الرياضة ليست وسيلة للترفيه والترويح عن النفس أو اكتساب القوة والنشاط، أو للمتابعة والمشاهدة، وإنما هي في العصر الحديث بالأساس مصدر دخل للكثير من العوائل والأفراد الذين يعيشون بارتباط أساسي أو على هامش النشاط الرياضي.
اللاعبون والمدربون والحكام وسائقو الحافلات وعمال الملاعب ومن يبيعون المشروبات والوجبات الخفيفة وكذلك الصحافيون وحتى الإداريون وغيرهم كثيرون يعيشون بطريقة أو أخرى على النشاط الرياضي الذي إن توقف لأي سبب من الأسباب سيفقد الكثيرون وظائفهم ومصادر دخلهم الأساسية أو الجزئية.
مناسبة هذا الحديث أني استمعت مؤخرا إلى تقرير في إذاعة (بي بي سي) العربية عن التأثيرات الاقتصادية الكبيرة لتوقف دوري كرة القدم في مصر عن الكثير من المرتبطين بهذا النشاط، والصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي باتوا يتعرضون لها حتى دفعت من كان يفكر فيهم بالزواج إلى إلغاء هذه الفكرة.
دوري كرة القدم المصري كان يمر بمراحل صعبة جدا دفعت إلى منع الحضور الجماهيري في الكثير من المباريات، في الوقت الذي تراجعت فيه النتائج خارجيا للمنتخبات والفرق، إلا أن القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال كانت أحداث مباراة المصري البورسعيدي والأهلي والتي انتهت بكارثة راح ضحيتها أكثر من 50 مشجعا أغلبهم من فئة الشباب في واحدة من المآسي الخالدة في كرة القدم العالمية.
ما تبع هذه المباراة من توقف كامل للدوري وكذلك من قرارات بحق النادي المصري من قبل اتحاد الكرة، في الوقت الذي أصبحت فيه القضية محل جدل سياسي في البرلمان والحكومة وتقاذف للاتهامات بين أطراف الأزمة عمق من المشكلة وألقى بغمامة سوداء على الرياضة المصرية.
مصر الذي يعيش فيها أكثر من 80 مليون تعاني مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة جدا، والمشكلة الرياضية ستزيد الأوضاع سوءا، لأن الكثير من اللاعبين توقفت رواتبهم بسبب توقف المسابقات، والأندية كما قال التقرير تفتقد مصدر دخلها الرئيسي بغياب بيع تذاكر الجمهور وغياب النقل التلفزيوني للمباريات، في الوقت الذي يعاني فيه العاملون الأمريَّن في المنشآت الرياضية والبائعون المتجولون الذين كانوا يعيشون على النشاط الرياضي، وكذلك سواق التاكسي وغيرهم الكثيرون.
التقرير المذكور يوضح مدى أهمية الحفاظ على النشاط الرياضي وأبعاده عن الأحداث السياسية التي تعصف بأي بلد في ظل المتغيرات العالمية الكبيرة وتأمين الاستمرار له لأنه مصدر دخل أساسي للكثير من العائلات، وما حدث لدينا في البحرين ليس ببعيد عن ما حدث في مصر لأن الرياضة وعلى رغم أنها لم تصل لمرحلة الاحتراف لدينا إلا أن الكثيرين باتوا يعتمدون بصورة أساسية عليها فتأثروا كثيرا مما حدث والذي مازالت بعض تبعاته مستمرة إلى اليوم.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 3489 - الإثنين 26 مارس 2012م الموافق 04 جمادى الأولى 1433هـ