العدد 1457 - الجمعة 01 سبتمبر 2006م الموافق 07 شعبان 1427هـ

الفزعة... حصان الحرب على الإرهاب... وتراث انقطاع الكهرباءش

جينات الشعراء وأخلاق النص

نسأل: لماذا هذه الفزعة والحميّة الفارغة التي أبداها عدد من محرري الصفحات الشعبية، ومن بينهم محرر أمي، كانت له تجربة مع احدى الصحف أثبت خلالها أنه مشروع نفي أكثر منه مشروع إثبات؟

دارت الأيام دورتها، وصارت له كلمة، وصولة، وجولة، وبات يتحكم ويقدّم كتابات هي أكثر أهمية ودورا منه. صار «الكويتب» المذكور صاحب حميّة، وله من الاستنفار الشيء الكثير، فيما هو بحسب انتمائه وامتداده لم يحسب حساب أن الأمة تباد وتصادر حريتها وتكاد تتوارى في مفصل من مفاصل تاريخها، اذ اكتفى بحسب الجوقة التي ينتمي اليها بالصمت.

ما حدث أن الابنة الفاضلة الشاعرة أمل المرزوق، أثارت حالاً من حالات هذه الساحة، وهي موجودة، وليست منزهة عنها، مهما حاول المحرر المذكور أن يتجاوزها. نعم ثمة ليال حمراء، على رغم أن ابنة المرزوق لم تعمم، ولأن المحرر المذكور ضالع في الغباء والأمية ناقض نفسه بنفسه. إذ استشهد برأي المرزوق الذي لم يبد منه أي تعميم، ولأنه ضالع في الغباء أصر على أنها تعمم في المسألة.

أؤكد: نعم ثمة شاعرات، وثمة ليال حمراء، وثمة شعراء ضعاف النفوس، وثمة استغفال لهذه الساحة. ما حدث أن المرزوق كانت أكثر جرأة منا نحن الطاعنين في التجربة والممارسة، حين وضعت اصبعها على موضع الخلل والخطأ. والمرزوق ليست بحاجة الى محرر من الدرجة العاشرة تم رفضه ولفضه من قبل أكثر من جهة، اللهم الا الجهة التي تحتضر، ومع ذلك تصر على أن تستمر في ممارسة لا يمكن أن يكون لها فيها ناقة أو جمل!

جينات الشعراء

تحاول أن تفهم ما الذي يحدث في الساحة الشعرية الشعبية الخليجية؟ هل ساحة الشعر الفصيح أقل توترا ومؤامرات وتدبيرا بليل؟ لا شك في ذلك. ما السر وراء كل ذلك؟ هل جينات شعراء الفصحى أكثر عافية واختلافا وأصالة من نظرائها لدى الشعراء الشعبيين؟ هل شعراء الفصحى ولدوا في أقل أو أكثر من 9 شهور؟ هل شعراء الفصحى لا يخذلهم الوعي وانفتاحهم على القراءات والثقافات، ما يدفع الى تحصينهم،فيما نظراؤهم في الشعر الشعبي على خلاف ذلك؟ تساؤلات لا تتحرى الاجابات بقدر ما تحاول أن تضع المعنيين بالشعر الشعبي أمام مسئولياتهم، وضرورة تحلّيهم بالثابت من الأخلاق، والالتزام ولو بهامش صغير من الضمير في تعاملهم مع بعضهم بعضاً.

ثمة فراغ أخلاقي مهول ومفزع يمكن تلمسه في اضطراد موهبة الدس والمؤامرات والتحالفات المشبوهة. ثمة شعراء لا يهنأ لهم بال ما لم يروا نتائج محاولاتهم وقد تحولت الى خراب وفرقة، وقيام أكثر من جدار عازل لا يخلو من عنصريته. تلك حقيقة علينا أن نمتلك الشجاعة في الاعتراف بها، ولا يكفي الاعتراف بها لوضع حد لحال المجون والأمراض النفسية والأخلاقية التي باتت سارية مثلها مثل أكثر الأمراض فتكا في التاريخ والحاضر الانساني، ما لم تبادر تلك الفئات، في توجه صادق وحقيقي للتخلص من الوباء المستوطن والمستشري فيها.

بين النص الأخلاقي والشعري

لدينا شعراء فيهم من القيم الأخلاقية الشيء الكثير. شعراء يهمهم بالدرجة الأولى أن يشتغلوا على نص أخلاقهم وضمائرهم، وتعاطيهم مع العالم من حولهم، قبل الاشتغال على النص الشعري.

