تعتبر عائلة الجنيد إحدى العوائل العريقة التي قدمت من اليمن قديما ولها باع طويل في العلم والتجارة اذ امتدت جذورها ليس فقط في انحاء الجزيرة العربية بل وصلت الى الجزر الاندونيسية والملاوية، إذ أسسوا فيها ركائز التجارة مع الأعراق الآسيوية الأخرى التي منها كان امتدادا لبناء وتطور اقتصاد قوي كما يجيء ذكره في تاريخ مؤسسي سنغافورة في العام 1819.
لقد كان هناك دور لسيدعمر بن علي الجنيد في نشر الإسلام من خلال تجارته في جزيرة سومطرة الأندونيسية بداية مع والده ثم ليستقر في سنغافورة بعد ان وجد فيها مكاناً لازدهار تجارته في البن والعطور والتوابل والحرير عن طريق المرفأ الذي أسسه البريطانيون في بدايات القرن التاسع عشر بعد ان عقدوا اتفاقاً مع السلاطين الملاويين باعتبار ان موقع الجزيرة كان استراتيجياً لخطوط الملاحة المعنية بشركة الهند الشرقية التي كانت تعد أهم ذراع لنشر الهيمنة البريطانية على التجارة العالمية انذاك.
من هنا بدأت الهجرة للعمال الصينيين من الجنوب تتوافد على مرفأ سنغافورة بحثا عن حلم الحياة الرغيدة لتحسين اوضاعهم المتردية في قراهم بينما كان في المقابل يجلب البريطانيون الهنود للاستعانة في أعمال الإدارة وخدمات اخرى التي يحتاجها البريطانيون اينما ذهبوا كعرف متداول لديهم ابان حقبة الاستعمار بينما السكان المحليون الملاويون يعملون في أعمال الصيد والزراعة.
لقد بدأ الجنيد بتشييد ما يعرف بـ «الزوايا» التي عن طريقها بدأ يعرف بالاسلام ثم شيد ما يعرف حالياً بمسجد عمر الذي أعادت تجديده الحكومة السنغافورية منذ أعوام باعتباره أحد أقدم المباني ودور العبادة القديمة في سنغافورة وهو الذي يقع بمدينة كامبونغ مالكا خلف مبنى وزارة القوى العاملة وقد مضى على إنشائه 186 عاماً حيث كان المسجد بُني في العام 1820 وكان مكوناً من الخشب.
واليوم تعتبر عائلة الجنيد احدى العوائل المسلمة المعروفة صاحبة الأصول العربية بدعمها السخي في بناء عدد كبير من المدارس والمستشفيات والهيئات الأخرى وتقديراً لدورها الطويل فقد اسمت الحكومة السنغافورية عدداً من شوارعها بشارع الجنيد وآخر العرب.
وفي هذا الشأن تذكرت موضوعاً سبق لي ان قرأته في السابق بشأن أحد أبناء هذه العائلة اليمانية في البحرين وبحسب علمي وحتى لا تخونني الذاكرة فاسمه ناصر الجنيد اذ كان يدير محلاً في سوق المنامة القديم في ثلاثينات القرن الماضي مختص ببيع مواد يجلبها من جنوب شرق آسيا الا انه وبسبب نشاطه السياسي في الحقبة الاستعمارية ومساهمته بجانب ابناء البحرين في منتدياتهم الثقافية التي كانت تندد بالهيمنة البريطانية، ادى الى ملاحقته وايداعه السجن ثم ابعاده من البلاد نهائياً.
قد نجد في التاريخ الكثير مما يقال عن الأعراق العربية التي ساهمت في نشر الإسلام والثقافة العربية في بلدان جنوب شرق آسيا هذا التاريخ الذي اكسب شعوب المنطقة بعض العادات المشرقية في كثير من ممارساتهم اليومية بل ورفع من شأن العرب في عيون أبناء هذه المناطق
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1458 - السبت 02 سبتمبر 2006م الموافق 08 شعبان 1427هـ