فاجأ العام 2011 العالم بربيع من الثورات والانتفاضات العربية (الصحوة العربية) من المحيط إلى الخليج، بينما جاء العام 2012 ليطرح تساؤلات عن إمكانية اختطاف الربيع العربي أو حرف مساره وتشويهه وتدخيله ضمن معادلة الصراعات الطائفية والإقليمية والدولية، بحيث يختلط ما هو شعبي وسلمي ومشروع مع ما هو مخطط له كجزء من مخططات ربما تتضمن خروجاً على المبادئ السامية التي قامت عليها ثورات وانتفاضات الصحوة العربية في إطار الحقوق الإنسانية والحريات العامة والعدالة الاجتماعية، تلك المبادئ والحقوق التي ظلت منسية في منطقتنا العربية.
فكرة اختطاف الربيع لم تكن واردة عند بدء انتفاضات وثورات الصحوة العربية الديمقراطية، ولكن هناك حديث عن هذا الموضوع حالياً.
إن الربيع أسس لقاعدة من الوعي في وجدان الشعوب العربية وهي القاعدة التي أوجدت انتصارات نوعية ولاسيما في النقلة النوعية في سمعة العرب على المستوى العالمي حتى أصبح الربيع ماركة عربية مسجلة إن جاز لنا القول.
في مارس/ آذار الجاري، احتفل اللبنانيون بحدث مهم، والبعض يطرح بأنّ الربيع العربي بدأ فعلاً قبل 2011، إذ شهدت الساحة اللبنانية حراكاً في مطلع 2005 غيّر المعادلة بشكل غير متوقع... ومهما اختلفت مواقف الأطراف والاتجاهات السياسية حول ما جرى في لبنان من حراك شعبي العام 2005، إلا أننا لا يمكن أن نختلف بأن الشعب اللبناني تحرك بشكل واسع تحت شعارات نادت بحق الشعب في تقرير مصيره، وبحقه في إقامة نظام ديمقراطي عادل، وهذا الحديث أصبح في 2011 جزءاً من ثقافة المنطقة.
الصحوة العربية الديمقراطية الأوسع التي انطلقت في 2011 أحدثت تغييراً في العالم العربي ووضعته في السياق الصحيح للتاريخ الإنساني، ووضعت الصحوة العربية حدّاً لما كان يطلق عليه «الاستثناء العربي»، أو «الاستثناء الخليجي» حيث اعتبر البعض أن العرب والخليجيين لديهم خصال تخالف طبيعة البشر وأنهم لا يتمتعون بالقدرة على التعايش مع الديمقراطية ولا يستطيعون تطوير نظمهم وحياتهم بما تتطلبه ممارسات الديمقراطية.
ولكن الصحوة العربية جاءت على خلاف كل ذلك، وحتى لو نجح البعض في اختطافها أو حرفها مؤقتاً، فإنها وضعت لكل العرب خارطة طريق لإرواء عطشهم للحرية، وهذا التحول جاء نتيجة انهيار حاجزي الخوف والصمت ونتيجة لشجاعة الشباب العرب الذين، بحسب أحد السياسيين «تخطوا اللامبالاة ورفضوا الظلم حتى وإن كان ذلك على حساب حياتهم... في عالم لم تشعر فيه من قبل الشعوب قط، وخاصة الشباب منهم، بهذا الكم من القدرات على رغم التهميش، خرج العرب من سجنهم الكبير فألهموا بذلك الكثيرين حول العالم».
نعم إن الصحوة العربية الديمقراطية تشكل «خارطة طريق» نحو الحرية السياسية ونحو الكرامة والعدالة ونحو مستقبل أفضل لأجيال لا تعيش الخوف من المستقبل، ولا ترضى بحياة الذل والعبودية ولا تخضع لسياسات القمع التي ركّعت أجيالاً سابقة وافقت على التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي من أجل تعيش على هامش الحياة.
الواقع أن العرب، وبسبب انتفاضات وثورات الصحوة العربية، ودعوا انتخابات تأتي بنتائج فوز الرئيس أو الحزب بـ 99 في المئة، وهم يودعون مرحلة الغباء والاستغباء السياسي التي تطلق على المخالفين للرأي الرسمي تهماً مثل العمالة للخارج والارتباط بالأجندات الأجنبية. إن حقوق الإنسان عالمية، وليس هناك عمالة لحقوق الإنسان، لأننا كلنا بشر نتساوى في الحقوق والواجبات، ومن لا يفهم لغة حقوق الإنسان، فإن الأفضل له ان يدخل دورات تدريبية من أجل ان يفهم بأن السياسات البالية والاتهامات القديمة لا تجدي نفعاً.
من المؤسف ان البعض يصفق في اتجاه الديمقراطية في بلدان أخرى غير بلده، وهذه ظاهرة مخجلة وهي توضح ان التخلف الذي أنتج الاستبداد في الماضي لايزال يعشش في رؤوس البعض. ولكن، مع كل ذلك، فإن الشعوب العربية في كل بلد عربي تتخطى هذه الظواهر السلبية، إذ لا يمكن مصادرة قيمة الإنسان العربي الذي استنشق الحرية والكرامة، وحتى لو تعثر الطريق نحو الانعتاق إلا أن ما تأسس من قاعدة وعي في انتفاضات وثورات الصحوة العربية ليس بمرحلة عابرة وإنما خارطة طريق للشعوب المتعطشة للحرية في المنطقة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3480 - السبت 17 مارس 2012م الموافق 24 ربيع الثاني 1433هـ
رد على 2
من انقلب على من واية شرعية تم الانقلاب عليها هل تقصد الحكم فالحكم موجود اما إذا كنت تقصد المطالبات بالحقوق هو انقلاب على الشرعيه فالأفضل لنا ان نغلق المدارس فالواضح ان دراستنا كل تلك السنين الى الآن لم نستفد منها شيئا فلازلنا نتخاطب على وزن غنمي غنمي مااجملها
صح ميه في الميه
لقد اصبت الهدف يااستاذة بارك الله فيك
ليس هناك ربيع عربي في وطني
لا يوجد ربيع عربي في وطني ياريم خليفة . وانما يوجد انقلاب واضح على الشرعية ونرجو من القراء الاعزاء عدم خلط الامور.