مرَّ يوم المسرح العالمي على البحرين رسمياً بهدوء يوم الثلثاء الماضي، من غير أن يرفَّ لوزارة الثقافة جفن على تجاهله، مرَّ ولم يحظَ إلا ببعض كتابات من مسرحيين ومثقفين على شبكات التواصل الاجتماعي.
لكن مسرح الشارع السياسي تكفل بالاحتفال به طوال العام، احتفالاً يليق بيومٍ عالميٍّ للمسرح، من خلال أحداث كثيرة كونت مسرحاً جاداً أبطاله في العمق من المعاناة وفي العمق من الصمود والإصرار، حتى بدا واقعاً لا يمكن لأحد تجاهله.
أقول: مسرحٌ، لا تقليلاً من هذا الحراك، وإنما رغبةً وأملاً في أن يسدل عليه الستار بتحقيق المطالب وعودة الكادر، جميع الكادر، إلى مكانه الأصل.
أقول: مسرح، وأعتذر لجميع من يعتبر هذا المسمى انتقاصاً، لكنني أراه مسرحاً لأن جميع كوادر المسرح متوافرة به، ابتداء من الخشبة/الأرض، وصولاً للكادر البشري/الشعب والسلطة، وليس انتهاءً بالإضاءة والإعلام/القنوات الفضائية والصحافة.
في المسرح بعض الأبطال يبتكرون، ويرتجلون، ويعيشون الدور واقعاً لا تمثيلاً، لأنه جزء منهم بكل ما يحتويه من أحداث وسيناريو ومؤثرات، وفي مقابلهم أبطالٌ لا يعرفون إلا التمثيل وحفظ ما يمليه عليهم المؤلف، وهنا يكمن الفرق بين الموهوب وبين «الكومبارس» الذي يُعتَبر ورقة يستخدمها المخرج متى ما احتاج إليها من غير الالتفات إلى أهميتها أو إمكانية تأثرها بعد الرمي، علماً بأن البقاء للأقوى دائماً كما هي الحال في كل المجالات، والأقوى هنا لا يعني ذا العضلات المفتولة وإنما ذو الأداء المتميز الصادق.
كثيرٌ من الأحداث مرَّت على الساحة البحرينية، كان فيها المواطن جزءاً من المشهد، وبطبيعة الحال في أي مسرح، فإن الديكور مهمٌ لعكس الحدث أحياناً فلا يتكلم الأبطال. ديكور هذ المسرح كان سحباً من غازات مسيلة للدموع، وبقايا عبوات رُمِيَت هنا وهناك ليلعب بها أطفال فيما بعد، سحباً كوّنت فصلاً مكتملاً من غير أن يدخل بطل آخر غيرها على المشهد، لتكوّن «مونودراما» طبيعية اعتادت العين رؤيتها حتى حفظتها عن ظهر ألم.
مسرحٌ مؤثراته الصوتية أصوات طلقات وصراخ وسعال، وبعض كلمات، مؤثرات تسمع أحياناً من بعيد دون الحاجة لرؤية الحدث فيُطْلَقُ للذاكرة التي باتت متشبعة بكل تلك المشاهد العنان لأن تستعيد شريطها الخاص.
وفي ختام كل عرض يكتشف الأبطال أن لا وجود للإعلام إلا ما ندر، وحين يتحدث أغلب هذا النادر، فإنه يتحدث في الغالب لتغيير المشاهد التي لم تَرُقْ له، أو لتجريم جانب من الأبطال باعتبارهم تماهوا مع الحدث وأرادوا إيصاله بكل ما فيه من حيثيات، فعاشوه حياة يومية حتى الوصول لنقطة الختام، علماً بأنه مسرح يعتمد على نوعين من السيناريو: الحقيقي والمفتعل، الواقعي والخيالي، الجمعي والفردي، وللمشاهد فيه نصيب أيضاً وللناقد أشد العقاب، حين ينتقد الكومبارس أو المؤلف.
المسرح في البحرين بخير مع وجود كل تلك المشاهد الثرية، وكل أولئك المؤلفين والأبطال والنقاد والمتفرجين، ولكن قلوبنا ليست بخير، فمتى يسدل الستار عليه، ومن ذا الذي سيفعل؟
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3491 - الأربعاء 28 مارس 2012م الموافق 06 جمادى الأولى 1433هـ