سجل عرض النقد نمواً ملحوظاً في الربع الثاني الأمر الذي يشير إلى تعزيز الأوضاع الاقتصادية الإيجابية في المملكة. فقد حدث نمو بنحو 8 في المئة في عرض النقد بمفهومه الضيق في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من العام الجاري. كما تم تسجيل نمو قدره 7 في المئة في عرض النقد بمفهومه المتوسط في الفترة نفسها. لكن لم يتم تسجيل نمو يذكر في عرض النقد بمفهومه الواسع.
عرض النقد بمفهومه الضيق
في التفاصيل تم تسجيل نمو قدره 90 مليون دينار فيما يعرف بعرض النقد بمفهومه الضيق أو (أم 1). ويشمل هذا المفهوم النقد المتداول خارج المصارف (أي في المعاملات اليومية) زائداً الودائع تحت الطلب (أي الحسابات الجارية والتي تتضمن القدرة على تحرير شيكات). فقد ارتفعت قيمة النقد المتداول خارج المصارف بنحو 12 مليون دينار لتصل إلى 211 مليون دينار. وتؤكد هذه الزيادة تنامي الثقة لدى المستهلكين الأمر الذي انعكس على الصرف.
إضافة إلى ذلك، ارتفعت قيمة الودائع تحت الطلب بواقع 78 مليون دينار وعليه تتخطى حاجز المليار دينار للمرة الأولى. ويعتقد أن السبب الرئيسي لهذا التطور يعود إلى توافر السيولة وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة. بل يبدو أن السيولة متوافرة بشكل كبير نسبياً لدى المصارف بدليل قيام بعض المؤسسات المالية في الآونة الأخيرة بفرض رسوم قدرها 5 دنانير على الحسابات الجارية التي تقل أرصدتها عن 300 دينار (مقابل ثلاثة دنانير على رصيد أقل من 100 دينار حتى الماضي القريب). ويلاحظ أن الودائع تحت الطلب تشكل 83 في المئة من مجموع عرض النقد بمفهومه الضيق.
في المحصلة عموماً تم تسجيل نسبة قدرها 8 في المئة في عرض النقد بمفهومه الضيق في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من العام الجاري. والأهم من ذلك تم تحقيق نسبة نمو تفوق الـ 25 في المئة في الربع الثاني من العام 2006 مقارنة بالفترة نفسها من العام 2005، الأمر الذي يعكس تطوراً نوعياً في النشاط الاقتصادي في البحرين.
عرض النقد بمفهومه المتوسط
من جهة أخرى، ارتفعت قيمة الودائع لأجل وحسابات التوفير 167 مليون دينار لتصل إلى نحو ألفين و700 مليون دينار في نهاية الربع الثاني للعام 2006. ويعتقد أن الأمر ارتبط بارتفاع مستوى الفوائد المصرفية على هذه الحسابات. تحديداً ارتفعت نسبة الفائدة على حسابات التوفير من 0,32 في المئة في الربع الأول إلى 0,35 في المئة في الربع الثاني من العام الجاري. كما تم تسجيل زيادة في نسبة الفائدة الممنوحة للودائع القصيرة والطويلة الأجل. بخصوص الودائع للفترة 3 إلى 12 شهراً، دفعت المصارف التجارية فائدة قدرها 4,3 في المئة في الربع الثاني مقارنة بـ 3,91 في المئة مع نهاية الفصل الرابع للعام 2005. أيضاً أبدت المصارف التجارية استعدادها لمنح فائدة أعلى للودائع للفترة من 3 إلى 12 شهراً من 4,17 في المئة في الربع الأول إلى 4,5 في المئة في الربع الثاني. ويعكس هذا التطور رغبة المصارف في إغراء الزبائن لإيداع أموالهم لفترات طويلة وبالتالي توظيف هذه الأموال في مشروعات مجدية. يشار إلى أن ارتفاع نسبة الفائدة لها علاقة بارتفاعها في الأسواق الأميركية وذلك على خلفية ارتباط الدينار البحريني بالدولار (وهذا موضوع مقالنا ليوم غد الخميس).
وعند إضافة قيمة الودائع لأجل والتوفير إلى عرض النقد بمفهومه الضيق نحصل على عرض النقد بمفهومه المتوسط (أم 2). ويلاحظ أنه تم تسجيل نسبة نمو قدرها 4,8 في المئة في (أم 2) في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من العام الجاري. لكن بلغت نسبة النمو 21 في المئة في الربع الثاني من العام 2006 مقارنة بالفترة نفسها من العام 2005.
عرض النقد بمفهومه الواسع
من جهة أخرى، حدث تراجع بنحو 250 مليون دينار في قيمة الودائع الحكومية في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من العام الجاري لأسباب غير معروفة. بل إن المبلغ 633 مليون دينار في الربع الثاني يشكل امتداداً لما كانت عليه الأوضاع في العام 2005، ما يعني أن الزيادة التي حصلت في الربع الأول من العام 2006 كانت استثناء وليس قاعدة (رجاء انظر الجدول). عموماً، لم يتم تسجيل نمو يذكر في عرض النقد بمفهومه الواسع (أم 3). ونحصل على (أم 3) بواسطة إضافة الودائع الحكومية إلى (أم 2).
المؤكد أن الأوضاع الاقتصادية تحسنت بشكل نوعي في النصف الأول من العام 2006. يبقى في نهاية المطاف أنه يجب أن ينعكس أي تطور اقتصادي على رفاهية المواطنين. المطلوب من الحكومة الاستفادة من الأوضاع المالية المتميزة في الاستثمار في الاقتصاد المحلي حتى يتسنى تحقيق المزيد من الرفاهية للمواطنين والقضاء على الآفات والتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد وفي مقدمتها البطالة وظاهرة الأجور المتدنية في البلاد
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1461 - الثلثاء 05 سبتمبر 2006م الموافق 11 شعبان 1427هـ