العدد 1457 - الجمعة 01 سبتمبر 2006م الموافق 07 شعبان 1427هـ

عزت العلايلي: علاقتي بيوسف شاهين اختلافات واتجاهاته أبعدتني

هو واحد من النجوم الذين اختاروا الصدق والالتزام واحترام الذات رفقاء مشوار في عالم الفن الذي قدم له مجموعة من الأعمال المتميزة التي مست قضايا وطنه وأمته العربية بحانب مشاركته في بطولة أهم ما قدم من دراما عسكرية واجتماعية ودينية سواء على شاشة السينما التي قدم لها أفلاماً مثل «الأرض»، «السقا مات»، «أهل القمة»، «القادسية»، «المواطن مصري»، «الطريق إلى إيلات»، أو على شاشة التليفزيون في مسلسلات مثل «الطبري»، «عبدالله النديم»، «أبوعبيدة الجراح» وأخيرا «حرس سلاح»، و«خان القناديل» إنه صاحب الأداء العالي الذي تشعر من خلاله أنه كالسهل الممتنع ما أهله للاستحواذ على حب وتقدير الجماهير طوال مشواره الفني الفنان القدير عزت العلايلي ومعه كان هذا الحوار:

على رغم بدايتك السينمائية فإن معظم أدوارك أصبحت محصورة للتلفزيون.

- أنا لم أنقطع عن التليفزيون أبدا... فدائما ما أكون حريصا على وجودي فيه، لأنني مؤمن أن التليفزيون هو مكاني الأول والذي يستقبلني فيه الجمهور بكل شوق وارتباط، وفي الوقت الذي قدمت فيه أروع أفلامي السينمائية «الأرض» و«الاختيار» عملت أيضا مسلسلات قوية كـ «العنكبوت» و«أبدا لن أموت» ولم أكن في يوم من الأيام متعاليا على جمهور التليفزيون لأنني نجم سينمائي. وأعتقد أنني بغير عملي بالتليفزيون لا أساوي شيئاً فهو صاحب الفضل علي، وهو ما علمني كيفية الاختيار الصحيح للعمل والمفاضلة بين الأدوار وبعضها بعضاً، ولهذا تظل علاقتي بجمهوري مملوءة بالتقدير والاحترام والحب.

- بصراحة، هل ترى أن السينما حاليا تخلت عن النجوم الكبار من أبناء جيلك؟ السينما كانت دوما تركز على الشباب لأن جمهورها الأكبر من الشباب لكن لم يحدث انفصال بين الأجيال بهذا الشكل، وأتذكر أنني في بداياتي عملت مع نجوم كبار وصعدت من خلالهم ومن خلالي ظهر جيل جديد وهكذا والسينما في العالم كله لا تتخلى عن جيل لحساب جيل آخر وأعتقد أن ما يحدث الآن لا يعد وكونه مرحلة استثنائية لن تدوم طويلا.

هل تؤمن بضرورة وجود دور سياسي للفنان؟

- الأدب والفن هما ظل المجتمع، فمثلا عندما تبدأ في مناقشة موضوع كوميدي فلابد أن تتدخل السياسة في إطاره، لأنك تعكس واقع مجتمعك السياسي، ولاشك أن دعوتي إلى إقامة كومنولث فني عربي كان نابعا من إيماني بقوميتي العربية فأم كلثوم عندما كانت تغني كان السياسيون العرب يتناسون اختلافاتهم ونجدهم متفقين فقط على سماع أم كلثوم، ونحن في عالمنا العربي نحتاج إلى مناطق اتفاق كثيرة، ونحمد الله أن هناك الكثير من عوامل الاتفاق في الفن والأدب والشعر، وأنا واحد من الفنانين الذين تمسكوا بهويتهم العربية ورفضوا الكثير من الدعاوى العالمية فطموحي كان ولا يزال محدوداً في التأثير على المحيط العربي، ومن جانبي قمت بتأليف عمل درامي يحكي بعض أهم المحطات التي مرت بالعالم العربي تحت عنوان «اعرف عدوك» وهي دراما تسجيلية من 22 حلقة شملت المرحلة ما بين سنة 1882 وسنة 1936 تناولت فيها ثورة عز الدين القسام في فلسطين ومحاولات رشوة السلطان عبد الحميد ومؤتمر بازل في سويسرا ووعد بلفور بالإضافة للكثير من الأعمال الدينية والسياسية انتقادات شديدة.

ما هو الموقف الذي لا ينساه الفنان عزت العلايلي على رغم مرور الأعوام؟

- من المواقف المهمة التي تعرضت لها بعد قيامي ببطولة فيلم «الأرض» والذي اشتركت به مصر في مهرجان «كان» في العام 1970، تعرض الفيلم لانتقادات شديدة، خصوصا أنه تعرض للنكسة وآثارها على المجتمع، ولهذا حاول الإسرائيليون والأميركان اللعب على هذا الجانب بعد معرفتهم ببطل الفيلم، فعرضوا علي مبلغ 750 ألف دولار لأعمل معهم في فيلم أميركي - إسرائيلي ولكنني رفضت على الفور.

ما مدى تأثير مواقفك السياسية على اختياراتك الفنية؟

- المقربون يعلمون جيدا أن التزامي نابع من قوميتي العربية، فأنا جزء من هذه الأمة التي توجهني لأكون موحد التفكير مع الكل، لا فرق عندي بين البلدان أو القوميات أو الديانات في هذا الوطن الأم كل العرب أخوة، نحترم عادات وتقاليد بعضنا بعضاً وإن اختلفت استراتيجية كل وطن، إلا أننا نحلم بعيون واحدة ونطمح في أمل واحد وعقلنا يتجه لمنحى واحد.

ما رأيك في ظـاهرة الأفلام الكوميدية التي ازدادت في السنوات الأخيرة؟

- إن السينما العربية كانت في حاجة إلى هذه النوعية من الأفلام التي قد تبدو في ظاهرها إنها لم تقدم قيمة معينة إلا أنها استطاعت أن توصل رسائل كثيرة في إطار محترم يخلو من الابتذال، وأنا سعيد جدا بهذا الجيل الجديد من الكوميديين الجدد وآراهم شباباً طموحين لديهم هدف يريدون تحقيقه وعلينا نحن الكبار أن نساعدهم ونفتح لهم الطرق التي في استطاعتنا، وأكون في غاية الضيق عندما أرى بعض النقاد يئدون تجاربهم فمن وجهة نظري لابد للجميع أن يعمل، كما أن السنوات القليلة الماضية قد أظهرت نوعية أخرى من الأفلام ليحدث التوازن المطلوب

نعرف أنك قدمت خلال مشوارك الفني بعض الأعمال الكوميدية، فلم لا تشارك في الأعمال الكوميدية حالياً؟

- أنا استمتع أيضاً بالأدوار ذات الطابع الخفيف، وقد قدمت أفلاماً مثل «دسوقي أفندي في المصيف»، «البنديره» ولكنها اعتمدت على كوميديا الموقف أما السيناريوهات التي تعتمد على كوميديا الأداء الهزلي والألفاظ الخارجة فهذا ما أرفضه تماما.

أنت واحد من النجوم القلائل الذين أبدعوا في الأعمال التاريخية التي يبتعد عنها الكثرون نظرا لتطلبها إجادة تامة للغة العربية فلماذا أقدمت على ما أحجم عنه الكثيرون؟ - أنا عاشق للتاريخ خصوصا فترة صدر الإسلام ، وأعتز بأعمالي المتعددة عن تلك الفترة مثل سعد بن أبي وقاص، الطبري، أبو عبيدة بن الجراح، خالد بن الوليد وأشعر وأنا أؤدي هذه الشخصيات بأنني لا أمثل لأن الكلمات تخرج من القلب.

ومن وجهة نظرك لماذا يبتعد معظم النجوم عن أداء مثل هذه الأدوار؟

- ببساطة لأنها تؤدى باللغة العربية الفصحى التي تختلف عن اللهجة العامية وتتطلب طريقة أداء مختلفة تعتمد على التضخيم والتناغم الصوتي ولابد أن يتواءم شكل الممثل مع طريقة الأداء الصوتي حتى لا يتعرض للفشل وأخشى ما أخشاه عند تجسيد تلك الأدوار ودائماً ما تصاحبني حالة من التوتر الدائم عند البدء في تجسيد هذه الشخصيات لأن أي خطأ قد يحدث سيؤثر على مشواري الفني الطويل ولكني أحاول التأكد بنفسي وأدقق في كل التفاصيل مهما كانت صغيرة.

متى نخرج بالفن العربي إلى حدود العالمية؟

- من أهم أسباب أزمة السينما والفن العربي عموماً هو انحصاره في سوق ضيقة وأتساءل لماذا لا تدخل المصارف الكبرى في عملية الاستثمار الفني بقروض مثلاً، فالجوانب الخاصة بالتسويق والحسابات والأرقام تستطيع المصارف العربية أن تقوم به على أكمل وجه وتستطيع أن تسترد أموالها بالفوائد القانونية عن طريق مساهمتها، فالفيلم إذا أحسن توزيعه على المستوى العالمي وضمنت حقوقه سيضمن رواجاً حقيقياً للفيلم وبهذا نكون قد قضينا على أهم مشكلات السينما العربية. تعاملت مع كبار المخرجين أمثال يوسف شاهين كيف تقيم تجربتك معه؟

- تجربتي معه ثرية للغاية، فنحن لا نعمل معا لكننا نتقابل دائما ونختلف أحيانا، نتجاذب معا في قضايا الفن والمجتمع والفكر لقد تعلمت كثيرا من يوسف شاهين، فهو علمني الإخراج وزوايا التصوير وإن كنت اختلف معه في أشياء أحيانا يكون هذا الاختلاف في الأفكار والدلالات. لقد عملت مع يوسف شاهين عندما قدم أفلاماً لها علاقة بحياة الناس وملامح يومهم الحقيقية، ولكنني ابتعدت عن التعامل معه عندما بدأ ينتهج اتجاهات جديدة.

إذاً لماذا لا نراك في أعمال جديدة معه؟

- يوسف شاهين أستاذي ونحن صديقان حميمان... أحيانا تكون بيننا اتفاقات شديدة وفي أوقات أخرى تتسع هوة الاختلاف، ففي فيلم «المهاجر» لم نتفق وكذلك في «الآخر» وألجأ دائما لوصف علاقتي بشاهين على أنها اختلافات وليست خلافات

العدد 1457 - الجمعة 01 سبتمبر 2006م الموافق 07 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً