العدد 3484 - الأربعاء 21 مارس 2012م الموافق 28 ربيع الثاني 1433هـ

في حمى الانتخابات الأميركية... «إسرائيل» والحرب على إيران

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

أتيحت لي الفرصة مؤخراً للمشاركة في عدد من اللقاءات الدولية المتعلقة بالمنطقة العربية وجوارها، أو ما يطلق عليه الغربيون الشرق الأوسط وشمال افريقيا، طمساً لهويته العربية والإسلامية، ولتأكيد وجود «إسرائيل» ودورها المحوري. وسأعرض أهم هذه القضايا الملحّة التي تتطلب من شعوب المنطقة ونخبها التحرك السريع قبل فوات الأوان، وهي الحرب الإسرائيلية المرتقبة ضد إيران.

الحرب على إيران

موسم الانتخابات الأميركية، هو موسم المزايدات في دعم «إسرائيل» من قبل المرشحين المتنافسين، وهذه المرة الرئيس باراك أوباما، مرشح الحزب الديمقراطي المؤكّد، ومرشحو الحزب الجمهوري المتنافسون الأربعة وفي مقدمتهم مت رومني ونيتز ونيوت جنجرش، وبول.

«إسرائيل» واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة والمتغلغل في كل مفاصل الدولة الأميركية والمجتمع الأميركي، يعرف ذلك جيداً، وقد استثمره إلى أبعد الحدود، فعقد مؤتمر الايباك (وهو اتحاد اللوبيات الإسرائيلي)، الذي تناوب على منصته الرئيس الأميركي والمرشحون الجمهوريون المتنافسون، وكل منهم يزايد على دعم «إسرائيل» وخصوصاً ما يتعلق بخططها لشن حرب على إيران لتدمير بنيتها النووية. ومما يظهر أهمية الظرف المناسب واستغلاله زيارة كل من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للولايات المتحدة، وإلقاء كل منهما خطاباً أمام المؤتمر، حيث عملا على تسويق الحرب الإسرائيلية ضد إيران كمهمة عاجلة لإنقاذ العالم من خطرها، داعين فيها الولايات المتحدة إلى دعم هذا العدوان. كما أن نتنياهو اجتمع مع الرئيس الأميركي، واتضح من خلال الحملة الإسرائيلية لتسويق العدوان أن الولايات المتحدة خطت خطوة أخرى أقرب إلى الموقف الإسرائيلي، وإن لم تتطابق معه تماماً، حيث تطالب أميركا «إسرائيل» بتأجيل الهجوم على إيران وليس إلغائه، مقابل تزويدها بأسلحة متطورة جداً، ومنها القنابل المضادة للتحصينات وطائرات تزويد الوقود وغيرها. وهكذا نجح الابتزاز الإسرائيلي، في ظل رئيس يطمح لتجديد رئاسته أكثر من ممارسة ما بشّر به عندما وصل للرئاسة بالتصالح مع المسلمين، وإنهاء الحروب التي تورّطت فيها أميركا، وخيار الحوار بما في ذلك الحوار مع إيران بدلاً من المواجهة، وحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً خلال فترة رئاسته.

الخبراء الإسرائيليون ومناصروهم من الأميركان يسوّقون الحرب الإسرائيلية ضد إيران لاعتبارات عدة، ان الطيران الإسرائيلي يملك القدرة على ضرب المنشآت الحيوية النووية الإيرانية، في ضوء تجربته السابقة في ضرب المنشآت النووية العراقية والسورية؛ وأن القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة ستسهل العملية بل وتدعمها لوجستياً؛ وان أياً من دول المنطقة العربية لن تعترض ولن تستطيع اعتراض مرور الطائرات الإسرائيلية في طريقها إلى إيران وعودتها منها. كما يطرح هؤلاء كون «إسرائيل» تمتلك غواصات بعيدة المدى قادرة على المشاركة في العملية.

ويقلل هؤلاء من قدرات إيران وحلفائها على الرد، باعتبار ان «إسرائيل» تتوفر على درع مضادة للصواريخ الإيرانية، وأن القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة ستساهم بدورها في اعتراض هذه الصواريخ. ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن حلفاء إيران في المنطقة وهم سورية وحزب الله في أسوأ أوضاعهما، فسورية في حالة حرب أهلية، وحزب الله لن يغامر بالتورط في الحرب لمعرفته بعواقب ذلك، ويستشهدون بحديث السيد حسن نصرالله المتحفظ عندما سئل عن رد الحزب لو تعرضت إيران لهجومٍ من قبل «إسرائيل».


دول الخليج ما موقفها؟

العنصر الثالث في هذه العملية، هو دول مجلس التعاون الخليجي لأنه من المعروف أن الهجوم الإسرائيلي ضد إيران سيجرّ إلى حرب إقليمية ستكون منطقة الخليج ساحتها. إنه وبحسب وثائق ويكليكس السرية، حث بعض قادتها الولايات المتحدة على مهاجمة إيران وتدمير برنامجها النووي، ولا يهم إذا قامت «إسرائيل» بالمهمة. إذاً الولايات المتحدة ستشارك أو ستجر إلى الحرب، وسترد إيران - كما أكدت - بضرب المنشآت والقواعد والقطع البحرية العسكرية الأميركية في الخليج ومحيطه، وقد هدّدت بإغلاق مضيق هرمز في حال تعرضها للعدوان. كما أن الحرب لن تقتصر على الأهداف العسكرية، بل ستشمل الأهداف النفطية والمطارات والموانئ، وخصوصاً أن معظمها مزدوج الاستخدام العسكري والمدني.

الغريب في الأمر أن مجلس التعاون الخليجي ودوله يتفرج على التطورات الخطيرة وكأنها لا تعنيه، أو أنه موافقٌ على السيناريو الإسرائيلي ضمناً بصمته. أفلا يدرك هؤلاء خطورة الحرب القادمة، وهم قد خبروا كارثة حربين سابقتين؟ كما أن الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي مشغولتان بالوضع في سورية ولا تلتفتان إلى كارثة أكبر مرتقبة.


ما العمل؟

أعتقد بأن الوقت يداهمنا. المطلوب من النخب الوطنية الخليجية أن تتحرّك بسرعة، وأن تتوجه إلى حكام مجلس التعاون الخليجي، لكي يتركوا اللامبالاة جانباً، وأن يتخذ مجلس التعاون مبادرة جدية، بالدخول مع إيران في مفاوضات جدية للتوصل إلى اتفاق للأمن المشترك، بما في ذلك عنصر برنامج إيران النووي، والوقوف ضد العدوان الإسرائيلي الذي يلوّح به، وكذلك ضمان أن تكون القوات الأميركية في المنطقة بغرض الدفاع عن دول المجلس وليس الهجوم على الجار الإيراني.

آن الأوان لمجلس التعاون الخليجي أن يتحمّل مسئوليته في ضمان أمنه، والمشاركة في ضمان أمن المنطقة المحيطة به بما فيها إيران، لأن مجلس التعاون هو المتضرّر الثاني بعد إيران من أيّ عدوان إسرائيلي.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3484 - الأربعاء 21 مارس 2012م الموافق 28 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:13 ص

      فى هذه حرب دول خليج فى مهب ريح

      الولايات المتحدة ستستخدم الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية الخليجية في حال تم ضرب إيران، وبالتالي ستعامل معها طهران على أساس أنها شريكة في الحرب التي ستشن عليها وشكرآ.

    • زائر 1 | 3:10 ص

      صباح الخير ابو منصور

      دول مجلس التعاون هي المتضرر الاول يمكن اول مره اختلف مع تحليلاتك كل خبراء الحرب في العالم يشككون في مهاجمه اسرائيل لايران ويدرسون كل الفرضيات الممكنه والسناريوهات الموضوعه لخطه الهجمه المحتمله على ايران ما تسرب من خطه هو ان الساعات الاولى من الهجوم ستشارك مائه قاذفه حربيه في ضرب الاهداف وعليها ان تجتاز الاردن والعراق وربما الاراضي السعوديه لكي تصل اهدافها ايران تحتاج الى خمس دقائق لتحقق من ساعه الصفر وساعتها ستكون جاهزه لتدمير الطائرات المهاجمه فنجاح الضربه او فشلها سيكون كارثيا للمنطقه.ديهي حر

اقرأ ايضاً