ترك البرلمان العراقي كل المشكلات التي تعاني منها البلاد التي ترزح تحت نيران الاحتلال وانبرى لمناقشة قضية الفيدرالية أو تقسيم العراق لأقاليم الأمر الذي يعتبر قفزا على الواقع المر الذي يعيشه المواطنون وخطوة قد تؤدي إلى تصعيد وتعقيد الوضع الأمني المتفجر أصلاً.

وحاول بعض النواب إثارة الموضوع في جلسة الأمس التي كادت أن تشهد عراكاً بين الكتل المختلفة لولا تدخل رئيس المجلس الذي استدعي حراس الأمن في البرلمان للسيطرة على الوضع كما طرد التلفزيون العراقي من قبة البرلمان لمنعه من مواصلة تغطية الجلسة العاصفة.

ويجيء طرح هذه المسالة في وقت يعيش العراق ظروفاً دقيقة وسط مخاوف من اندلاع حرب طائفية إذ توجد حالياً حال من التوتر بين السنة والشيعة يؤججها تنظيم «القاعدة»، بالإضافة إلى توترات بين السنة والشيعة من جهة والأكراد من جهة أخرى بشأن العلم العراقي والتلويح بانفصال إقليم كردستان.

لسان حال المواطن العراقي العادي يقول إن من الأفضل للبرلمان أن يتفرغ النواب الكرام لمناقشة قضايا الأمن وتحقيق المصالحة وتحسين الأوضاع الحياتية والاقتصادية بدلاً من الخوض في مناقشة قضايا تعد ترفاً في الوقت الراهن.

من حق العراق ونواب العراق أن يطرحوا ما شاءوا من بنود للنقاش في البرلمان وهم ممثلون شرعيون منتخبون ديمقراطيا ولا مجال للمزايدة أو التقليل من وطنيتهم، لكن هناك أولويات تحتم أن تحظى بالاهتمام، وهناك موضوعات حساسة ينبغي أن يوفر لها المناخ المناسب لكي تناقش، وعندها يمكن أن يقرر البرلمان شكل الحكم الذي يريد للعراق من دون أن يؤدي ذلك لخلق حال من الاستقطاب المضاد يضيع كل الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية