العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ

إنهاء دوّامة العنف في الشرق الأوسط

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

إنّ الكوارث التاريخية تتكرّر لأننا لا نتعلّم من أخطائنا. لقد شهد العالم منذ فجر التاريخ حتى اليوم الكثير من المجازر البشرية. إذ تنشأ الإمبراطوريات، ثم تضعف، لتموت من أجل الأسباب نفسها. فهي تؤول للزوال عند بلوغها حدًا معيّنًا من الكبرياء والجهل، إذ تتطلّع بازدراء نحو الأمم الأصغر والأضعف، وتكفّ عن الإصغاء لآرائها وشكاواها وانتقاداتها. لقد ارتسم الحال على هذا النحو بدءًا من حضارات الصين والعراق ومصر، مرورًا بالحقبة الاستعمارية للسلطات الأوروبية، وصولاً إلى العصر الحديث للاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. لقد سبق وكرّرنا أخطاءنا في الشرق الأوسط الكبير، بدءًا من أفغانستان إلى العراق، ومن فلسطين إلى لبنان، والآن إيران. إذًا، وقبل التقدّم أكثر في أسلوب التكرار، لنأخذ استراحة قصيرة للتفكير في الأزمة الأخيرة (حرب لبنان). من الصعب أن تكون منصفًا وغير منحاز، في حين تتقطّع عائلتك إلى أشلاء من جرّاء وقوع مجزرة. ومع ذلك، تعلّمت بعض الدروس القيّمة من بعض الكتّاب والصحافيين الإسرائيليين الذين، وفي خضمّ معركة مجنونة، أثبتوا عقلانية وإنصافاً وشجاعة كافية لتظهر ضلال وأخطاء حكومتهم. كافحوا للتعبير عن انتقاداتهم مقابل المواقف الشعبية الانفعالية. وقد تبيّن مع الوقت أنهم على حق، فبدأ الإسرائيليون يشكّون ويتساءلون عن المعتقدات السائدة والاستراتيجيات المعتمدة منذ زمن، كما يجب علينا أن نفعل ذلك. تملك «إسرائيل» الحق الطبيعي على العيش بسلام. على العرب أن يطمئنوا جارتهم المضطربة بأنّه لكلّ نفق طويل نهاية. فلن تتمكّن أيّ أمّة ذات موقف قوي من الذهاب مصحوبة بغنائم حرب، إلاّ في حال حصولها على مقابل. فبالنسبة إلى أكثر الإسرائيليين سلماً، ليس من المنطقي إعطاء الإمتيازات من دون مقابل. فعلينا أن نضمن لهم جوارًا سلميًا وأكثر ودّية.

لقد وافق الكثير من الإسرائيليين على أنّ مبادرة السلام التي أطلقها الملك عبدالله سنة 2002 تحت رعاية الجامعة العربية، يجب أن تشكّل التصميم لمشروع سلام شامل. إنها ترتكز على القرار 242 الصادر عن الأمم المتحدة، وتلبّي المطالب الإسرائيلية المتعلّقة بإعادة ترسيم الحدود، وبعض المقالق المرتبطة بعودة اللاجئين. للأسف، ردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون على تلك الخطوة العربية التاريخية بتفجير مقرات رئاسة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مدمّرًا جنين وضاغطًا على إدارة الولايات المتحدة بتبديل دعمها الأساسي للمبادرة. وقد أفلح في ذلك. لقد خسرنا جميعًا، العرب والإسرائيليون، والساعون لتحقيق السلام في جميع أنحاء العالم.

يُقال إنّ الفلسطينيين لا يفوّتون فرصة ضائعة، ولكن هذا ينطبق على الإسرائيليين أيضًا وخصوصاً اليمينيين منهم. فقد وصلنا إلى أوقات، على عهد حكومة العمال، إذ بلغنا حافة الانتصار الحقيقي للجميع - السلام. لقد استدعت كلّ من إدارة بوش الأب وكلينتون جميع الأطراف الفلسطينيين والإسرائيليين والجوار، إلى طاولة الحوار. وقد أفلح الأمر إلى أن ارتكب عرفات الخطأ التاريخي برفضه لعقد غير ملائم بدلاً من مناقشة بعض التعديلات. رفضت المعارضة الإسرائيلية العقد بدورها وصوّتت على إبطاله. ولقتل المشروع وهو في بدايته، افتعل شارون الانتفاضة الثانية من خلال زيارته الاستفزازية لثالث أراضي الحرم المقدّسة الأقصى. فبعد أن فاز في الانتخابات، تأكّد أنّه تم دفن المشروع إلى الأبد. شكّل لبنان، لمدّة طويلة من الزمن، الساحة للكثير من الأخطاء المتكرّرة. فقد ارتكب اللبنانيون والسوريون والعرب والأميركيون والفرنسيون أخطاء فظيعة. تمثّلت أسوأها بـ «إسرائيل». فقد أدّى الاجتياح في العام 1982، ثم احتلال أجزاء من لبنان لمدّة ثماني عشرة سنة إلى تدمير قدرات الجيش اللبناني، وتبرير التدخّل لأطراف أخرى على غرار سورية والعراق وإيران، وخلق حركة المقاومة (حزب الله). لا يبدو الاجتياح الإسرائيلي الأخير وقصف الجوار الشمالي على أنّه الخطأ الأخير الذي سيتم ارتكابه. فبدلاً من القضاء حزب الله، أضعفت «إسرائيل» الحكومة الحالية التي كان من شأنها تجريده من السلاح، وتبديل مواقف الأشخاص نفسهم تجاه الحزب، بالإضافة إلى دفع المنطقة كلّها نحو التطرّف.

كل ما حلمت به إيران هو المركز الحالي الذي تشغره في العالم الإسلامي من المغرب حتى إندونيسيا. توشك «إسرائيل» على إعادة التاريخ مرّة أخرى عبر انتهاكها لشروط وقف إطلاق النار. لا نستطيع اجتياز الشّدّة التي يمرّ بها لبنان إلاّ بالطريقة السلمية. إذا لم يستعدّ القادة للتحرّك بعد، تصبح مسئوليتنا نحن، شعوب المنطقة، أن نحثّهم على التحرّك. ففي النهاية، إننا نتكلّم عن مستقبل أولادنا.

خالد بطرافي

صحافي سعودي، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً