العدد 3484 - الأربعاء 21 مارس 2012م الموافق 28 ربيع الثاني 1433هـ

التأهيل النفسي بعد الأحداث ضرورة لا ترف

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

بإمكان المتتبع لما حدث في مملكة البحرين في السنة الماضية أن يشعر بمدى أهمية التأهيل النفسي للمواطنين المتضررين من تلك الأحداث؛ فما عاناه الشعب ولايزال يعانيه لا يمكن لجبل شامخ أن يتعرض إليه ويبقى صامداً من غير أن يتعرض لانهيارٍ في أطرافه.

الشعب البحريني أثبت تماسكه وعدم تنازله عن مطالبه المحقة برغم كل ما حدث، ولكن النفوس في الواقع بحاجة للتنفس، بحاجة للراحة، بحاجة لتأهيل على أيدي متخصصين تخرجها من تأثير ذاكرةٍ عصيةٍ على النسيان. وخصوصاً أولئك الذين تضرروا أكثر من غيرهم، من أهالي الشهداء والمعتقلين ومن تعرضوا للتعذيب، ومن تواجدوا لحظات سقوط الشهداء، وفي المستشفيات والقائمة تطول وتطول.

أطفالنا الذين شاهدوا كل تلك المقاطع المصورة للشهداء ولإخلاء دوار اللؤلؤة في المرتين وما تلاها من مشاهد للدخان والدماء، أطفالنا الذين باتوا يلعبون لعبة المتظاهرين والشرطة، ويجمعون عبوات مسيلات الدموع بدلاً من الأصداف، وينامون على وقع أصوات الطلقات بدلاً من أغنيات ما قبل النوم، بحاجة لتأهيل نفسي يعيد لهم براءة الطفولة ومرحها الذي كان.

وعلى الجمعيات السياسية والأهلية أن تنتبه لهذا الدور وتبدأ في التعاون مع متخصصين في هذا المجال لتقديم ورش ودورات على نطاق المناطق جميعها من خلال التوعية في بداية الأمر على ضرورة أخذ مثل هذه الجلسات التي سيكون لها دورٌ كبيرٌ في مواصلة الدرب من غير ترسبات تؤثر في سير الأحداث من جهة وتؤثر في تعامل الفرد مع أسرته ومجتمعه من جهة أخرى.

مثل هذه الجلسات النفسية والتدريبية يجب ألا تقتصر على مجالات مهنية دون الأخرى كما يحدث الآن بجهود فردية من بعض المهتمين بالشأن النفسي أو الاجتماعي أو ممن هم على علاقة بمتخصصين في هذا المجال، برغم أهميتها وحجم الجهد المبذول من أجل تحقيقها، بل يجب أن تتعدى ذلك إلى جميع طبقات المجتمع وأن تأخذ الجمعيات الكبرى زمام هذا الأمر باعتباره جهداً جباراً لن يستطيع الأفراد القيام به، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بتقديم دوراتٍ تدريبيةٍ وجلسات نفسية تأهيلية على أوسع نطاق.

نحن لسنا بحاجة اليوم إلى احتفالات زائفة وندوات نستعرض من خلالها إنجازات لم تنفذ، بل نحن بحاجة إلى تسليط الجهود لاستعادة التوازن النفسي لأبناء الشعب من المتضررين من كل تلك الأحداث. ولن أقول إن على الحكومة وتحديداً وزارتي الصحة وحقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية أن تعي ذلك وتبدأ بهذه الحملة، باعتبارها بعيدة عن جانب كبير من المجتمع، برغم أنه من صميم عملها ومن مسئوليتها، بل سأقول إن علينا أن نؤسس لجاناً في جميع المناطق تحت إشراف الجمعيات بعد الإعلان عن فتح باب التطوع لمدربين ومتخصصين في هذا المجال، وأنا على ثقة أن المتطوعين سيمثلون أعداداً كبيرة تلبي حاجة كافة المناطق.

في تويتر كتب «المرشد» نقطة لم أذكرها أعلاه ومن الممكن البدء بها وهي تخصيص مكتب لاستقبال استفسارات المتضررين من الأزمة أو خط ساخن، يسهم في التخفيف عن أخواننا عبر وسيلة يمكن الوثوق بها، إضافة إلى تفعيل دور المساجد بعد الصلاة في الحديث عن الأمل والصبر وتقوية الإيمان والعزم، واعتبرَها من الخطوات المهمة قائلاً: «ليست وحدها المسيرات والتجمعات كفيلة بذلك».

نتمنى أن نسمع إعلاناً بهذا الخصوص ينفذ خلال الأشهر القليلة المقبلة، ليكون مرحلة جديدة من مراحل الحراك الشعبي تتمثل في استعادة التوازن للاستمرار في المطالبة بحقوق الشعب المشروعة دون كلل أو يأس.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3484 - الأربعاء 21 مارس 2012م الموافق 28 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 6:33 ص

      مشكور تعليق 3

      مشكور من قلب على التوضيح
      طبعاً محد راح يعرف التوضيح إلا اذا قرأ التعليق

    • زائر 7 | 6:12 ص

      لاتقلقي الصبر من عمق ايمان هذا الشعب

      مقال موضوعي وواقعي ولكن اؤكد لك من خلال احتكاكي المباشر مع ابناء الشعب انهم اقوياء صامدون والتاهيل الذي اسردتي الخوض فيها يجب يعالج بها الديكتاتوريين ومواليهم الحمد الله الصبر على البلاء والبلايا من عمق ايمان هذا الشعب العظيم

    • زائر 6 | 3:08 ص

      مستعد للتطوع

      بالفعل على الجمعيات والمساجد والمأتم والوزارات أن تلتفت لهذه النقطة ، لأنها ضرورة لابد منها في الوقت الراهن ، أنا اختصاصي اجتماعي ومستعد للتطوع ولدي 4 من زملائي قرأوا المقال ومستعدون أيضا
      شكرا لكم استاذة على هذه الفكرة

    • زائر 5 | 2:53 ص

      عزيزتي الكاتبة

      مشكورة على هذا المقال الحلو بس في شي نسيتي تكتبينه وقد تم توضيحه في التعليق رقم 3

    • زائر 4 | 2:30 ص

      نعم

      لقد رأيت احد ابنائي واصدقائه يلعبون لعبة المتظاهرين والشغب فسألته ليش تلعبون هاللعبه فرد علي وقال الناس كلهم يلعيون هاللعبه الحين مو بس احنا فسرحت وانسحبت مكسورا

    • زائر 3 | 1:36 ص

      مشكورة

      أطفالنا الذين شاهدوا كل تلك المقاطع المصورة للشهداء ولإخلاء دوار اللؤلؤة في المرتين وما تلاها من مشاهد للدخان والدماء، أطفالنا الذين باتوا يلعبون لعبة المتظاهرين والشرطة، ويجمعون عبوات مسيلات الدموع ويصنعون المولوتوف ويحرقون سيارات الشرطة بدلاً من الأصداف،( وينامون على وقع أصوات الطلقات بدلاً من أغنيات ما قبل النوم، بحاجة لتأهيل نفسي يعيد لهم براءة الطفولة ومرحها الذي كان.

    • زائر 2 | 1:20 ص

      شكراً لكم

      حقا أن أطفالنا بحاجة لتأهيل يعيد لهم براءتهم ومرحهم ونحن بحاجة لهذا أيضا
      شكراً لك استادتنا الأمل الذي تزرعينه بداخلنا

    • زائر 1 | 1:07 ص

      سوسنة الأمل

      انت سوسنة الأمل هنيئا لمن هم حولك يستقون منك الأمل مباشرة
      شكرا لقلمك الحر الباعث للامل والتفاؤل

اقرأ ايضاً