حين يخسر الشاعر نصه الأخلاقي، ونص ضميره، وتعاطيه مع العالم، يصبح نصه الشعري ضربا من الدجل والضحك على الذقون، والعيش في الوقت الضائع.

لا يمكن لأي شاعر في الدنيا أن يحقق فتحا أو نصرا أو قاعدة من حضور، اذا ما غض الطرف عن حقيقة أن المهم في المقام الأول هو نصه الأخلاقي. كثيرون هم الشعراء المذهلون، والباعثون على الدهشة، ولكنهم قليلون أولئك الذين يجمعون بين الاثنين معا. ثمة شعراء من الطبقة العاشرة في هذا الصدد، ولكنك تظل تذكر لهم أنهم يحيون بشكل مذهل وراق واستثنائي، ربما لم يؤتوا حظا من امكانات الخروج على الناس بنصوص تربك المحيط الذي يحيون فيه، ولكنهم من دون شك كسبوا رهان ارباك المحيط نفسه بما يضخونه من مواقف أخلاقية تسمو بمراحل على النص.

تلك مسألة في غاية الأهمية، وأي تجاهل أو تناس لها يعد تجاهلا وتناسيا لقيمة الانسان نفسه، والهدف الذي كان من وراء وجوده في هذا العالم، اذ ليس الهدف من وراء ذلك الوجود هو استعراض بلاغات أو امكانات في هذا الصدد. ولا يمكن أن يكون الهدف من وراء الحياة برمّتها اشاعة حال من الشعرية المحضة، فيما الأخلاق والقيم والضمير في النزع الأخير من غربتهم.

كتابة في التجنيس

أن تكون بحرينيا بالتجنيس، فذلك واحد من أسهل الأمور في العالم. يمكن القول أن الحصول على الجنسية البحرينية بات سهلا سهولة الحصول على قرص «بندول» أو «اسبرين». العمال غير المهرة، والأميين، و... يمكنهم جميعا أن يحصلوا على الجنسية المذكورة.

بعد اقامة في دولة الامارات العربية المتحدة لأكثر من عقدين من الزمن، وعلى رغم تمثيلي للدولة في مهرجانات ومؤتمرات محلية وعربية ودولية، وتم التعامل معي باعتباري مواطنا، علاوة على المخصصات التي كانت تصرف نظير التمثيل، بما يعادل 1500 درهم يوميا، هي المخصصات نفسها المقررة لوكيل وزارة مساعد، وعلى رغم اقحامي اقحاما في موسوعة مؤسسة جائزة عبدالعزيز بن سعود البابطين، كشاعر اماراتي، وعلى رغم انني واحد من شعراء القصيدة الجديدة في الامارات ضمن مناهج وزارة التربية والتعليم للمرحلة الثانوية العامة، فإن الحصول على الجنسية يعد ضربا من المستحيل. لأنها دولة تحترم نفسها وتحترم جواز سفرها، وتحترم انتماءها العربي. في البحرين ثمة طبخة يعرفها القاصي والداني لا ترتبط فقط بالانتخابات النيابية المقبلة، وهي انتخابات لن تخلو من تجاوزات بدءا بالتصويت الالكتروني، وليس انتهاء بتوزيع الدوائر وقبلها المزاج في تغيير العناوين.

نحن ازاء دولة عليها أن تمنح الجنسية لأي كائن تبعا للنية والمزاج، وخصوصا النية لأنه يتوقف عليها مصير أمة.

نحن ازاء حال من الاسهال والتساهل في التعاطي مع تلك الوثيقة التي يبدو أن لا قيمة لها في بلد على استعداد لإغراق ونسف وتدمير هوية البلد على حساب مصالح يعلمها القاصي والداني.

علينا أن نحدد وجهتنا في ظل هذا التغييب السافر. نريد من دون أن نخضع الى أنواع من الابتزاز الذي يطال الجميع، أن نكون مواطنين، ولكننا لن نكون فخورين جدا يمواطنتنا وجنسيتنا حين يشاركنا فيها ابن الاقامة لعام أو عامين وربما أقل. وفي النهاية انتماؤنا ليس حضورا بجواز سفر، بل هو الصبر على الضيم والظلم والتجاوزات والعنف والارهاب الذي مورس على قطاع عريض من المواطنين فترة التسعينات من القرن الماضي من قبل أجهزة الأمن، يوم أن كانت البلاد مستباحة للحرس.

التجنيس على (ودنه) لأن الحكومة بصريح العبارة لا تثق في مواطنيها، فهي مطالبة باستيراد شذاذ الآفاق والفاشلين والأميين، تلك هي الصورة وحقيقتها، والا ما الذي يفسر كل هذا التكالب، ودفع الناس دفعا الى الاصطفاف طوابير للحصول على منحة الانتماء المجاني لبلد لا علاقة لهم به ولا امتداد لهم فيه.

إشكال لقاء الدوسري

اللقاء الذي أجرته «ريضان» مع النائب، ومدير جمعية الشعر الشعبي، عبدالله الدوسري، ترك ردود فعل كثيرة، ربما أهمها أن ما طرحه الدوسري كشف - بحسب تعبير بعضهم - عن «ثقافة في غاية التسطيح، بل كشف عن انعدام وفقر في الثقافة أساسا» قد نتفق وقد نختلف فيما طرح من آراء، بعضها من خلال البريد الالكتروني، والبعض الآخر من خلال رسائل الهاتف، والبعض الثالث من خلال مكالمات هاتفية. أجمع أكثرها على أن الرجل في حصيلته الثقافية = (0) يضاف الى ذلك أن عددا ممن أبدوا رأيهم لم يوفروا محرر الصفحة، اذ اتهموه بالتواطؤ مع الدوسري من خلال الأسئلة التي شكلت الحوار. تواطؤ بمعنى أن ثمة أسئلة وجهت الى النائب الدوسري ولم يجب عليها، وهذا الأمر أستطيع أن أؤكد عدم صحته جملة وتفصيلا، وأشرت الى بعض الذين هاتفوني الى أن الدوسري لم يتردد في الإجابة على الأسئلة جميعها، بغض النظر عن قدرته على الاجابة على ما طرح، وتلك مسألة أخرى، لكن يجب الاشارة الى اننا في «ريضان» لسنا مرتهنين الى أحد كائنا من كان، وما يجعل الحوار ضمن مساحة حرة ومفتوحة، أن المحرر نفسه ليس ملزما أو مرتبطا بأي انتماء لجمعية الشعر أو غيرها.

كل حوار تجريه «ريضان» يتوخى امكانات صاحبه، إذ لسنا بصدد استعراض امكاناتنا، بقدر ما نتوخى استدراج واستنطاق ضيف اللقاء، فإذا عجز المعنيّ عن اللقاء أن يكون بحجم الأسئلة المطروحة فيظل يتحمل نتيجة ردود الفعل الصادرة عن المتابعين والقراء والمهتمين.

صوت يفيض بالرحمة

أعيد الكلام بشأن كاتبة وانسانة ومثقفة لم تنل حظها من الظهور والاعلام: زينب فيصل الدلال، شاعرة بحرينية، تكتب بانجليزية محكمة وصارمة، شاعرة بالانجليزية أهم منها بالعربية، ذلك لا يعني أن نصها باللغة الأم غير ملفت، على العكس من ذلك، هي واحدة من أهم وأجدر الأصوات الجديدة التي ظهرت في العام 2004، صوتها فيه الكثير من العمق، والأهم فيه الكثير من المسئولية والضمير. الضمير بمعنى الذهاب الكلي والواعي نحو قضايا الانسان، بغض النظر عن لونه وجنسه، ذهاب يتحرى الموقف... الموقف في بعده الشائك والصعب.

«تراث» الانقطاعات في الكهرباء

ثمة تأصيل لتراث آخر في المملكة... تراث الانقطاعات الكهربائية المتكررة. لا توجد وزارة في مملكة البحرين ضالعة في استغفال الناس، مع سبق الإصرار والترصد مثل وزارة الكهرباء والماء، اذ مازالت تستمرئ حال الكذب اليومي الذي تطلع به على الناس، فمنذ يوم الاثنين الأسود في العام 2004، الى اليوم لم تكف الوزارة المذكورة ومسئولوها عن ضخ مزيد من الكذب بأن الأمور «على أحسن ما يرام» وأنْ «لا انقطاع في الكهرباء العام المقبل» حسبما جاء على لسان أحد مسئوليها قبل أيام، في الوقت الذي ألفنا فيه مثل تلك التصريحات قبل شهور من بدء جحيم الصيف، وبعد أن يولي الصيف أدباره، إلا أن واقع الحال يشير الى تأزم وإمعان في تأزم الخدمات وتآكلها تلك التي يقدمها هذا القطاع المتخلف في جميع وجوهه. إذ سجلت نسبة الانقطاعات هذا العام أرقاما قياسية من حيث عدد الساعات والمناطق التي ابتليت بها، فيما نسي مسئولو الوزارة أنهم صرحوا قبل شهور من بدء محرقة أغسطس/ آب بأن هذا العام سيشهد خدمات مستقرة في القطاع، بمعنى أن الانقطاعات ستكون محدودة ونادرة حسبما جاء على لسان رأس الهرم في الوزارة، وصدق الوعد، بدليل أن لا منطقة في البحرين لم ينلها التعذيب اليومي الذي تمارسه الوزارة على المواطنين والمقيمين بسبب الانقطاعات باستثناء مناطق يعلمها الجميع لم يشملها ذلك الجحيم.

