من المؤسف حقا اننا نعيش حالياً في اجواء تثير حال الهوس والانفصام أي «سكزوفرينك» للبحث عن هوية البحرين بدءا من قضية التجنيس وصولا الى قضية الآثار الدلمونية ولاسيما موقع قلعة البحرين وتسجيله بعد مرحلة من التذبذب هنا وهناك لدى قائمة التراث الانساني التابعة لمنظمة اليونسكو. نتحدث عن الهوية وهناك من يلعب بنار الفتنة والطائفية والمناطقية والمزايدة على الناس عبر الاثارة والتحشيد في منابر وصحف لا هم لها الا تأجيج وتصعيد الوضع فيها كثير من الحط من كرامة الانسان البحريني أولاً وأخيراً بماضيه وتاريخه الذي هتك عرضه اكثر من مرة واكثر من حجة كالقول في تصريحات يطلقها بعض المسئولين انها قد تحرم او حرمت المواطن من الخدمات فالتوسع ومد مشروعات حيوية هو بسبب صغر المساحة ولا يهم التاريخ على رغم ان البحرين كجزيرة لم تؤهل جميع مناطقها بالسكان وبقي فقط ان نهدم قبور الدلمونيين والتايلوسيين وننسف حضارتهم هكذا كما فعلت الأيدي العابثة خلال الخمسين عاما وهي تتظاهر بالوطنية، وهي واقعا تمقت هذا التاريخ من ارض جزيرة صرعت جميع نخيلها ومناطقها الخضراء لتبقى منها نخلة او نخلتان صامدتان تقاومان على حافة الطرقات في انتظار من يقتلعهما من دون ادنى مسئولية أو احساس.

فحشر السكان في بقعة صغيرة هي مسألة لن تحل بتشويه موقع قلعة البحرين هذا الصرح الوحيد الذي يتحدث عن ست مراحل مهمة من تاريخ وطننا الغالي الذي على الجميع ان يحرص على ابقائه لا تشويهه. كما ان التضحية بهذا الموقع من خلال عدم ابداء التعاون في تنفيذ شروط اليونسكو معناه اننا بحق لا نعاني فقط قلة الوعي بآثارنا وتاريخنا القديم جدا بل ايضا التدني والاضمحلال الواضحين في كيفية تقييم والمحافظة على هذه الآثار التي نشف حبر اقلامنا الغيورة من كثرة الكتابة عنها دون غيرها.

لقد حان الوقت لان نكون اكثر صراحة وهي اننا لا نأبه بهذا التاريخ الذي لا يتحدث الا عن جماعة دون جماعة... هكذا اصبحنا نحن اهل البحرين نطأفن شتى الامور في حياتنا وعلى ارضنا من دون ان نشعر بأن الحقد قد بدأ يتغلل عند بعضنا بصورة مقلقة ... فنفرق ونميز ونخرب ونهدم وايضا نخلق بعابثي الديمقراطية او ما يطلق عليهم «الغونغو»... فإلى أين نحن ذاهبون؟