ولعلاج هذه الظاهرة التي تثير قلق الكثير من الشركات، يقترح رئيس إحدى شركات التوظيف شارل بيلاز فتح فرص جديدة في التعليم المهني أو إزالة ما يصفها بالعقبات الإدارية الكثيرة أمام التأهيل في الأعمال الإدارية والمكتبية.
وعلى عكس المخاوف التي يشعر بها أصحاب الشركات من مغادرة خطوط الإنتاج السويسرية إلى دول أخرى اضطراراً لغياب الأيدي العاملة المؤهلة، وانعكاس هذه المشكلة على النمو الاقتصادي في البلاد، بحسب رأي بيلاز، وتحديداً في قطاعات إنتاج التقنية الدقيقة والصناعات الصيدلانية وحتى الرعاية الصحية، فإن خبير النمو الاقتصادي ارفانيتيس يعتقد أن الخطر سيبدأ منذ انهيار أو تراجع النمو الاقتصادي لسنوات متوالية، وهو ما لم يحدث حتى الآن وليس من المتوقع أن تشهد سويسرا مثل هذه الحالة.
وإذا كان «استيراد» الأيدي العاملة الأجنبية ذات الكفاءة العالية هي العلاج الوحيد، بحسب رأي بعض الخبراء وفقا لتجربة الستينات والسبعينات في استقدام عشرات آلاف العمال من تركيا والبلقان، فإن ارفانيتيس يعتقد أن التوجه سيميل على الأرجح في السنوات المقبلة إلى استقطاب القوى العاملة من شرق أوروبا.
ويذهب بيلاز إلى أبعد من ذلك، فيضع ثلاثة تصورات للخروج من تلك الأزمة خلال مرحلة تتراوح بين 10 و 15 سنوات؛ أولها الإبقاء على من تزيد أعمارهم عن 50 عاماً لأطول فترة ممكنة في وظائفهم، وذلك للاستفادة من خبراتهم الطويلة في العمل، ولمساعدة الجدد على اكتساب المهارات التقنية التي جمعوها على مدى عقود.
أما التصور الثاني فهو تسهيل عمل الأمهات، من خلال وسائل مختلفة، مثل المرونة في ساعات العمل أو السماح بالعمل بعض الوقت أو غيرها من السبل التي تساعد المرأة على الجمع بين حق الأمومة وإمكانية العمل والإنتاج.
التصور الثالث والأخير هو محاولة تأهيل العاطلين عن العمل بسبب عدم الحصول على التأهيل الجيد، ويعتقد بيلاز بأن الاستثمار في هذا المجال مجد، لأنه سيعمل على استغلال طاقات معطلة تحتاج إلى مساعدة للعثور على المكان المناسب لها في سوق العمل.
ويشير ارفانيتس أيضاً إلى طاقات الشباب من الجيل الثاني، ولكن يعتقد بأنهم يحتاجون إلى جهد أكبر في مراحل التعليم منذ بدايتها، وليس الانتظار إلى الوصول لمرحلة الفشل، ثم التعامل معهم للبحث عن إمكانات تأهيل مهنية.
وربما يستند الطرفان بشكل مباشر أو غير مباشر إلى آخر تقرير عن الاندماج أصدره المكتب الفيدرالي للهجرة في 2 مايو 2006، الذي يقول إن عدد الشبان الأجانب من الجيل الثاني الذين لا يجدون فرصة عمل يصل عددهم سنوياً إلى 3000 شاب وفتاة، أي أنهم بعد 10 سنوات فقط سيكونون 30000 بمعنى أنهم سيتحولون إلى مشكلة حقيقية، في الوقت الذي تبحث فيه الشركات عن ايدٍ عاملة مؤهلة ومدربة من الخارج.
هناك الكثير من الدروس التي يمكن أن نستقيها من التجربة السويسرية فيما يتعلق بمعضلة اليد العاملة الأجنبية الماهرة، هذا إلى جانب تصورات الحلول التي يمكن أن تضع حداً لها. لكن الدرس الأهم الذي يمكن أن نستقيه في هذا المجال هو أنها مشكلة معقدة ومتعددة الأوجه، وأن حلولها، وليس حلها الصحيح، تحتاج إلى نظرة شاملة متكاملة أولا، وخطة تستغرق عقوداً من الزمان، وليس سنوات على عدد الأصابع ثانيا وليس أخيراً
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1461 - الثلثاء 05 سبتمبر 2006م الموافق 11 شعبان 1427هـ