زارت وفود برلمانية الخارج، وشرحت بالتفصيل إنجازات المرأة البحرينية وما حققته على أرض الواقع، فضلاً عن تمكينها والارتقاء بها، هذه جمل وردت وترد وسترد في الكثير من الأخبار، علَّنا نرضي تلك الجهات بالقول إننا نهتم بالمرأة، أما على أرض الواقع فلا يهم ماذا يجري على المرأة؟!

في الوهلة الأولى ومن الأمور الغريبة أن الوفود التي تتحدث هي وفود من المفترض أنها تمثل الشعب مصدر السلطات جميعاً دستورياً، إلا أن معظم ما عرضته وتعرضه ليس له علاقة بالشعب وخصوصاً بالجانب النسائي منه.

المرأة ليست جمعيات ومؤسسات يجلس فيها بعض النساء ليتحدثن عما يردن بعيداً عن هموم المرأة وما تريده هي أصلا؟ المرأة ليست ملابس وحقائب بمئات وآلاف الدنانير يلبسها البعض ليبين أنه يمثل المرأة البحرينية، المرأة ليست في احتفالات هنا وهناك، المرأة ليست في الحديث عن المرأة ليل نهار في أحاديث هي في آخر سلم أولويات المرأة البحرينية، والمرأة ليست في حملة التغريب التي يقودها البعض.

بالنسبة للوفود البرلمانية، هل عبرتم عن عشرات الآلاف من النساء اللاتي خرجن منذ 14 فبراير/ شباط 2011 وحتى اليوم للمطالبة بالديمقراطية الحقيقية والكرامة ومحاسبة من انتهك حقوقهن وحقوق أبنائهن وأزواجهن وآبائهن، وإذا نسينا كل ذلك، هل نقلتم مطالب هؤلاء النسوة اللاتي خرجن في 9 مارس/ آذار 2012 في الماضي القريب جداً؟ كيف تعبّرون عن شعب لا تستمعون إليه؟ كيف نقلتم صورة المرأة ومكانتها دون أن تنقلوا صوت عشرات الآلاف من النساء.

أتريدون أن تعرفوا أين تم تمكين المرأة البحرينية؟ وكيف؟ تعالوا للقرى والمناطق وسترون كيف هي مكانة المرأة؟ انظروا إلى الصور والفيديوهات التي تريكم كيف تُعامل المرأة البحرينية في الواقع.

المرأة البحرينية، همومها هي هموم أسرتها، ليست مهتمة بمؤسسات كبيرة ورسائل طويلة وبرامج كثيرة، ولكنها تنتهي قبل أن تبدأ، هي بحاجة إلى ما يضمن لها ولعائلتها الحرية والكرامة والعيش الكريم، بحاجة إلى أن تضمن معاملة أبنائها وزوجها وعائلتها وفق مبدأ المواطنة لا وفق الطائفية والفئوية والقبلية.

اسمحوا لي أن أقول لكم، بعض إنجازات المرأة البحرينية، المرأة البحرينية تمثلت في روح المرحومة بهية العرادي التي روت الوطن بدمها الزكي دون أي ذنب ارتكبته، إنجازاتها في روح عزيزة وروح فاطمة السيدتقي اللتين ترفرفان على وطنهما بعد أن غادرتاه جسداً دون وداع الأهل، هي في روح زينب جمعة وروح وروح وروح نساء صعدت لربها منجزة ما كان عليها من واجب اتجاه وطنها.

إنجازات المرأة هي في مئات النسوة اللاتي ظللن وراء القضبان يعانين ما يعانين دون أن تتحركوا بشأنهن.

باختصار... المرأة... المرأة... المرأة... ليست ديكوراً يحمل أو كلاماً منمقاً يتم صفه، بل هي قبل ذلك إنسانة لها مطالبها الإنسانية وهي لا تنفصل عن كونها أنثى، والحديث عنها هو بالحديث عن معاناتها ومطالبها، وليس عما تريدونه أنتم أو بعض الجمعيات والمؤسسات التي لا تمثل سوى 50 أو 100 امرأة من ضمن عشرات الآلاف من النساء.