العدد 1460 - الإثنين 04 سبتمبر 2006م الموافق 10 شعبان 1427هـ

بماذا يفكّر الناس في الشرق الأوسط؟

بعد مرور خمسة أعوام على حوادث 11 سبتمبر...

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لتكوين صورة سريعة، قمت بزيارة رئيس التحرير في تلفزيون الجزيرة أحمد الشيخ، وكان من المطمئن، من ناحية سيئة، أنّه يرى الوضع في منطقته من منظور معظم الأميركيين على أنّه كارثة خطيرة.

لقد أخبرني الشيخ أنه خلال هذا الأسبوع كان يفكّر ملياً بكيفية تغطية الجزيرة لذكرى 11 سبتمبر «خمسة أعوام مرّت على تلك الكارثة، والعالم العربي مقسّمًا أكثر ممّا كان في السابق»، وأشار قائلاً: «تلطّخت صورة الإسلام إلى حدّ كبير. نحن أضعف ممّا كنّا سابقًا أمام (إسرائيل)، إنّ التقدم غائبٌ»، وحين يتطلّع إلى المنطقة من بعيد يقول الشيخ: «إنّ جميع المحاور والمشكلات متشابكة. فمن الصعب جدًا تحديد بداياتها ونهاياتها».

يخشى الشيخ من كون العراق متجها نحو حرب أهلية مفجعة ستنتقل إلى بلاد أخرى إذ يختلط السنّة مع الشيعة من السكان على غرار الكويت، والبحرين، والمملكة العربية السعودية. ثم يقول: «إذاً يمكن للأميركيين أن يمنعوا اندلاع حرب أهلية، عندها يصبح وجودهم مفيداً». ولكن بعد ثلاثة أعوام من الفشل الأميركي في بسط الاستقرار في المنطقة، يستبعد ذلك.

ويبقى محرّر الجزيرة مناضلاً من أجل القضايا العربية. فيقول: «ما لا يتبدّل لمشاهدينا هو السّخط الشديد تجاه السياسات الأميركية والإسرائيلية». ولكن باستثناء النضال الفلسطيني والمقاومة العراقية للاحتلال الأميركي، فقد أحدثت غالبية المعارك الجهادية المزعومة ما يسميه العرب بالفتنة أو النزاع الداخلي المدمّر.

يعمل الشيخ من مكتب صغير خارج غرفة الأخبار الرئيسية مباشرة. لقد انضمّ إلى الجزيرة عند إنشائها في العام 1996 بعد أن عمل في الـ بي بي سي (BBC) وغيرها من محطات التلفزيون الإخبارية. مرتديًا قميصه من دون السترة، وقد عاد لتوّه من اجتماع المادّة الصباحية مع محرّريه، يبدو كأنّه نموذجًا عربياً عن لو غرانت.

لقد هاجم مسئولون أميركيون الجزيرة على أنها وسيلة لحملة دعائية لصالح أسامة بن لادن وغيره من المسلمين المتطرّفين. وكوني صحافياً، لطالما وجدت تغطية الجزيرة منحازة. فهي تسعى جاهدة لنقل أخبار العرب بدلاً من نقل الأخبار فقط. ولكنني دُهشت خلال محادثتي مع الشيخ بمدى التعقيد الذي تواجهه الجزيرة خلال تغطيتها لهذا الجزء من العالم.

إليك بالتغطية في إيران: أعادت الجزيرة فتح مكتبها هناك بعد أن أقفلته السلطات الإيرانية لمدّة 18 شهرًا. ارتكبت الشبكة جريمة لمجرّد إرسالها فريقاً إخبارياً إلى جنوب غرب إيران ونقلها شكاوى الأقلية العرب هناك عن كونهم يتلقّون معاملة غير منصفة من حكومة المركز. بعد أن بثّت المحطة مباشرة، حدثت احتجاجات واضطرابات مدنية في المنطقة وقرّر الإيرانيون توقيف المحطة.

أمّا في العراق فالمشكلة أسوأ من ذلك. كونها بثّت من خلف حدود الثورة السنية، نقم الشيعة العراقيين على تغطية الجزيرة. قامت الحكومة ذات القيادة الشيعية بإبعاد الشبكة في سبتمبر/ أيلول 2004، ولكنّ يقول الشيخ إنه قد يكون متردّدًا في العودة حاليًا. فقد تحسّنت العلاقات مع الجيش الأميركي ولكن بسبب الغضب الشيعي قد يشكّل ذلك «خطراً كبيراً جداً» على الجزيرة.

«يقول الناس إننا محطة الثائرين. هذا ليس صحيحاً. فنحن محطة الجميع. إننا ننقد الحوادث وغير منحازين. هذا ما يجب على الصحافي القيام به عدم تكرار وجهة النظر الرسمية وإنما نقدها، محاولة تقييمها».

بدورهما، سورية ولبنان، يطرحان مشكلات دقيقة لشبكة فضائية عربية. فبعد أن بثّت الجزيرة مقابلة حصرية مطوّلة مع، الأمين العام لحزب الله الشيعي السيدحسن نصرالله، هاجمها السلفيون السنّة الذين يدعمون القاعدة ويعتبرون الشيعة من المرتدّين عن دينهم. وبعد أن اتهم الرئيس السوري بشار الأسد القادة العرب بأنهم «أشباه رجال» لفشلهم في دعم حزب الله ضدّ «إسرائيل»، قال الشيخ إنّه كان من الصعب إيجاد معلّق إذاعي أو تلفزيوني غير منحاز.

لقد كنت مناصرًا للجزيرة، على رغم ميلها إلى تبديل التغطية، كونها شكّلت الخطوة الأولى نحو البث الصحافي الحقيقي في العالم العربي، على عكس المحطات السابقة التي كانت تديرها الدولة. وقد عزّز حواري مع الشيخ هذه القناعة. بعد مرور عشرة أعوام، تواجه الجزيرة إحدى الحقائق الدائمة للصحافة المحايدة وهي أنّ العالم معقّد للغاية، وأنه من الصعب جدًا تفرقة الأناس الطيبين من غير الطيبين منهم.

هذه بداية. فإذا نجحنا في بسط مبادئ مشتركة لتغطية الأخبار في الشرق الأوسط، قد نتمكّن فعليًا من تحقيق أمر ما لحلّ المشكلات التي نتفق جميعًا على وجودها.

ديفيد إيغناتيوس

صحافي أميركي والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1460 - الإثنين 04 سبتمبر 2006م الموافق 10 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً