معظم الصور التي تقدمها الفضائيات، كوجبة «الهامبرغر» التي غزت مطبخنا الغذائي، وأدمن عليها الصغار والكبار، وأصبحت وجبتهم المفضلة، وجبة خالية من الفائدة الغذائية، تماماً كبرامج «الهامبرغر» التي نراها على الشاشة، وتطرح قضايا ملحة للنقاش من أمثلتها موضوع «الحب الأول» و«الزواج بأخرى»، و«حالة الملل»، وموضوعات «مايونيز» تطرح لكي تضفي نكهة على فقر البرامج، وإفلاس المعدين، وبعدهم الحقيقي عما يحدث من صور مأسوية في وطننا العربي. فالواقع في واد، والإعلام يطبل في واد آخر مختلف، عما يحدث.
مجتمعاتنا تعاني تهديدا مباشرا في الهوية والثقافة، وتتعرض لحرب جديدة مقنعة باسم العولمة، تحاول أن تقضي على ما تبقى من الجذوة، وتسحب الخيط الرفيع الذي يربطنا بشخصياتنا وبانتمائنا، وهي تعاني من تراجع مفرغ في القيم، وضبابية كبيرة في مفهوم الأخلاق، الذي أصبح يحدد بنوع الحرية السائدة، التي تشكل الأخلاق وفقا لمنظورها.
في عالمنا العربي يحصل ما لا يحدث في عالم آخر، شح في الوظائف، وتخمة في الخريجين، وبطالة وعنوسة وطلاق، وتعليم يرزح في أمية الوسائل وطرق التدريس، وتراجع في قيمة المعلم، وانتشار للدروس الخصوصية التي أصبحت تبيع التعليم والنجاح، لمن يستطيع أن يدفع أكثر. ولعالمنا قضية أزلية وصراع عقائدي ومصيري وعدو رابض بقوة على جسد هذه الأمة، من دون أن يحرك الجسد ساكنا. كل تلك الجوانب المظلمة تتوارى أمام برامج سطحية، تعمل على تدوير التخلف في التعامل مع تلك القضايا، وأغانٍ هابطة، تصدرت الإعلام العربي، كما تتصدر «الهامبرغر» مائدتنا العربية
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1464 - الجمعة 08 سبتمبر 2006م الموافق 14 شعبان 1427هـ