على الوزارة أن تكف عن التلاعب بأعصاب المواطنين والمقيمين بهكذا تصريحات، لأنهم باتوا محصنين وواعين تمام الوعي، وإن رصدت الوزارة - حسب زعمها - عشرة ملايين أو عشرين مليون دينار، لأنها في النهاية لن يتم توظيفها في القطاع المذكور ما دامت الجيوب تتناسل، والفساد «عيني عينك»! يكفي أن تقف عند تصريح أحد مسئولي الوزارة الذي اعترف بتلقي قسم الطوارئ لأكثر من 9800 مكالمة في يوم واحد، وأتحدى أن يكون موظفو المقسم ردّوا على 800 مكالمة من الرقم المذكور، لأن كريمة الزيداني في الشريط المشروخ والمسجّل تكون لهم بالمرصاد!

هذا القسم سيئ الصيت لم يعد في ذمة التاريخ فقط، بل هو علامة سوداء في تاريخ جميع الوزارات الخدمية في المملكة، منذ الاستقلال الى اليوم. وكفاكم لعبا بأعصاب الناس بتصريحات تعلمون، ويعلم الجميع بأنها فارغة... فارغة... فارغة!

مبروكة وحبيصة

بين «مبروكة» و«حبيصة» جنيتين استوطنتا مواطنا سعوديا، لفظ أنفاسه بعد الرقية التي تصدى لها أحدهم. بأي تكنيك؟ بأي تكنولوجيا حاول الراقي اخراجهن من جسد المصاب؟ تلك مسألة لا يعلمها إلا الله والراسخون في الدجل!.

ثقافة كتلك تقودنا الى أكثر من جحيم، وتقودنا الى «مسخرة معتبرة» أمام العالم... كل العالم. العالم الذي يتعاطف معنا ويتفهم الاحتواءات التي تحيط بنا من قبل بلطجة أميركية صرفة، أو حتى العالم الذي يتصيّد أخطاءنا وسذاجتنا ووهمنا، ومثل «مبروكة» و«حبيصة» شاهدان يتركاننا في مهب الفوضى والغباء والوهم والسذاجة والأمية المحضة.

على رغم تنازل ولي الضحية، فإن تناسل ثقافة كتلك تتركنا في مهب عراء لا نهائي... ثقافة تكشف عن ردة محضة... ردة أصيلة عن منطق وعقلانية الدين الذي صدع به خاتم الأنبياء والمرسلين، الى حال من جاهلية وظلامية تقودنا تماما الى حيث يريد الارهابيون من تنظيم القاعدة الذي يقوم على الالغاء والفسخ والفوضى والوهم والنستولوجيا... الحنين الى الحركة والخطوة والمبادرة والمشروع الأول الذي كان مقدّرا له أن يقود العالم الى حيث استقراره وتفتح خياراته، لولا تلك الفئة الضالة المنحطة في توجهها ومنهجها وخيالاتها.

«مبروكة» و«حبيصة» نموذجان لوهم كبير ومتأصل في ثقافة مترهلة ومنهارة وملعونة من قبل العقل، قبل أن تلعن من قبل الدين، ولا نحتاج في هذا الصدد الى مزايدات أصحاب اللحى وتجار الفتاوى الذين هم على استعداد لايصال فتاواهم من الباب الى الباب مجانا.

امتطاء حصان الحرب على الارهاب

الفاشي الأول في العالم الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، يحذر العالم من الفاشية! اذ لا صور وشواهد أكثر صراحة من تلك التي يرتكبها جنوده في كل من العراق وأفغانستان ومناطق أخرى من العالم، ولا أدل على فاشيته وفاشية ادارته من التواطؤ السافر والصريح ضد لبنان في الحرب التي شنتها الحكومة النازية في «إسرائيل» ضد البشر والحجر والمدر. المأساة الكبرى أن حصان «الحرب على الارهاب» الذي امتطه الادارة الأميركية بدأ يجمح ويلقي بها في عراء لن تتمكن بكل امكاناتها من ترويضه. ثمة تحفيز غبي لوحش «الارهاب» كي يصحو بعد غفوة لم تطل، ستحيل المواطن الأميركي بالدرجة الأولى الى كائن لن تستطيع ادارته بكل ما أوتيت من موارد وثروات وأجهزة تجسس أن تمنحه الحياة بالأسلوب الأميركي، بعد أن ظل ولايزال مصابا بهوس الارهاب والقلق والخوف. كل هذه الرفاهية المفتوحة على الجغرافية الأميركية تتحول الى سجن ووبال على المواطن الأميركي بفضل امعان الادارة الأميركية في فاشيتها، وتعاملها الوضيع مع هذا الجزء من العالم.

لا فاشية يمكن تسجيلها والتأريخ لها منذ الحرب العالمية الثانية، باعتبارها نموذجا أكثر دموية وإلغاء واستعدادا لتدمير العالم، كل العالم في سبيل تحقيق مصالح مجموعة من المرضى والشركات متعددة الجنسية، كما هو حاصل اليوم في ادارة الرئيس بوش.

الديمقراطية: طبعتان

الديمقراطية الأميركية طبعتان: للداخل الأميركي، وأخرى للتصدير، تماما كما هو الحال مع سجائر المارلبورو، إذ ثمة نسخة للتداول في الداخل، تخضع لشروط ومقاييس تتجنب الحد الأقصى من الضرر على المواطن والمقيم، فيما النسخة المقررة للتصدير هي على الضد تماما من تلك الاجراءات والاحتياطات والمقاييس.

الديمقراطية الأميركية بهذا المعنى، وبالنسختين الحقيقيتين تهدف الى ديمقراطية في الداخل عريقة ولا يمكن التلاعب بها، أو التحايل على مواصفاتها، وأخرى للخارج الأميركي ضمن الدرجات الدنيا من الحقوق وفضاء الممارسة وبالتالي المواصفات.

لم يكن الأمر كذلك قبل الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول العام 2001، اذ كانت الديمقراطية بنسخة وطبعة واحدة - أو هكذا بدا الأمر - لكنه اختلف كثيرا بعد مهرجان الدمار والاختطاف وزار الانتحار التاريخي الذي تصدت له ثلة مهووسة ومريضة ولا علاقة لها بالدين والأخلاق، وبات على العرب خصوصا، والمسلمين عموما أن يدفعوا ضريبة ذلك الهوس والمرض الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ضمن مشروع حمالة الحطب وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس: الشرق الأوسط الجديد، بعد خراب وعصف وزلزال وقيامة لبنان لم تتردد الادارة الأميركية في التذبذب ليس ازاء مسميات مشروعاتها في المنطقة، بل في تفاصيل تلك المشروعات. بمعنى آخر، ثمة توجه لإعادة تنقيح طبعات تلك المشروعات المراد تسويقها في المنطقة، بحسب الظروف والمستجدات والمواجهات والعطب والعوائق التي تقف في طريق تلك المشروعات. حزب الله واحد من تلك العوائق، ولن يهنأ للإدارة الأميركية بال ما لم تر حزب الله وقد ذهب الى مساحة من الوهم والنهاية بحسب المتطلبات والمخططات التي يراد رسمها للمنطقة.

منظمة القاعدة لم تعد ذات شأن وبال وخصوصا مع سقوطها المدوي في الشارع العربي والاسلامي، وعجزها الفاضح عن تسجيل موقف يحسب لها في كل المواجهات الزائفة والخاسرة والمقامرة التي ارتكبتها، وخصوصا في ظل ارتكازها على طائفية وعنصرية بغيضة رفضها المتضررون وغير المتضررين، فيما حزب الله من خلال تعاطيه الواعي والمدرك والحرفي مع قضايا الأمة واشكالاتها استطاع أن يرسخ حضورا ملفتا امتد ليشمل العواصم الكبرى، ويؤسس لممارسة أخلاقية وسياسية مع عدو لم تتضرر منه دول المنطقة وشعوبها فحسب، بل امتد ذلك الضرر ليشمل العالم كل العالم.

عودة الى النسختين أو الطبعتين في الديمقراطية الأميركية، تحيلنا الى النفاق والكذب والدجل والاستغلال البيّن للنفاذ الى هذا الجزء من العالم بروح المصادرة والاحتلال والالغاء، ما يؤكد النفاق والكذب والدجل الأميركي

العدد 1457 - الجمعة 01 سبتمبر 2006م الموافق 07 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً