العدد 3480 - السبت 17 مارس 2012م الموافق 24 ربيع الثاني 1433هـ

شركة جابر

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

نمت شركة جابر لتصبح واحدة من الشركات الإنشائية التي لها وزن في الاقتصاد، وكانت لجابر علاقات قوية مع الموظفين والعمال، ويفتخر بهم، ويرجع فضل نجاح الشركة لهم.

في أحد الأيام قرر جابر أن يفصل موظفاً اسمه برهان، لأنه يحمل رأياً مختلفاً في موضوع الحياة الزوجية وإدارة الأسرة طرحه في إحدى القنوات الفضائية، وهي مسألة لا علاقة لها بالعمل ولا بالشركة.

عندما علم أبناء برهان، حزنوا لأنهم يعتقدون أن تسريح أبيهم عن العمل سيؤثر على حياتهم، لكن برهان ابتسم، وطلب من أبنائه أن لا يحزنوا، فإن الله هو الرزاق.

في ذلك الوقت، كان برهان لا يمتلك مالاً، لأنه لم يتمكن من توفير النقود عندما كان يعمل. ولحسن حظه، أن زوجته تجيد الطبخ، فطلب منها أن تصنع ورق عنب، وتغليفه في صحون.

وبدأ برهان يذهب إلى السوق ليبيع ورق العنب، كان ربح اليوم الأول 500 فلس، لكن بمرور الأيام اكتسبت زوجته معرفة، وقامت بتحسين منتجها بما يتناسب مع الأذواق، ما دفع إلى زيادة المبيعات، وارتفاع الربح اليومي إلى 10 دنانير.

الزوجة ذكية، بعد شهر، قامت بإضافة النخج والباقلة والهريس، فزاد الطلب وقفزت المبيعات، وارتفع الربح إلى 20 ديناراً في اليوم الواحد.

عندما اكتسب برهان وزوجته سمعة، فتحوا مطعماً، فتضاعف مدخولهم أضعافاً مضاعفة، وخلال 5 شهور أصبح مدخولهم الصافي لا يقل عن 2000 دينار شهرياً.

وبازدياد رصيدهم النقدي في البنوك، فتحوا لهم شركة للمواد الغذائية، ثم شركة عقارية، وبعدها شركة ألمنيوم وزجاج، وهكذا توسعوا بشكل كبير، بعد 10 سنوات، أصبحوا يمتلكون مجموعة شركات تقدر قيمتها بملايين الدنانير.

وحدثت أزمة اقتصادية، وتراجعت الأعمال الإنشائية بشكل حاد، ما أدى إلى إفلاس الكثير من الشركات. وأصبحت شركة جابر الإنشائية على وشك الإفلاس.

حاول جابر جاهداً، إنقاذ شركاته، لكن لا فائدة، حتى وصل إلى مرحلة من مراحل اليأس، وتوجه لمكتب محامٍ، لاتخاذ إجراءات الإفلاس. وأثناء الطريق شاهد إعلاناً عن مشروع ضخم. وقال جابر، إذا حصلت على مناقصة هذا المشروع، فإنني سأنجو من الإفلاس.

أخذ جابر موعداً لمقابلة مدير الشركة صاحبة المشروع الضخم بهدف الحصول على مناقصة البناء.

قالت السكرتيرة، تفضل يا جابر المدير بانتظارك، عندما فتح جابر الباب، احمرّ وجهه وتصبب عرقاً، ولم يعرف كيف يتكلم، لأن من سيقابله هو برهان الموظف الذي قطع رزقه بدون سبب.

لكن برهان، قام بكل حب واحترام لرئيسه السابق. وقرر أن يرسي عليه المناقصة مباشرة من الآن. وبذلك نجا جابر من إفلاس وشيك، بصفقة فيها أرباح عالية.

ابن برهان قال: «أبي لماذا أعطيت جابر المناقصة، وهو من قطع رزقك عندما كنت موظفاً لديه؟».

فقال برهان: «عندما سرحت ظلماً، كان خيراً لنا، لأنه كان سبباً فيما نحن فيه من ثراء، إذ دفعنا ذلك لنؤسس شركات ونصبح أثرياء، ولو بقيت عاملاً لكنا فقراء إلى يومنا هذا».

فرد الابن: «لكن، يجب أن ترد اعتبارك».

فقال برهان: «بني، لا تحقر من أحد مهما هان، فقد يضعه الزمان موضع من يرتجى وصاله وتخشى فعاله».

ونظر برهان إلى عيني ابنه، وقال: «كل شيء هالك، ولا يبقى إلا ما أنضجه حب... نحن بشر، وسعادتنا الحقيقية مرهونة بحب بعضنا بعضاً».

وصدق برهان، الدنيا تدور على كل من يسلك طريق جابر، ويظلم الآخرين، وينسى أن الله أحكم الحاكمين. وهل سيتعظ جابر من دروس الحياة؟

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 3480 - السبت 17 مارس 2012م الموافق 24 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:32 م

      إسمعوا قصتي الحقيقية واعتبروا

      كنتُ مسئولاً كبيراً في إحدى الشركات، و كان من بين عمالي رجل آسيوي كبير السن، مخلص في عمله، و لكنني أحببتُ الإنتقام منه فقط لأنه كان مدمناً على شرب الخمر رغم كبر سنّه. فأنهيت عمله بالشركة، و عاد إلى بلاده. و دارت الأيام، و مرضتُ مرضاً مفاجئاً أجبرني على الإستقالة والتفرغ للعلاج. صرفت كل ما وفّرته من سنين وكذلك مستحقاتي التأمينية على العلاج، و لم تتحسن حالتي لأعمل ثانية ،و أصبحت بلا دخل،و اليوم أعيش مع أسرتي ظروفاً صعبة لا يعلمها إلا الله. كل هذا لأني قطعتُ رزق رجل فقير، فسبحان الله المنتقم الجبار

    • زائر 2 | 4:07 ص

      حكم الله في خلقه

      ان من يظلم غيره وسنين عمره ليست في يده انها في يد الله سبحانه وتعالى فليتذكر عقاب الله قبل ان يقدم على ظلم اي احد وحتى من عائلته فسيأخذ الله حقهم منه في الدنيا فبل الآخره فمن لم يتعظ سيكون هو الخاسر الأكبر لدنياه وآخرته

    • زائر 1 | 3:47 ص

      رائع هذا المقال

      يخفي الكاتب القدير بين ثنايا مقاله الرائع عدة رسائل ذات مضامين عاليه، فهو يحثنا على التوكل على الله والإيمان بمقوله "رُب ضارةً نافعه" وكذلك المثابرة والجد والإبداع في العمل خاصة العمل الحُر...شكراً للكاتب الرائع

اقرأ ايضاً