هل ستطالب جمعية «الوفاق» بأحقيتها في الحصول على رئاسة المجلس، فيما ترتفع بعض الأصوات التي تنادي بأن تركز الوفاق على رئاسة اللجان، والتي تعتبر في الواقع ذات أهمية اكبر، فيما علق أحد نواب الوفاق - رفض ذكر اسمه - بأن رئاسة المجلس لا يعدلها شيء، وأن كتلة الوفاق والتي تعتبر الأكبر هي الأحق بالرئاسة...!؟
فعلاً، القادمون الجدد لا يمتلكون الغالبية المطلقة، لكنهم يمتلكون الكتلة النيابية الأكبر والأكثر اتساقا بين أفرادها، وعلى رغم أن أكبر أقطاب المعارضة - جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بـ 14 مقعداً - ستمثل الكتلة الأكبر داخل البرلمان، فإن أي تحالف لباقي القوى سيكون باستطاعته أن يطيح بأحلامهم من أعلى.
إن شيئاً لا يعدل ثقل منصب الرئيس إن مضى، رجل سيادة للدولة، وممثل رسمي للبلاد أينما ذهب، إن أمسكت المعارضة بالرئاسة فسيكون على الحكومة أن تتحمل مسئولية التعامل مع مجلس نيابي لا يفوت فرصة ما نحو عقد جلسات الطوارئ، ولا يغادر صغيرة أو كبيرة ضد الحكومة إلا أحصاها وخصص لها جلسة وجلستين، وعوض لجنة التحقي
الواحدة اثنتين.
الحكومة تدرك ذلك، والمعارضة كذلك، تدرك تمام الإدراك أن التنازل عن رئاسة المجلس لابد ان يكون من ورائه صيد ثمين لو كانوا يعقلون.
في استشرافات المستقبل، إما أن تتم عملية التوافق على المنصب داخل المجموعة النيابية بشتى أقطابها وممثليها، فيتقاسم القوم المناصب بالمعادلة، كأن تعدل رئاسة اللجان ونيابة الرئيس من جهة رئاسة المجلس من جهة أخرى، أو أن تدخل السلطة التنفيذية على الخط فاعلاً رئيسياً في الملف.
وفي الحقيقة ان مجلساً نيابياً برئاسة نائب من جمعية الوفاق/ الشيخ علي سلمان يعادل «مصيبة» من الطراز الأول ومن أول جلسة، فبقاء الحال - مجلس قادم/ رئاسة الرئيس الحالي خليفة الظهراني - أهون على الحكومة ولو أنكرت ذلك، وإن كانت كتلة المعارضة ممصقلة بالوفاق وحلفائها ستفعل فعلتها بعد حين، اليوم أو غداً.
آخرون يعتقدون أن العادة جرت على أن تكون رئاسة المجلس «سنية» قبالة رئاسة مجلس الشورى والتي لابد أن تكون «شيعية»، وأن رئاسة مجلس الشورى دستورياً أكثر وقاراً وحضوراً من رئاسة الغرفة المنتخبة، فرئاسة مجلس الشورى تعني بالضرورة رئاسة المجلس الوطني، والذي سيعقد في الدورة القادمة مرات ومرات.
وعليه، فإن على الوفاق ألا تطمح إلى حصول على رئاسة المجلس النيابي حتى تبقى رابع شخصية في الدولة «شيعية» بالتوافق.
البعض الآخر يعترض، فرئاسة مجلس الشورى لها شروطها وظروفها، التي لا تتلاءم مع خصائص المعارضة وظروفها وخطابها، وعصفور في اليد خير من ألف على الشجرة. وعليه، تبقى رئاسة مجلس النواب الأكثر أهلية/ لياقة بالقادمين الجدد للحياة الدستورية في البحرين عوض التغني الشكلي بالشخصية الرابعة في الدولة.
معركة الداخل «سيناريوهات مفتوحة»
من الداخل، على نواب جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أن يحسموا أمرهم منذ الآن، فإما أن يقبلوا برئيس للمجلس تختاره كتلتا الآصالة والمنبر الإسلامي على أن يكون لهم حق الحصول والتفرد بلجنتين نيابيتين (أهمها لجنة الشئون المالية والاقتصادية) والمشاركة في الثالثة، أو أن يدفعوا بترشيح أمينهم العام الشيخ علي سلمان لرئاسة المجلس والتنازل ضمنياً عن رئاسة اللجان أو حتى التفرد بها.
كلا الحالين تحتويان قدراً من التضحية، فرئاسة المجلس لها لعبتها التي ستخدم المعارضة بقوة، ورئاسة اللجان خصوصاً لجنة الشئون المالية الاقتصادية لها محوريتها في العمل النيابي داخل المجلس خصوصاً فيما يتعلق بالموازنة المالية للحكومة، فمن يمسك برئاسة اللجنة المالية فعلياً هو من بمقدوره أن يتحكم - ولو جزئياً - بموازنة الدولة ومصروفاتها، والوفاق بلا شك ستطمح لذلك مبدأيا حتى تبرر لجمهورها خيار المشاركة عبر بعض المنجزات والحلول هنا وهناك لبعض المشكلات المتفاقمة في شارعها السياسي.
«الوفاقيون» لم يصدروا حتى الآن أية إشارات واضحة حيال معركة الرئاسة، ولا ندري إلى أي الخيارات باتوا أقرب، إلا أن هذا الملف المهم لابد أن يكون قد مر على أذهان الوفاقيين، وان سيناريو معيناً قد تم وضعه لما نعلم ماهيته حتى الآن.
من جهة أخرى، تبقى تصريحات رئيس مجلس النواب السابق خليفة الظهراني، والتي أعلن فيها نيته للترشح لرئاسة المجلس أولى علامات التنافس الداخلي على معركة الرئاسة، هذا ما يؤكد أن النواب من باقي الكتل النيابية مضافا لهم المستقلون ليسوا مستعدين لتسليم منصب الرئاسة للوفاق من دون خوض صراع حقيقي.
وهذا ما يحيل إلى أن الوفاق مطالبة بإرسال إشارات سريعة تتضمن رؤيتها واستراتيجيتها بشأن هذا الملف. قد تطلب الوفاق وتتمسك بالرئاسة في البدء، لتقبل في النهاية بتسوية تكون لمصلحتها كلياً، فلا تتنازل على رئاسة المجلس إلا بعد أن ترهق خصومها بتنازلات مجزية، وسيناريوهات هذه اللعبة القادمة مازالت مفتوحة على مصراعيها.
الأنباء التي تحدثت عن ترشيح النائب السابق عادل المعاودة للرئاسة اصطدمت برفضه الإعلان عن نيته للترشح حتى الآن، كما يظهر لنا بجلاء أن المعاودة ليس مقبولاً حكومياً بالشكل الكافي والمطلوب لهذا المنصب، ومن الصعب على الحكومة - ذات التوجه الليبرالي نسبياً - أن تقر ترشيح إسلامي سلفي لرئاسة المجلس النيابي إن استطاعت اكتشاف بديل أكثر ليبرالية.
المحور الثنائي بين الآصالة والمنبر الإسلامي قد لا يستطيع الانسجام في الداخل، وهذا ما قد يؤدي إلى انشقاق يكون مقتضاه تحالف مفاجئ بين الوفاق الإسلامية والمنبر الإسلامي، قد يستبعد البعض حدوث مثل هذا التوافق، إلا أن السلوك السياسي لكتلة المنبر الإسلامي في الدورة النيابية السابقة يؤكد أن تحالفاً من هذا القبيل لا يمكن أن يكون من المحرمات على الأقل.
المنبر الإسلامي بات مدركا أن البعض أصبح لا يعول عليه كثيرا في المجلس القادم، وان الحكومة لا تريد اعضاء يديرون ملفات البرلمان بلغة صفقات سياسية، تسعى الحكومة إلى إيجاد كتلة موالاة قوية وثابتة تستطيع الاعتماد عليها كلياً في مواجهة كتلة المعارضة التي ستكون مزعجة للحكومة على أكثر من صعيد.
تحالف مثل هذا قد يؤدي إلى محاصصة وفاقية منبرية على حساب كتلة الآصالة وكتلة المستقلين، إلا أن تحالفاً آخر قد يتم بين المستقلين والآصالة قد يقلب الطاولة رأساً على عقب، هذه السيناريوهات تعتمد بالدرجة الأولى عل حظوظ المنبر والآصالة معا في الانتخابات القادمة، خصوصاً بعد الضربات التي تعرض لها المنبر الإسلامي خصوصاً من الصحافة المحلية ومن القوى الليبرالية الموالية للحكومة، مضافا لها ما يجري في مجالس المحرق من اصطفاف اجتماعي جديد هدفه تقويض سيطرة التيارات الإسلامية على الدوائر الانتخابية في المحرق.
من الخارج «طائفية المناصب»
يقرأ مراقبون سياسيون ملف رئاسة المجلسين النيابي والشورى على أنهما منصبان خاضعان لمحاصصة طائفية تتسم بالتصالح مع الحكومة وعدم فرض فرص مواجهة مباشرة معها، ذلك أن هذه المناصب هي بمثابة المناصب «السيادية»، بمعنى أنها تمثل سيادة الدولة في المستوى الأول.
هذا الرأي يضع رئاسة أحد نواب المعارضة من الوفاق أو حلفائها للمجلس النيابي القادم شبه مستحيلة، فالسلطة السياسية ستسعى إلى حلحلة هذا الاشكال بأي ثمن، ولو كان الثمن تقديم عروض كبرى لإقناع المعارضة بعدم الترشح أصلاً لرئاسة المجلس النيابي.
آخرون يعتقدون أن الدولة لن تضغط في هذا الاتجاه بقوة، فهي تدرك في النهاية أن السلطة التشريعية في النهاية ستكون منضوية تحت غالبية مضمونة التصويت لصالح ما تريده الحكومة، وان الضغط من قبل قوى الموالاة الحكومية سيكون كافياً بمفرده، كما أن البروتوكول السياسي يقتضي أن يكون رئيس احد المجلسين شيعياً والآخر سني، وتبادل الأدوار عما كان عليه الحال في المجلس الدورة الماضية ليس غريباً البتة.
تبقى هذه المحاصصة الطائفية غير ثابتة، وأن الأوراق مازالت مختلطة مع بعضها بعضاً، ما يحيل إلى أن معركة الرئاسة لما تبدأ بعد، وستعتمد شتى السيناريوهات على الوفاق وطموحاتها داخل المجلس من جهة، وعلى الحكومة ومدى استطاعتها التعامل مع مجلس نيابي ترأسه قوى المعارضة.
الطامحون للرئاسة...
سيكون لرئيس المجلس القادم - أيا يكن - دور تاريخي في إدارة المجلس بتركيبته المعقدة القادمة، وسيكون عليه أن يؤسس لحال توافق سياسي جديدة، ليست موازية لما كان عليه المجلس الماضي في أي محور من المحاور.
المعارضة في المجلس النيابي القادم ستكون مصرة على طرح الكثير من الملفات، وستعمل تحت ضغط شعبي تاريخي كبيرين، وستسعى جاهدة إلى إظهار مجمل حضورها بأنه فاعل وقادر على تحقيق ولو ما يسد الرمق أمام أي انتقادات شعبية قد تتفاقم عليها.
كما أن كتلة الوفاق التي بات رجال الدين ممثلين فيها بعدد كبير ستكون حادة بالقدر الكافي لاستمرار مسلسلات العراك الإسلاموي الطائفي، وهو ما سيتطلب رئاسة حكيمة وحازمة، تستطيع أن تدير المواقف المعقدة بطريقة ديناميكية عاقلة.
مازالت حظوظ الرئيس السابق لمجلس النواب خليفة الظهراني الأوفر، على أن منافسة قوية من الشيخ علي سلمان ستكون ذات ثقل وتأثير، ولا نستبعد النائب السلفي عادل المعاودة على رغم ضعف المؤشرات، كذلك لا يمكن أن نستبعد ظهور مرشح «إخواني» (علي صلاح) جديد ترمي به كتلة المنبر الإسلامي على خط المنافسة.
للجميع الحق في التطلع للمشاركة في معركة الرئيس، وتبقى المراهنات مفتوحة، والمشهد السياسي مازال مبكراً حتى نخوض في تفصيلات أكثر، ولابد من التريث حتى تتضح الصورة أكثر وأكثر.
وصرحت مصادر نيابية - فضلت عدم الكشف عن نفسها - بأنه قد تم التوافق على ترشيحات رئاسة المجلس بأن تؤول إلى...
هذا ومازالت كتلة «الوفاق» والمتحالفون معها من مرشحي الجمعيات المنضوية تحت التحالف الرباعي في المعارضة تخوض حواراً مكثفاً مع كتلتي «المنبر الإسلامي» و«الآصالة» نحو حسم خيارات رئاسة المجلس، ووردت أنباء شبه مؤكدة أنها ستؤول إلى...، فيما سيعوض الطرف الثاني برئاسة 3 لجان من لجان المجلس، بالإضافة إلى منصب النائب الأول لرئيس المجلس، على أن يحصل المستقلون على منصب النائب الثاني لرئيس المجلس.
هل ستطالب جمعية «الوفاق» بأحقيتها في الحصول على رئاسة المجلس، فيما ترتفع بعض الأصوات التي تنادي بأن تركز الوفاق على رئاسة اللجان، والتي تعتبر في الواقع ذات أهمية اكبر، فيما علق أحد نواب الوفاق - رفض ذكر اسمه - بأن رئاسة المجلس لا يعدلها شيء، وأن كتلة الوفاق والتي تعتبر الأكبر هي الأحق بالرئاسة...!؟
العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