قبل أيام وقعت السعودية عقدين لدراسة عملية خصخصة الأندية الرياضية السعودية، في طريقها لتحقيق مراحل البناء الاحترافي في العمل الرياضي ليتواكب مع العصر، ومع دخول الإمارات هذه العملية ومن قبلها قطر، بقينا نحن وبعض الدول الخليجية التي ربما تفوقنا في اقترابها الدخول في مسمّى مسابقات محترفين.
لا نتكلم فقط عن دوري للمحترفين بمعنى تواجد اللاعب المحترف، إذ إن لهذا الدوري الكثير من المعاني التي يجب أن نطبقها، أو على أقلها، أن نخطو لتطبيق بعض أموره التي تخفى على جميع الاتحادات الوطنية أصحاب الألعاب الجماعية بالذات، وإنما الحديث عن غياب الفهم الصحيح لدينا لتطبيق عملية الاحتراف، الاحتراف الذي يدخل الرياضة البحرينية بأكملها لعالم المحترفين، فبينما وصل البعض إلى القمر، وبدأت تشرع السعودية في عملية خصخصة الأندية التي تهدف لتنمية موارد الأندية من خلال شراكات ايجابية متطورة وتهيئة لأجواء استثمارية ملائمة مع القطاع الخاص سواءً داخل المملكة أو خارجها، نجد أنفسنا بعيدين كل البعد عن الاحترافية، وللتو فقط، نقوم نحن بإطلاق مبادرات لإسقاط ديون الاتحادات الرياضية وزيادة موازناتها واستحداث نظام استئجار السيارات لتسهيل مهمة الانتقالات والمواصلات لاعبي المنتخبات، وكأن هذا الأمر يحتاج إلى مبادرات وتفكير.
الطريق الطويل والشائك الذي ينوي اتحاد كرة القدم الدخول فيه من أجل تطبيق عملية الاحتراف لدينا وسط الظروف الصعبة التي نعاني منها أصلا، ستدخل الجميع في مستنقعات ومشاكل كانت غائبة ومنسية، وستفضح رياضتنا في الأخير، بالتالي ربما يجب علينا أن لا ندعو لأكثر مما نملك من أن نكوّن دوريا للمحترفين وإنما فقط تعديل دورياتنا في مختلف الألعاب بالعمل على جلب الإثارة والمتعة فيها حتى وإن كانت خارج مسمى "دوري المحترفين"، وقد أمست المناشدات ومطالبات الكثير من الأندية بتدخل القيادة الرياضة أو المؤسسة لتعديل أوضاعها، شكلا من الأشكال التي تدلل على أن الرياضة لدينا أصبحت "خربطة"، لن تكون فيها قادرة على دخول عالم الاحتراف، وإلا فإنها ستحتاج إلى دعم حكومي قادر على انتشالها مما تعانيه.
بالعودة لكرة القدم، فإن المملكة العربية السعودية تؤكد يوما بعد يوم أنها تمتلك أحد أفضل الدوريات والمسابقات (دوري زين السعودي) على المستوى العربي، إن لم يكن الأفضل والأميز، وقريبا ستكون في جميع المسابقات، بفضل عملية الخصخصة القادمة، نظير القرارات المتخذة التي تصب بنجاح في سبيل تطوير الرياضة السعودية، والتي تعتمد في الأساس على زيادة دخل أندية الدوري من خلال تخصيص عدد من المكافآت والجوائز، على رغم أن دوريها يصل إلى مراحل متقدمة من الدوريات المحترفة، فيما لا نزال نحن نراوح مكاننا نبحث عن منافذ للخروج فقط بمسابقة جيّدة هذا الموسم فقط، وينصب تفكيرنا فقط على كيفية تسيير مسابقاتنا في دورها الأوّل ثم التفكير في الثاني وهكذا، وعلى إسقاط ديون لاتحادات، تلعب بمسمى من لا أدري.
الاخوة في السعودية أصابوا عين المشكلة، وبدأوا التخطيط لها خير تخطيط من خلال خصخصة الأندية وتطويرها، لتكون منطلقا نحو الدخول لعالم الاحتراف الكلي، وليس فقط في كرة القدم، وهذا ما يجب أن نخطو له نحن، والبداية تكون من تطوير الأندية نفسها وموازناتها ومنشآتها ولاعبيها، عندها يمكن لاتحاد الكرة الدخول في عملية الاحتراف، وإلا فإن نتائج زيارات لجنة الاحتراف ستكون صعبة التنفيذ وإسقاط الديون ورفع الموازنات مجرد حبر على ورق والفرحة والإشادات بما هو مفروض من اللجنة الاولمبية عمله، سوى فقاعة لا تسمن ولا تغني...!
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 3490 - الثلثاء 27 مارس 2012م الموافق 05 جمادى الأولى 1433هـ