لم تكن إرادته عادية، «عبدالله» الذي سافر قبل عام إلى بلد أوروبي، بعد التحقيق مع زوجته لأكثر من مرة في مراكز الشرطة في فترة السلامة الوطنية، ولأنه معتقل سياسي سابق في أحداث التسعينات التي شهدتها البحرين قرّر الهجرة إلى إحدى الدول الغربية حتى يبدأ شق طريقه نحو النجاح من جديد.
أقول ان إرادته غير عادية بسبب قصة كفاحه وعصاميته التي سأسردها هنا بعد أن وعدت الاسبوع الماضي بأن أسرد حكايات كفاح بحرينية كسرت حاجز اليأس وأثبتت نجاحاتها من خلال مقالات يوم السبت.
في العام 1996 كان عبدالله في الثانوية العامة، واعتقل لمدة سنة وأربعة أشهر مع غيره من النشطاء السياسيين الذين طالبوا بعودة البرلمان في تلك الفترة، لم يستطع إكمال دراسته الثانوية بعد خروجه من المعتقل، على رغم أن إدارة المدرسة وعدته بقبوله في العام الذي يليه ولكن الوعد لم يتحقق حتى مع إصراره ومراجعاته المتكررة لوزارة التربية والتعليم. وعلى طريقة «كريستوفر مورلي»: ان «الانجازات الضخمة ليست إلا إنجازات صغيرة كتب لها الاستمرار»، قرر عبدالله في العام 1999، إنشاء مؤسسة لبيع المجوهرات بمبلغ بسيط يقدر بـ 500 دينار فقط، استثماراً من أحد معارفه الذي كان يعطيه نسبة متفقاً عليها من الربح، لكنه ما لبث أن ألغى المشروع كي يبدأ تعليمه في معهد البحرين للتدريب لأن هاجس التعليم كان يلح عليه باستمرار، وبسبب ضعف إمكاناته المادية لم يستطع مواصلة الدراسة وعاد مجدّداً لسوق العمل، ليبدأ بـ 450 ديناراً اقترضها من أخويه، وأسس مكتباً للإعلان، وهنا بدأت قصة كفاح أخرى، إذ استأجر محلاً في قرية سلماباد وكان المبلغ الذي لديه يغطي مصاريف الإيجار فقط، فأثّث المكتب بمكيف غرفة أخيه وبسجادة كانت من مخلفات أحد جيرانه، أما الطاولة فكانت الأغلى إذ اشتراها بـ 45 ديناراً، وكان بانتظار أول زبون يمنحه الأمل، فكان له ما أراد، إذ حصل على طلبية مكوّنة من 2000 قبعة وقميص رياضي عن طريق الصدفة، لتكون الصفقة الأولى التي تمنحه الأمل في مواصلة عمله الخاص، فتسلم ثمنها ليحصل على ما يستثمره خلال الأشهر الثلاثة التالية.
ولأن تعامله كان مع إحدى شركات الإعلان التي تسببت له في حرج مع الزبائن بسبب تأخرها في تسليم الطلبيات في الوقت المتفق عليه، قرر أن يؤسس ورشةً لتصنيع الاعلانات ليفتتح بعدها بعامين فرعين لمحل بيع الكمبيوتر وألعاب الفيديو وصالون حلاقة رجاليا إضافة للمحلات الرئيسية، وهي مكتب الإعلانات وورشتي الاعلانات والمظلات. ولأن وقته لم يكن يسمح بإدارة كل تلك المحلات قرر بيع المحلات الأولى ليقتصر على العمل الإعلاني من خلال مكتب الاعلانات والورشة وورشة المظلات.
بعد عام من الغربة... ولأنه لم يعتد الجلوس بلا عمل، قرّر عبدالله أن يبدأ دراسته الجامعية بفصل في اللغة الانجليزية ليستطيع إكمال دراسته رسمياً في المجال الذي يحب، إضافة إلى عمله الذي بدأه هناك في المجال الإعلاني.
عبدالله ليس الوحيد الذي شقّ طريقه بعصامية، متجاهلاً كل المعوقات التي تبدأ بسخرية الأهل أحياناً وتوقعهم الفشل حين يتعلق الأمر بالمشاريع الخاصة أحياناً أخرى؛ ففي البحرين قصص كثيرة أثبت خلالها أبطالها أن الفشل كلمة لا توجد في قواميسهم.
ومضة: «لا تسمح لشيء بأن يثبط همتك، فالمفتاح الأخير في سلسلة المفاتيح هو غالباً ما سيفتح القفل»... زيج زيجلار.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3493 - الجمعة 30 مارس 2012م الموافق 08 جمادى الأولى 1433هـ
لا بد أن وراءه أمرأة
فالمرأة هي التى تدفع للنجاح أو للفشل.