العدد 3489 - الإثنين 26 مارس 2012م الموافق 04 جمادى الأولى 1433هـ

معرض البحرين للكتاب: تونس ضيف شرف... «لستِ ضيفاً على أحد»

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

من 22 مارس/ آذار إلى 1 أبريل/ نيسان 2012 تحلّ تونس ضيف شرف على معرض البحرين للكتاب لتؤثث هذا الفضاء الثقافي الجميل بلمسات تونسية ذات ألوان ثقافية شتّى. فعلى غرار كل دورة للمعرض تختار هيئة التنظيم بلدا محدّدا ليكون ضيف شرف وفي هذه السنة كرّمت إدارة المعرض الجمهوريّة التونسية لتحل ضيفا شرفيا وفي ذلك أكثر من معنى ومغزى.

«لست ضيفا على أحد» قالها يوما الشاعر قاسم حداد وهو في ألمانيا فما بالك نحن التونسيين في البحرين نعم لسنا ضيوفا لأننا في بلدنا الشقيق والحبيب في درة الخليج جئناها من درة المتوسط انطلقنا من باب البحر في تونس العاصمة إلى باب البحرين في العاصمة المنامة.

نعم علاقاتنا الثقافية بالمملكة البحرينية ضاربة في القدم فهي ليست وليدة الساعة أو ربيبة الشهر والسنة إنما هي تعود إلى أعماق الماضي ولعلّ خير من بحث في هذا السياق الباحث إبراهيم عبدالله غلوم في كتابه الثقافة وإنتاج الديمقراطية وخاصة في الفصل المعنون بـ «الحراك الثقافي بين دول الخليج ودول المغرب العربي»، ولايزال أهل البحرين يتذاكرون زيارة الشيخ عبدالعزيز الثعالبي المفكر والمصلح التونسي في مطلع القرن العشرين فهم لا ينسون تلك الزيارة التي شملت أيضا الكويت والدور الإيجابي للشيخ الثعالبي في التقريب بين الفرقاء آنذاك.

ولم يتوقف التكامل الثقافي بين الشقيقتين تونس والبحرين وإنما أخذ أشكالا أخرى من خلال تبادل الخبرات بين البلدين منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي وخاصة في مجال التعليم وغيره.

ولقد انفتحت مملكة البحرين على أشكال متنوعة من الثقافة التونسية منذ أن وليت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزارة الثقافة حيث كان ولايزال لها تعاون كبير مع الدبلوماسية التونسية سواء في فترة السفير السابق خالد الزيتوني أم في فترة السفير الحالي زين العابدين التراس. وقد تعرّف الجمهور الثقافي البحريني خلال السنوات القليلة الماضية على عدد كبير من الشعراء الذين حلّوا ضيوفا على بيت الشعر مثل المنصف المزغني وجميلة الماجري فضلا عن النقاد والأكاديميين مثل المبروك المناعي أستاذ الأدب والنقد بالجامعة التونسية، كما انفتح الجمهور في البحرين على الفنّ التونسي من خلال أصوات طربيّة منتقاة تعكس ذوق القائمين على استضافتهم من ذلك السهرة الطربية الرائعة للفنانة التونسية درصاف الحمداني ومن قبلها الفنانة سنيا مبارك.

أمّا اليوم مع هبوب رياح الثورة فقد اختارت وزارة الثقافة التونسية أن ترشح أسماء جديدة لتمثل تونس في المحافل الثقافية على غرار معرض البحرين للكتاب فقد أحيى الشعراء التونسيون أمسيات شعرية بفضاء المعرض لينفتح الجمهور البحريني على أسماء جديدة من سماء الإبداع الشعري التونسي مثل بحري العرفاوي ومجدي بن عيسى والشاعرة فاطمة بن محمود وغيرهم من الشعراء والروائيين الذين جاءوا ليوطدوا العلاقة مع مبدعي البحرين.

ولم تقتصر المشاركة على الشعر وإنما افتتحت مساء الخميس الماضي بالطرب مع العرض الموسيقي «وصلة» بقيادة عازف العود كمال فرجاني حيث استمتع الحاضرون بوصلات فنية رفقة الفنانتين الطربيتين شهرزاد هلال ورحاب الصغير وبعد متعة الأذن جاء دور متعة الفكر فقد حاضر أبويعرب المرزوقي المفكر التونسي ذو التوجه الإسلامي عن شروط وحدة الثقافة العربية والمحاضر يشغل منصب مستشار لدى رئيس الحكومة التونسية مكلف بالثقافة والتربية، كما حاضر في اليوم نفسه محمد الحداد أستاذ كرسي اليونسكو لعلم الأديان المقارن عن الثقافة ومشغل التنوير.

كما تواصل الحضور التونسي في المعرض من خلال عرض أشرطة سينمائية حيث عُرِض شريط وثائقي عن الصحراء التونسية صوّر ما تتكتّم به الصحراء التونسية من حياة و عُرِض أيضا شريط رائع عن الشاعر الكبير شاعر الخضراء أبي القاسم الشابي شاعر الحب والحرية.

هي إذاً كوكبة من المثقفين التونسيين الذين يعطون صورة للثقافة التونسية ما بعد الثورة حيث كان بعضهم مهمّشا أو منسيا أو مبعدا لأسباب غير ثقافية وها هو الوزير المثقف المهدي مبروك يختار أسماء شابة من الشعراء والروائيين والسينمائيين ليمثلوا تونس الجديدة.

إنّ هذا الحضور من جهة تونس وإن كان في ظاهره تشريفا فإنه في باطنه تكليف وأيّ تكليف حيث يحمّل تونس ومثقفيها بعد الثورة مسئولية مواصلة العمل على طريق الإبداع والابتكار في شتى مجالات الثقافة الواسعة كما يحمّل الدبلوماسية التونسية في البحرين مزيدا من البحث عن أشكال التقارب والتكامل والتواصل الثقافي بين تونس والبحرين.

أمّا من جهة البحرين فإنّ تشريفها لتونس في هذا المعرض يحمّلها – أي البحرين – «مسئولية هي بها جديرة: تعميق أواصر التعاون بين جناحي الوطن العربي مشرقا ومغربا والحوار بين الشرق والغرب». وذلك كما قال وزير الثقافة والمحافظة على التراث التونسي مهدي مبروك في كلمة له بمناسبة افتتاح هذه الدورة الخامسة عشرة لمعرض الكتاب في البحرين.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3489 - الإثنين 26 مارس 2012م الموافق 04 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 4:08 م

      أهلا وسهلا بأهلنا

      أنتم لنا أهلا ونحن لكم أحبة

      أنتم تصدرون لنا العلم والتقافة وغيركم يصدر لنا الجهل

    • زائر 13 | 3:38 م

      أوجه التشابه بين البحرين وتونس

      مقال ممتاز. أوجه التشابه بين البحرين وتونس عديدة حيث كانت البحرين دوماً رائدة في منطقة الخليج العربي كذلك الشأن بالنسبة لتونس في منطقة المغرب العربي. ولعل من أبرز أوجه الشبه بين البلدين تحديث التعليم (الهداية الخليفية والمدرسة الصادقية والمعهد العلوي في تونس) واجبارية تمدرس المرأة حيث أعتقد أن أول امرأة خليجية ذهبت إلى المدرسة هي بحرينية وهو نفس الشيء بالنسبة للمرأة التونسية في منطقة المغرب العربي. ونحن نشعر أننا بين أهلنا وذوينا في البحرين والله يدوم العشرة

    • زائر 12 | 1:56 م

      مسئولية البحرين

      مسئولية كبيرة:
      تعميق أواصر التعاون بين جناحي الوطن العربي مشرقا ومغربا والحوار بين الشرق والغرب».

      واحنا قدها

    • زائر 11 | 11:14 ص

      جميل

      جئناها من درة المتوسط انطلقنا من باب البحر في تونس العاصمة إلى باب البحرين في العاصمة المنامة.

      رائعة

    • زائر 10 | 8:52 ص

      شكرا

      مقال يثير الإعجاب للطريقة الذكية التي تم تناوله به. مع عبارات الشكر و الرجاء بالتوفيق

    • زائر 9 | 8:51 ص

      حقا علاقات ثقافية مميزة

      بيننا علاقات كبيرة ونستفيد من بعضنا كثيرا ونرجو تطويرها

    • زائر 8 | 5:53 ص

      أحسنت

      لا ينكر عاقل التقارب الثقافي بين البلدين وخاصة في السنوات الخمس الأخيرة
      بارك الله فيك

    • زائر 7 | 4:15 ص

      لتبق العلاقات الأخوية الثقافية

      جميل شكرا على الموضوع
      نعم على طريق الوحدة الثقافية يدا بيد

    • زائر 6 | 4:06 ص

      يا أستاذ

      مقال ممتاز يا أستاذ. وبالتوفيق انشاء الله في المقالات المقبلة

    • زائر 5 | 4:04 ص

      لستِ ضيفاً على أحد

      صدقت تونس في القلب في بيتهم التوانسة مو ضيوف هم اهل الدار ونتمنى يستقدمو بع مدرسين توانسة لأنو شفنا فايدة منهم
      وشكرا

    • زائر 3 | 2:09 ص

      مرحبا

      كوكبة من المثقفين التونسيين الذين يعطون صورة للثقافة التونسية ما بعد الثورة حيث كان بعضهم مهمّشا أو منسيا أو مبعدا لأسباب غير ثقافية وها هو الوزير المثقف المهدي مبروك يختار أسماء شابة من الشعراء والروائيين والسينمائيين ليمثلوا تونس الجديدة.

      أنتم في بيتكم وتمنينا لو جيتو في ظروف غير

    • زائر 2 | 12:47 ص

      حلو الموضوع

      والله تونس في قلوبنا واحنا نقدر وايت المثقفين والمدرسين الي تعاملنا وياهم
      تحيه ليهم ولاهل تونس

    • زائر 1 | 11:33 م

      شكرا مقال جميل

      مقال رائع يصور العلاقات الممالزة بين مثقفي البلدين

اقرأ ايضاً