يسألنا البعض غير المراقب أو المتابع لملف التعليم التطبيقي، بعد ان يسمع عن الصيحات التي تنادي بأهمية متابعة ملف التعليم التطبيقي والتخوف منه، وهم معذورون حتما عندما يسألون: لماذا التحفظ على كلية التعليم التطبيقي؟
على رغم ما يسمعون أيضا من كلام المسئولين في جامعة البحرين بأنها ستساهم بتضييق الفجوة ما بين مخرجات التعليم وسوق العمل، من خلال تخريج فنيين سيتم إحلالهم بدل العمالات الوافدة وبالتالي التقليل من فرص التعطل والبطالة في صفوف العاطلين عن العمل والتي تعد من أمهات المشكلات في البحرين، كما أن الجامعة بتوجهها هذا أعطت مجالاً رحباً وواسعاً أمام غالبية الطلاب المتخرجين من الثانوية العامة القبول في الجامعة، بعكس ما كان يحصل في السابق.
ولهؤلاء نحاول الإجابة عن تساؤلاتهم من خلال طرح الهواجس والمخاوف التي تكتنف كلية التعليم التطبيقي والتي تزامنت مع قبول الطلبة الهائل الذي يقدر بـ 68 في المئة من الطلبة المقبولين في جامعة البحرين لهذا العام 2006/ 2007، وعددهم 3000 طالب في كلية التعليم التطبيقي، والتي تتضح من خلال إصرار الجامعة على تنفيذ خططها الرامية إلى المضي قدما باتجاه التعليم التطبيقي على رغم الذي عليه من ملاحظات من قبل الشارع، إليكم إياها : وجود الطلبة في كلية التعليم التطبيقي بخلاف الأوامر الملكية السامية التي أكد من خلالها الملك أهمية حق الطالب المتخرج من الثانوية العامة و الحاصل على معدلات 70 في المئة فما فوق الدراسة في الجامعة بالتخصص الذي يرغب فيه، في حين أن الواقع يشير إلى قبول 3000 طالب في تخصصات لا تمت إليهم بأي صلة لا من حيث الميول ولا الرغبات ولا حتى القدرات، والأغرب والأدهى أن استمارة التسجيل للجامعة قد خلت من وجود هذا التخصص بين التخصصات الأخرى المطروحة، مما سبق يتضح بأن الأوامر الملكية في جهة والواقع العملي في جهة أخرى، كما أن نظريا الطالب الحاصل على 70 في المئة فأقل يقبل في كلية التعليم التطبيقي أو أن الطلاب متدنيي التحصيل إلى جانب طلاب الصناعي، عمليا جميع الطلبة الحاصلين على 70 في المئة فأكثر قبلوا في الكلية بغض النظر عن تخصصاتهم ومستواهم التحصيلي باستثناء أدائهم في اختبارات القدرات لا وفق المعدلات التراكمية الذي جد الطالب واجتهد بغرض الوصول إلى ما وصل إليه، كما أن نتائج اختبارات القدرات ذاتها مشكوك في أمرها لأنها غير معلنة وليعذرنا المسئولون فالعصر الذي نعيش فيه يهمنا أن يكون عصر الشفافية والوضوح، من الهواجس الأخرى التي تأخذ أهمية بالغة الطاقم التعليمي القائم على تدريس الطلبة فهم غير مؤهلين بشهادة الطلاب الحاليين فهم اما من حملة شهادات البكالوريوس أو فنيو مختبرات، كما أن التجهيزات المفترض توفرها غير مستوفية علاوة على أن المناهج والكتب أيضا غير جاهزة، وبالتالي لا توجد استعدادات خاصة لاستقبال الكم الهائل من الطلاب.ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل الإيحاءات السلبية التي لازمت تصريحات المسئولين في الجامعة والتي كانت تطلق في محاولات جادة للترويج للكلية على حساب مشاعر الطلاب ناسين ومتناسين أهمية البعد النفسي وإرهاصاته، إذ نعت الطالب بالفشل وعدم قدرته على النجاح فكيف لنا أن نستقبل الطلاب الجدد بهذه النفسية ؟ هذا إلى جانب عدم وضوح المعايير التي تعتمدها الجامعة في توزيعها للطلبة في التخصصات المتعلقة بالكلية وعدم توفر قدر كاف من المعلومات الواضحة بشأن الاعتراف بالبرنامج دوليا، ومع ذلك لم تنتهج الجامعة سياسية التدرج في قبول أعداد المقبولين في الكلية ففي العام الماضي على سبيل المثال تم قبول عدد قليل وفي هذا العام نجد ان الأعداد تتضاعف بشكل رهيب من دون النظر إلى تقييم الكلية أو تغذية راجعة، الجامعة تؤكد أن التعليم التطبيقي حاجة ماسة لاتساع الفجوة بين التخصصات المطروحة وسوق العمل، ولكن لا دراسات جدوى تؤكد ذلك وكان حرياً على الجامعة أن تعد الدراسات، كما أن المراقبين يرون بأن التعليم التطبيقي جاء كنسخة مطورة من التعليم المستمر على رغم تصريحات المسئولين بعدم نجاح الأخير للأسباب التي لا تعلمها سوى الجامعة نفسها، وعلى رغم أنه قد يمتاز بمميزات قد لا تتوفر في التعليم التطبيقي واقعا، ولا توجد ضمانات تتعلق بقدرة الطلاب على الانتقال من الدبلوم المشارك إلى البكالوريوس و شروط ومعايير القبول للانتقال لشهادة البكالوريوس غير محددة وغير معلن عنها وبالتالي هناك مخاوف من صعوبة تحقيقها. ارتفاع كلفة الرسوم الجامعية في الكلية مقارنة بالبدائل الأخرى المطروحة على رغم توفرها في المعاهد التدريبية برسوم دراسية و مدة زمنية أقل، بل وبإدارة مدرسين أكفأ مما هو متوافر في الجامعة، كما أن 66 ساعة فقط هي الساعات المقررة التي يدرسها الطالب، وتتركز بالأساس على الإطار النظري وقلة التركيز على الجوانب التدريبية، ما يطرح تخوفاً جديداً وهو الانتهاء من الدراسة من دون تحقيق مستوى لائق ليستطيع الطالب لاحقا الانخراط في سوق العمل، وعدم توافر معلومات وحقائق مفيدة عن الكلية والتخصصات المطروحة فيها على رغم حداثتها بما في ذلك موقع الجامعة الالكتروني يشكل تحدياً كبيراً أمام الطلاب فكيف لهم أن يقرروا مصيرهم وعدم الشفافية والوضوح يخيم على البرنامج والكلية من كل جانب؟
كل تلك المخاوف أو التوجسات التي ذكرت آنفا جزء يسير وبسيط من المخاوف الكبيرة التي إلى الآن لم ترصد بعد، وسيتم حصادها بعد انتظام الطلاب في الكلية وبعد أن يقع الفأس في الرأس، لذلك أنصح الطلاب بالبحث عن فرص أفضل من خلال المؤسسات التعليمية الأخرى بدلا من الاتجاه نحو المجهول
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1464 - الجمعة 08 سبتمبر 2006م الموافق 14 شعبان 1427هـ