العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ

للمعتزلة «عقل» وللمتصوفة «قلب»...

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

ما بين المعتزلة والمتصوفة عقل وقلب، وفارق ما بيننا وبينهم أن لا عقل لنا ولا قلب، وما بين العقل والقلب وفراغاتنا منطقة من الخراب المعتمد على سكنات اللحظة، أن نمارس الصمت معناه: أن لا نحس بقلب، وان لا نفهم بعقل، وذاك مشهد نعيش من خلاله لحظتنا اليوم.

ترى المعتزلة كل «المعارف كلها معقولة بالعقل، واجبة بنظر العاقل، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع، والحسن والقبح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح»، ويقول شيخ المعتزلة أبوهذيل: «العقل هو القوة على اكتساب العلم».

أما المعتزلي أبوعلي الجبائي فيرى «أن العقل هو العلم، وإنما سمي عقلاً لأن الإنسان يمنع نفسه به عما لا يمنع المجنون نفسه»، إذ على الإنسان أن يعرف الله بالدليل العقلي، أو بالنظر، أو الاستدلال، لا بالنقل أو الرواية.

وتتجلى المعتزلة بوضوح متناه في الجانب الاجتماعي والسياسي في نص لا أحبذ روايته، ولمراجعته راجع (مقالات الإسلاميين 137/2)، إذ إن أهم ما يترتب على هذا التوصيف هو أن تتجه المعتزلة إلى أن جميع ديار المسلمين «دار كفر»!.

أدى هذا الموقف العقلي الى القول إن اللغة ليست سوى «اصطلاح» و«وضع»، وأنها ليست «توقيفاً» أو «وحياً»، واقترنت هذه الفكرة بفكرة التنزيه، ما أوصل المعتزلة إلى النتيجة المنطقية، وهي أن القرآن ليس قديماً، وأنه مخلوق محدث.

أما (المتصوفة) فقد أتت برؤية جديدة إذ لم تعتمد على العقل والتجربة ولم تهتم بتراث الشريعة، فأخذت منحى أسمته (الذوق)، ما أدى إلى استحداثهم لتفسير جديد للقرآن الكريم (أدونيس)، واعتمدت الصوفية في هذا التفسير القرآني على أن الحقيقة هي الباطن، فالتصوف كما يعرفه أدونيس هو «شوق الظاهر الى الباطن».

ويرى المتصوفة أن «العقل» حاجز أمام تذوق الحقيقة وتصورها، فهو نقيض للذوق، إذ لابد من إطلاق القلب لملامسة الحقيقة، وإبطال العقل. ويعرف السراج لفظة (الشطح) بأنها (عبارة مستغربة في وصف فاض بقوته وهاج بشدة غليانه وغلبته) من كتاب اللمع للطوسي (ص 534)، وبأنها هيستيريا صوفية تعتمد اللامعقولية والغرابة والتخيل، لذلك يصف السراج الشطحات الصوفية بأن (ظاهرها مستشنع... وباطنها صحيح مستقيم) فهو كشف للغيبيات، وعلى رأسها الخالق سبحانه.

خاتمة القول، ان نموذجاً من التغالب والتصارع بين «العقل» و«القلب» كان رائجاً آنذاك، عوض سكون يلتف بنا هنا، حيث لا «عقل» ولا «قلب»

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً