العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ

إيجابيات وسلبيات ربط الدينار بالدولار

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يشكل ربط الدينار البحريني بالدولار الأميركي إحدى السياسات المالية التي ترغب الحكومة في مواصلتها وذلك على رغم تراجع قيمة الدولار في الأسواق العالمية. باختصار تتمثل الإيجابيات بمنح ثقة للمتعاملين بالاقتصاد البحريني. كما أن الربط يتناسب وطبيعة الصادرات البحرينية المسعرة في الغالب بالدولار. لكن بالمقابل هناك سلبيات لا يمكن التغاضي عنها مثل ارتفاع قيمة بعض العملات الأخرى مقابل الدولار (وبالتالي الدينار) فضلاً عن استيراد معدلات الفائدة السائدة في الولايات المتحدة.

منح الثقة لصغار المستثمرين

المعروف أن سعر صرف الدينار بالدولار الأميركي مثبت عند 378 فلساً للدولار في حال الشراء من محلات الصرافة لكن مع فارق بسيط في حال مبادلة العملة لدى المصارف. فهذه السياسة تمنح الثقة للمتعاملين في اقتصادنا الوطني وخصوصاً صغار المستثمرين. فالاقتصاد البحريني محدود ولا يتحمل الصدمات. بل إن حجم الاقتصاد البحريني (يقل حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين عن خمسة مليارات دينار) وبالتالي يقل عن واحد في المئة مقارنة بالاقتصاد الأميركي.

فعملية الربط توفر على المواطن والمقيم التداعيات المرتبطة بتغير سعر صرف الدينار مع أهم عملة صعبة في العالم (يعتبر الدولار الأميركي العملة الصعبة الرئيسية في العالم بسبب الطلب على اقتنائه وقبوله في أنحاء العالم كافة). ولم يتغير الوضع بالنسبة إلى الدولار على رغم ازدياد شعبية عملة اليورو. المشهور أن نحو 60 في المئة من الدولارات المنتشرة في العالم موجودة خارج الولايات المتحدة.

إضافة إلى ذلك، ربط الدينار بالدولار يتناسب وطبيعة الصادرات البحرينية مثل النفط الخام والمنتجات النفطية والألمنيوم والبتروكيماويات والأقمشة وجميعها مسعرة بالدولار الأميركي. ويلاحظ أن الصادرات النفطية وحدها تمثل 70 في المئة من مجموع الصادرات.

تراجع قيمة الدولار

بالمقابل هناك سلبيات يجب أخذها في الاعتبار. يخسر اقتصادنا الوطني بعض الشيء بسبب ارتباط الدينار بالدولار وذلك عند حدوث ارتفاع في قيم العملات الأخرى التي تستورد منها البحرين. وهذا ينطبق على الواردات من اليورو والين الياباني. وربما هذا يفسر ارتفاع قيم السلع المستوردة (مثل العربات والآلات والأجهزة) من أوروبا واليابان وبعض الدول الأخرى مثل أستراليا والتي حققت عملاتها الوطنية ارتفاعاً مقابل الدولار. فقد خسر الدينار البحريني في الآونة الأخيرة بعض قيمه مقارنة باليورو والين وذلك على خلفية تدني قيمة الدولار.

حقيقة القول خسر الدولار الكثير من قيمته في السنوات القليلة الماضية (تقريباً 33 في المئة مقابل اليورو منذ بدأ التعامل بالعملة الأوروبية في العام 2002). في الوقت الحاضر بمقدور 80 سنتاً من اليورو شراء دولار واحد، أما في العام 2002، كان لزاماً دفع يورو زائدا 25 سنتا لشرار دولار واحد. بمعنى آخر، عمدت السلطات الأميركية إلى الدفع باتجاه خفض قيمة الدولار مقابل بعض العملات الصعبة الأخرى مثل اليورو.

لا شك في أن هذا التحول يساهم في تعزيز الصادرات الأميركية إلى دول منطقة اليورو. وعليه، فإن تدني سعر الدولار (أو ارتفاع قيمة اليورو) يخدم الاقتصاد الأميركي عن طريق جعل الصادرات الأميركية أقل كلفة. وفي المحصلة يستفيد الاقتصاد الأميركي عن طريق تنشيط الدورة الاقتصادية ما يعني إيجاد وظائف جديدة.

ويتم تطبيق هذه السياسة على خلفية حجم العجز الكبير والتاريخي في الميزان التجاري الأميركي. بحسب آخر الإحصاءات، بلغ العجز في الميزان التجاري نحو 800 مليار دولار في العام 2005.

استيراد معدلات الفائدة

إضافة إلى ذلك، هناك سلبية أخرى تتعلق باستيراد معدلات الفائدة من أميركا. أي أن ارتباط الدينار بالدولار يحرم مؤسسة نقد البحرين (أو البنك المركزي) من التأثير المباشر على معدلات الفائدة إذ إننا نستورد المعدلات السائدة في السوق الأميركية. تعتبر هذه المسألة خسارة لاقتصادنا الوطني في بعض الأحيان لأن معدلات الفائدة ترتفع وتهبط استناداً إلى الأوضاع الاقتصادية في أميركا وليس في البحرين. المعروف أن معدلات الفائدة هبطت في السنوات القليلة الماضية، لكن تم تسجيل ارتفاع في معدلات الفائدة في الآونة الأخيرة وذلك بسبب تخوف السلطات الأميركية من حدوث تضخم في الاقتصاد الأميركي لعدة أسباب منها ارتفاع أسعار النفط.

يذكر أن الحكومة الكويتية قررت قبل عدة شهور رفع قيمة الدينار الكويتي مقابل الدولار بسب تدني قيمة العملة الأميركية. حتى الماضي القريب كان سعر تحويل الدينار الكويتي ثابتاً عند 290 فلساً للدولار الواحد. لكن بعد التغيير ارتفعت قيمة العملة الكويتية إلى 278 فلساً للدولار. وفي خضم ذلك، أعلنت مؤسسة نقد البحرين وبشكل صريح عدم إجراء أي تغيير في السياسة المالية للمملكة.

علينا أن نعي أن الولايات المتحدة ليست بالضرورة راضية من عملية ارتباط العملة البحرينية أو أي من العملات الأخرى بالدولار. بل على العكس يلاحظ أن أميركا تضغط على بعض الدول صاحبة الاقتصادات الضخمة مثل الصين بضرورة فك ربط عملتها الوطنية بالدولار حتى يتسنى لهذه الاقتصادات استيراد المزيد من السلع والخدمات من الشركات الأميركية. المعروف أن البحرين تمتعت بفائض قدره 81 مليون دولار في العام 2005 في ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة (بالمقابل تمتعت الصين بفائض قدره 200 مليار دولار في علاقتها التجارية مع أميركا في العام نفسه).

ختاماً، بدورنا نرى صواب استمرار العمل بسياسة مالية محافظة والمتمثلة بربط الدينار بالدولار الأميركي حفاظاً على مصالح المتعاملين باقتصادنا الوطني وخصوصاً صغار المستثمرين، فاقتصادنا لا يتحمل الصدمات في حال حدوث تغييرات في قيمة الدينار وخصوصاً أن الشعب البحريني مثل حكومته يميل إلى تبني سياسة مالية محافظة

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً