في مسلسل «صح النوم» التاريخي، كان حسني البرزان يردّد في كل حلقة، وبكل جدّية وانفعال: «إذا أردت أن تعرف ما يجري في إيطاليا فعليك أن تعرف ما يجري في البرازيل»!
حينها كنا أطفالاً، وحتى عندما كبرنا لم يتضح سر الارتباط بين إيطاليا والبرازيل، فكلاهما من قارة مختلفة وتفصلهما آلاف الكيلومترات. ولم تكن هناك علاقة احتلال عسكري أو نهب استعماري تحكمهما، فكل ما كانت تفعله إيطاليا على رأس كل قرن، هو الاستقواء على جارتها الضعيفة ليبيا واحتلالها. وعندما فكّر الدوتشي بينيتو موسوليني أن يغامر بعيداً فإنه دفع جيشه لاحتلال بلد فقير يعيش تاريخياً في القرون الوسطى، ويقع جغرافياً في القرن الإفريقي اسمه الحبشة (أثيوبيا)، إلى جانب اقتطاع جزء من الصومال! فالارتباط بين البلدين إذاً لم يكن أكثر من فذلكة عبقرية زاخرة بالسخرية!
تذكّرت هذه العبارة مع بداية الاهتمام الإعلامي بالقمة العربية الجديدة في بغداد. ففي حين ركزت بعض وسائل الإعلام على أن الأزمة السورية ستكون على رأس جدول أعمالها، وصرّح بعضهم وتمنى آخرون أنها ستكون الموضوع الأول والأوحد على طاولة القمة، إلا أننا فوجئنا بخبر آخر يقول إن قضية أحداث البحرين لن تكون مطروحةً للنقاش، وقد أخذ هذا الخبر حيزاً كبيراً في الفضائيات والصحف ووسائل الإعلام.
الارتباط بين البلدين ليس جديداً، فبعد ما آلت إليه أوضاع النصف الثاني من الربيع العربي من اصطفافات، أصبح الموضوعان مادةً للتجاذب الإعلامي والتراشقات. وقد كشفت الأحداث أن هناك معايير مزدوجة في الشارع العربي، فهناك من يؤيد تطلعات شعب عربي وحقّه في التمتع بالديمقراطية الحقيقية في بلد وينكرها على شعب آخر. وفي كلتا الحالتين تستخدم نفس المبررات والمصطلحات والتعبيرات في بلد، وتستخدم أضدادها في البلد الآخر.
في الأشهر الستة الأخيرة، وبفعل ما آلت إليه أوضاع الربيع العربي، ارتبط الاسمان بشكل قوي، فلا يذكر اسم البلد الأول في أي برنامج حواري في إذاعة أو فضائية عالمية، حتى يرد الاسم الآخر مباشرة، للرد على الرأي الآخر. لقد ارتبط الاسمان بشكل واقعي ومحكم للدلالة على ازدواجية المعايير في عالم السياسة، أكثر مما ارتبط اسم إيطاليا والبرازيل في كتابات الصحافي العبقري حسني البرزان!
من المؤكد تماماً، أن القمة العربية لن تجلب الديمقراطية للشعب العربي السوري، حتى لو وضعتها كبند وحيد على رأس أجندة الجامعة العربية. ومثل هذه الجامعة التي نعاها العرب مراراً، وخصوصاً بعد تقاعسها في حرب تموز 2006 عن نصرة لبنان، وفشلها المدوّي في نصرة أهل غزة في حرب 2008، فإنها أكثر عجزاً عن إرسال جندي واحد لنصرة الشعب السوري، أو إغاثته ولو بشقّ تمرة، فاللعبة أكبر من هذه الجامعة مجتمعةً أو متفرقةً، والكرة أصبحت تُتداول بين أرجل الكبار.
العام الماضي، ومع توالي سقوط عدد من الحكام المستبدين العرب، كتب البعض مستبشراً بأنّ القمة العربية المقبلة ستكون قمة شعوب لا قمة حكام. وبينما تنبأ البعض بأنها ستكون قمةً ساخنةً ببروز قيادات جديدة تحرّكها أنفاس الربيع العربي الطلق، تنبأ آخرون بأنها ستكون قمةً خاليةً من الحماس واللقطات الكوميدية باختفاء أكبر رئيس بارع في التمثيل مثل القذافي.
تنطلق القمة صباح اليوم مع ذهابكم إلى أعمالكم، وتنتهي قبل عودتكم إلى منازلكم في المساء. وكل قمةٍ وأنتم ديمقراطيون!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3491 - الأربعاء 28 مارس 2012م الموافق 06 جمادى الأولى 1433هـ
القمه الفاشله
يشتغلون على رموت كنترول ما منهم فايده
تحلم
البحرين وسوريا ؟؟؟؟؟ ويش العلاقة .... حلم لبليسًفي الجنة
وكل قمةٍ وأنتم ديمقراطيون!
«صح النوم»... قمة بغداد!!!
MESHKAL WESH MSWEEN
يا اخي لا يمكن
يا اخي لا يمكن ان يناقش انقلاب مجموعة على القيادة الشرعية في دولة عربية . في القمة العربية , هذا انقلاب وليس ثورة
لكي نعرف ماذا يدور في الجامعة العربية علينا ان نعرف ماذا يدور في الجامعة الغربية
بين الجامعة العربية والغربية فارق نقطة فقط
صح لسانك يا أبو هاشم
هكذا واقع العالم العربي ... تخاذليون ... انهزاميون ... ضعفاء ... جبناء ... أذلة ... صاغرون.
لو جاء الاسلام من دول الغرب لرأيت أفضل تمثيلا له ولكن سلام على العرب والاسلام من حكام أذلوا شعوبهم واستعبدوهم فويل لهم من جبّار السموات والأراضين
طابت أوقاتك سيّد
اقتباس:
((من المؤكد تماماً، أن القمة العربية لن تجلب الديمقراطية للشعب العربي السوري))
نحن شعوب نرى القمم الأخرى
إذا رأينا القمم الأخرى للدول الغربية والدول المتقدمة وما يتمخض عنها من قرارات تلامس حياة الشعوب وحريتها وكرامتها ورأينا هذه القمم ......
على الدنيا السلام
صح لسانك
مشنه بوزنه منهم ..
اذا اسنطعت ان تعيش على سطح القمر بدون اجهزه الأكسجين حينها تستطيع ان تتمنى الخير من القمم العربيه . امريكا و اعوانه هم الذين يملكون القمم العربيه .
مقال رائع
شكرا جزيلا لك