ذكر المحامي محمود ربيع ان مجموعة من الصحافيين من ضمنهم حسين منصور وراشد الغايب ومحمد السواد وعلي مجيد وعيسى الدرازي وهيفاء عدوان تقدموا بطلب ترخيص تسجيل جمعية حقوقية باسم نزاهة، إلا ان وزارة التنمية الاجتماعية رفضت الطلب بدعوى عدم اختصاصها بذلك، وقد رفع المدعون دعوى امام المحكمة الكبرى المدنية الاولى التي قضت بعدم تسجيل الجمعية، وعليه تم استئناف الحكم، وحددت المحكمة 9 أبريل/ نيسان 2012 موعدا لرد وزارة التنمية الاجتماعية في الدعوى.
واضاف ربيع تفاصيل الدعوى ان المستأنف عضو مؤسس ورئيس اللجنة التحضيرية لجمعية النزاهة البحرينية المعروفة بـ «نزاهة»، إذ ان الاعضاء تقدموا في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 بطلب ترخيص تسجيل الجمعية لوزارة التنمية الاجتماعية وفقاً لاحكام القانون رقم 21 لسنة 1989 والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذاً له، الا انهم لم يتلقوا رداً من الجهة الادارية – المستأنف ضدها - خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب، ما يعتبر رفضاً ضمنياً لطلب التسجيل وفقاً للمادة رقم 11/3 من قانون الجمعيات رقم 21 لسنة 1989.
وتابع ربيع ان المستأنف «الجمعية» تظلم من ذلك بتاريخ 21 فبراير/ شباط 2010 وفقاً للمادة 11/4 من قانون الجمعيات رقم 21 لسنة 1989، ولم تقم جهة الادارة «المستأنف ضدها» بالرد على ذلك التظلم بقرار مسبب خلال ستين يوما، ما يعتبر رفضا للتظلم وفقا للمادة 11/5 من قانون الجمعيات رقم 21 لسنة 1989.
وبين ربيع ان المستأنف أقام دعواه بلائحة قيدت بتاريخ 16 مايو/ أيار 2010 بالطعن على قرار جهة الادارة «المستأنف ضدها» برفض منح المستأنف ترخيص إشهار جمعية النزاهة البحرينية وإلزام المستأنف ضدها بتسجيل جمعية نزاهه، وقد تداولت القضية أمام محكمة أول درجة بحسب ما هو ثابت بمحاضرها حتى صدر الحكم بتاريخ 26 أبريل/ نيسان 2011 قضى منطوقه بالآتي (حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات).
ولما كان الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة إلى ما رفع عنه الاستئناف، وكانت محكمة الاستئناف تنظر الاستئنافات على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُدِمَ من ذلك أمام محكمة أول درجة، وعليه فإن المستأنف يطعن على الحكم الصادر من محكمة أول درجة بالاستئناف.
وقد تقدم ربيع بمذكرة جاء فيها انه من اسباب الاستئناف في الشكل لما كان المستأنف قد رفع دعواه في الميعاد المحدد وفقاً لقانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 12 لسنة 1971 مُسددا عنها الرسوم القضائية ومستوفيا جميع الأوضاع القانونية المقررة، فإن الاستئناف يكون جديرا بالقبول من الناحية الشكلية.
وتابع اما بخصوص الموضوع فان هناك الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، قائلا ان المستأنف ينعى على الحكم المستأنف الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إذ ان القرار الاداري برفض تسجيل جمعية نزاهة يعد قراراً اداريا سلبيا «امتناع عن اتخاذ قرار» ويخضع لكل ما تخضع له القرارات الادارية من أوجه الطعن ومنها الطعن بعدم الاختصاص السلبي، إذ يعتبر في حكم القرارات الادارية رفض السلطة الادارية وامتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقاً للقوانين واللوائح.
إذ ان القرار الاداري أخطر وسائل الإدارة في أداء دورها، وعلى رغم ما له من أهمية فإن الإدارة ملزمة في إصداره بقيود تشكل ضمانة لصون حقوق الأفراد وحرياتهم تحول دون تحكمها وافتئاتها على مبدأ المشروعية فإذا خرجت الإدارة بقرارها على تلك الضوابط عُد قراراً غير مشروع.
وافاد بأنه لما كان ذلك وكان المشرع وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 1989 بإصدار قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة قد أناط بالمستأنف ضدها تسجيل الجمعيات عموماً إذ ينص القانون على انه (تعتبر وزارة العمل والشئون الاجتماعية الجهة الإدارية المختصة للجمعيات عموما ولأماكن الإيواء وللأندية الثقافية والاجتماعية الخاصة بالجاليات الأجنبية أو التي تنشئها الهيئات الخاصة والشركات وكذلك المؤسسات الخاصة، ويستثنى من ذلك الجمعيات الثقافية والفنية الوطنية التي ينحصر نشاطها في هذا المجال) إلا أن جهة الادارة «المستأنف ضدها» رفضت اصدار قرار بتسجيل جمعية نزاهة على سند من القول ان الجمعية طالبة الترخيص هي جمعية ثقافية ولم تتضمن أهدافا اجتماعية وهو ما أخذ به الحكم المستأنف وقضى بصحة القرار الاداري الصادر من المستأنف ضدها برفض تسجيل جمعية نزاهة.
وافصح ربيع: إلا أنه بمطالعة م -8- من النظام الاساسي للجمعية – المرفق بلائحة الدعوى - فإنها تنص على ان (تقوم الجمعية في حدود القوانين المعمول بها في مملكة البحرين بالعمل على تحقيق الأهداف المتمثلة في نشر ثقافة النزاهة انطلاقاً من روح المشروع الاصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وتوجيهات الحكومة، ودعم رؤية البحرين الاقتصادية لعام 2030 عموما، وبخاصة ما أعلنه ولي العهد صاحب السمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، أن الرؤية تطمح بأن تكفل لكل بحريني الامان والاستقرار والعيش الكريم والإحساس الصادق بالعدالة وبتعميم النزاهة منهجاً تقوم عليه نهضة البحرين التي تكفل كل مبررات النعمة والتقدم.
ولفت ربيع «إلى انه وبالاطلاع على أهداف الجمعية نجد أنها تنصب على دعم مشروع البحرين الاقتصادي المعروف بـ «رؤية 2030» وهو المشروع الذي يهدف الى الارتقاء بمملكة البحرين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من تعليم وصحة وعمل، ولتحقيق هذه الرؤية فإنها تحتاج لمساهمات عريضة من قادة الرأي في القطاعين العام والخاص ورجال السياسة والهيئات المتخصصة لذا انطلقت رغبة الاعضاء المؤسسين لهذه الجمعية في الانخراط في هذا المشروع الوطني، واذ ان رؤية 2030 ليست مشروعا ثقافيا او فنيا فإن جمعية نزاهة ليست جمعية ثقافية او فنية انما جمعية تستهدف تحقيق الاغراض الاجتماعية لرؤية 2030 لتكون رافدا من القطاع الاهلي المجتمعي يسهم في تحقيق أهداف رؤية البحرين 2030 جنبا الى جنب مع الاجهزة الحكومية والمنظمات الأهلية.
واشار إلى انه ومن خلال وثيقة رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى 2030 ورد من خلالها الآتي (سوف تقوم الحكومة بعد التنسيق مع السلطة التشريعية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بوضع خطط استراتيجية مفصلة، وخطط تنفيذية كفيلة بتحويل هذه الطموحات الى واقع يحقق تطلعات القيادة والمجتمع البحريني) ولذلك جاء تأسيس هذه الجمعية لسد ثغرة عدم وجود منظمات اهلية تساهم في رؤية 2030.
كذلك نجد أن من اهداف الجمعية مراقبة نزاهة العمليات الانتخابية والاستفتاءات، رغبة من المؤسسين لتلتحق جمعية نزاهة بزميلاتها من الجمعيات التي تراقب العملية الانتخابية – بهدف ضمان اكبر قدر من النزاهة والشفافية - مثل الجمعية البحرينية للشفافية والجمعية البحرينية لحقوق الانسان وجمعية الحقوقيين البحرينية والجمعية البحرينية لمراقبة حقوق الانسان وجميعها جمعيات تم تسجيلها باعتبارها جمعيات اجتماعية وتخضع لاشراف وزارة التنمية الاجتماعية.
وأهداف مثل مكافحة الفساد والمحسوبية ودعم الحراك الوطني الديمقراطي في البحرين لا ريب انها اهداف اجتماعية ولا تمت بصله للثقافة، لترفض المستأنف ضدها تسجليها وتحيل أمر التسجيل الى وزارة الثقافة والاعلام باعتبارها جمعية ثقافية.
واضاف ربيع: علاوة على ما تقدم فإنه وفقاً للفقرة الاخيرة من المادة 7 من قانون الجمعيات رقم 21 لسنة 1989 الذي عرف الجمعية الثقافية على أنها (كل جمعية يكون الغرض من تكوينها النهوض بالعلم أو الفنون أو الآداب) إذ كما هو مبين بعاليه فإن أهداف الجمعية لم تستهدف النهوض بالفن والادب والعلم وإنما نص نظامها الاساسي على اهداف اجتماعية تسهم في تحقيق رؤية البحرين 2030 وتدعم الحراك الوطني الديمقراطي في البحرين.
وقال ربيع: لا يغير من وجه الرأي النص على مفردة «ثقافة» في احد أهداف جمعية نزاهة إذ ان هذه المفردة عادة ما ينص عليها فالجمعيات الحقوقية تستهدف نشر ثقافة حقوق الانسان، والجمعيات الدينية تستهدف نشر الثقافة الدينية، وجمعيات الشفافية تستهدف نشر ثقافة الشفافية وهلم ما جرى، وهذه الجمعيات وغيرها ورد في انظمتها الاساسية مفردة «ثقافة» ولم يمنع ذلك المستأنف ضدها من تسجيلها والترخيص لها.
كما دفع ربيع بمخالفة القرار الاداري المطعون فيه للغاية، إذ يشترط لصحة القرار الإداري توافر خمس شروط إذا تخلف أحدها بطل القرار وهذه الشروط هي (1) الشكل، (2) الاختصاص، (3) المحل، (4) السبب، (5) الغاية فالسلطة الإدارية تستهدف عند إصدار القرار الإداري غاية محددة سواء أكانت ظاهرة في القرار الإداري أم مفهمومة من الظروف الملابسة لإصداره وينبغي أن تكون الغاية مشروعة لا يقصد بها مضار من يتناوله القرار الإداري لأن الغرض من القرارات الإدارية أن تصدر لتحقيق مصلحة عامة وليس مصلحة شخصية فإذا حاد القرار الإداري عن هذا الشرط فقد شرطاً من شروط صحته وهو ما يعبر عنه بإساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
وتابع ربيع يعتبر القضاء الإداري في التمييز بين الإفراد في المعاملة قرينة في إثبات عيب الانحراف بالسلطة، وهذا التمييز يقع بين أفراد ذوي المراكز المتساوية أو المتماثلة، ويقصد بهذه القرينة مخاطبة جميع أفراد المجتمع بصوة موحدة ومتساوية بكل القوانين الداخلية عند توافر شروط تطبيقها عليهم، وبغض النظر عن أية أوجه أو اعتبارات للتفرقة والاختلاف فيما بينهم.
وطالب ربيع بقبول الاستئناف شكلاً لإقامته في الميعاد واستيفائه الأوضاع القانونية المقررة، وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام المستأنف ضدها بتسجيل الجمعية البحرينية للنزاهة «نزاهة»، وفي كل الأحوال تضمين المستأنف ضده الرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
العدد 3480 - السبت 17 مارس 2012م الموافق 24 ربيع الثاني 1433هـ