الذين دعوا إلى استقالة وزيري الدفاع والداخلية.
وجاء الرئيس البشير إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في العام 1989. وفرضت حكومته بالتعاون مع منظره الروحي الشيخ حسن الترابي أحكام الشريعة الإسلامية، إلى أن حدث صراع على السلطة وانقسام مع الترابي في ديسمبر/ كانون الأول 1999.
ومنذ ذلك الحين، لعب المتشددون الإسلاميون دوراً أصغر في السياسات، كما تراجعت صرامة تطبيق الشريعة الإسلامية وخصوصاً بعد توقيع اتفاق سلام بين الشمال والجنوب في يناير/ كانون الثاني 2005.
غير أن بعض زعماء الإسلاميين في الخرطوم قالوا خلال الأسابيع الأخيرة إنهم يتفقون مع الحكومة إذ انضموا إليها على رفض نشر قوات تابعة إلى الأمم المتحدة في دارفور. وتعهد البشير بقيادة المقاومة ضد قوات الأمم المتحدة شخصياً.
وتعتبر الخرطوم وجود قوات الأمم المتحدة في دارفور غزواً سيؤدي إلى مستنقع على غرار ما يحدث في العراق وسيجذب مقاتلين أجانب لمحاربة القوات الغربية.
وتصاعد العنف في دارفور. ويقول خبراء إن الحكومة شنت هجوماً جديداً ضد المتمردين الذين يعارضون اتفاق السلام الذي وقع في مايو/ أيار.
ويقول معلقون إن هناك أيضاً عودة لظهور القمع السياسي في الخرطوم من جانب حزب المؤتمر الوطني المهيمن على الحكومة. واستخدمت الشرطة العنف لتفريق احتجاجات سلمية إذ قامت بضرب المتظاهرين وألقت قنابل مسيلة للدموع عليهم.
وقال السياسي السوداني المعارض مبارك الفاضل إن حزب المؤتمر الوطني وجهازه الأمني يفعلون ما يحلو لهم غير مبالين باتفاقات السلام وبشركاء الحزب في الحكومة.
اوفيرا مكدوم
صحافي في «رويترز
العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