لأهل الخليج عادات وتقاليد بعضها جميلة وذات مذاقٍ خاص، وفي الوقت ذاته مختلفة عن باقي الدول العربية الأخرى سواء كانوا عرب القارة الصفراء أو عرب القارة السمراء، عرب الخليج لديهم طبائع وعادات ومزاج ونفسية خاصة بهم، فمن يلمح أي عربي في الديار البعيدة من السهل عليه وفي لمح البصر معرفة إذا كان هذا من أهل الخليج أم لا، فمن العادات الجميلة المتوارثة لدينا نحن معشر أهل الخليج هي عادات اللقاء العائلي بشكل دائم، وتتم اللقاءات هذه في بيت الجدة أو الجد أو ما نطلق عليه «البيت العود»، والعود بالمعنى الخليجي هو الكبير والقديم والرئيسي، والقصد من ذلك هو استيعاب هذا البيت مهما كانت مساحته صغيرة أم كبيرة لكل أفراد العائلة والترحيب بهم واستضافتهم وإطعامهم ولا سيما في المناسبات، فلا أتصور أن هناك أسرة خليجية لا تجتمع مع بعضها البعض من فترة إلى أخرى في بيت الجد أو الجدة أو أحد أفراد العائلة مرة أو مرتين في الأسبوع.
هذه العادة الجميلة والرائعة والتي تفتقدها الشعوب الأخرى لأسباب متباينة منها الاجتماعي والاقتصادي أو الجغرافي ظلت لسنوات كثيرة شاهداً على كل الأحداث التي مرت بها منطقتنا العربية، ففي هذه الجلسة العائلية الحميمة تتبادل الآراء وتختلف وجهات النظر وتتباين وتتصادم في كثير من المسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية ولكن تبقى «اللمة» قائمة ومستمرة.
وما شدّني للحديث عن هذه «الجمعة» أو «اللمة» ما دار من حديث وما سمعت من أمنيات لدى الجيل الجديد من أفراد عائلتي، وكما هو جرياً على العادة لدى عائلتنا، نطرح سؤالاً على الحاضرين الغرض منه إتاحة الفرصة للجميع المشاركة في الحوار والنقاش حتى تذوب الشخصيات الخجولة بين الحضور كي نستنهضها ونتعرف عليها وعلى مزاجها، وكان السؤال الذي طرحته أخيراً ليس بالسؤال الغريب بقدر ما كان للجواب من «غرابة».
فالسؤال الذي تقدمت به للحاضرين في آخر اجتماع في البيت العود هو: ماذا تنوي أن تفعل أو تقوم به لو تم إيداع عشرة ملايين دينار بحريني في حسابك صباح هذا اليوم؟! بلاشك هذا الرقم يسيل له اللعاب ويجعل الأفكار تتطاير يميناً وشمالاً، فمنهم من قال سيتبرع للجمعيات الخيرية في البلد الذي يعيش فيه، ومنهم من قال سيغدق على أهله والمحتاجين ويشتري ديونهم وسيعطيهم كل ما يطلبونه، ومنهم من صرح بأنه ينوي شراء أجمل فيلا في أمواج.
هذه الأماني جاءت على لسانهم للرغبة الأولى أما ما تلاه من أماني فكانت الأمنية حاضرة وبقوة وبدون تردد ودون استحياء واعتبار ومراعاة لمشاعر الحاضرين من الآباء والأمهات وهي الهجرة الدائمة «خارج البحرين» والاستقرار في أي بلد فيه أمن وأمان ويحترم الإنسان وبغض النظر عن جنسه أو لونه أو مذهبه أو ثقافته. هذه الأمنية بلاشك جاءت على لسان كل الأولاد من هم في عمر المراهقة والبلوغ وهي تعكس الحالة النفسية التي وصلنا إليها ومستوى العلاقات القائمة بين أطياف الشعب الواحد، فهو الجيل الجديد من الأولاد والبنات لم يعد يرى في بلده مستقبلاً زاهراً يتشبث به بل على العكس تماماً يرى أوقاتاً عصيبة قادمة، هذا ما جعلهم يحلمون جميعاً بالهجرة والاستقرار خارج الحدود.
هذه الأمنية التي جاءت على ألسنة الجيل الجديد ممن هم دون الثلاثين من العمر تقودني إلى أمرٍ في غاية الخطورة وهو أن أحد مكونات الشعب البحرين لا ترى في بلدها عدالة اجتماعية، أو عدالة في توزيع مكاسب التنمية الإقتصادية، ولا في بلدها من يراعي حقوق المستضعفين أو الذين لا يملكون الواسطة، لذا باتوا ينظرون للهجرة الحل الوحيد القادر على إنقاذهم وإشباع طموحهم.
هذه الأماني والخواطر يجب أن تتبدل وبأسرع وقت ممكن وعلينا أن نتفهم جيداً أن العالم بات متقدماً ومراعياً وملتزماً بحقوق الإنسان لذا يتحتم علينا إرساء العدالة بين مكونات الشعب البحريني وعدم تفضيل أي فئة على أخرى وبغض النظر عن الحسب والنسب والمذهب والقبيلة، فالعدالة مطلب جماهيري أساسي وأهم بكثير وكثير من الشعارات التي نسمع بها أو المانشيتات التي نقرأها كل صباح في الصحف اليومية، فبدون الكرامة والعدالة والحقوق لا قيمة للحياة.
فما تفوّه به هذا الجيل من أماني أراه وصمة عار على جبين الأمة.
إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"العدد 3475 - الإثنين 12 مارس 2012م الموافق 19 ربيع الثاني 1433هـ
الهجرة لاتصنع المستقبل الزاهر
الهجرة علاج سلبي الصبر والصمود هو الحل واذا سيطرت تلك الفكرة على الشباب ضاع الوطن
نثبت وهم يرحلون
لاتتركوا الساحات
لو ترك الاوائل الوطن ولم يصبروا ويعملوا لضاع الوطن فلا تضيعوا ما حافظ عليه الاوائل من الاجداد
دعوات مع العذر غير موفقة اذا لم تكن مغرضة
ومن يهاجر فلا يطالب ويعتبر نفسه تنازل عن حقه
اسمح لي ان أحييك
استاذ عمران
مقال رائع وفكرة اروع.
أحييك وأحيي روحك الوطنية
باقون باقون كالتخيل الباسقات ولا توجد ارض غيرها مهما طال الظلام وسنوقد شمعة يوما ما
ارض البحرين تمتاز بأنها لا تنفر من سكانها الاصليين وتتثبث بهم الى الموت ،ولا تقبل منهم كذلك مفارقتها لانها ستلبى كل ما يريدون ويبحثون حتما .
لا فراق لافراق حتى ينتهي العراك ؟
حماية الطفولة
من يحمي الامنيات هم اولياء الامور من يستثير السلوكيات السلبية هم فالأمنيات تستزرع وتنمو وتصبح غابات بفعل راعيها. فليبارك الله لكم هذا التجمع فإن جاء بثمار فهو أحلام وأمنيات الجيل الصاعد المتأثر بكم.
سوف أهاجر
أنا شخصيا وأخواني أعددنا العدة للهجرة للخارج ، ولن نعود إلا إذا امتلئت أرض البحرين عدلا وقسطا. لا نستطيع المكوث في بلد لا تحترم فيه أدمية الإنسان ، لا تستطيع أن تمكث في أرض قرارها ليس بيدها ، لا تستطيع أن تسكن في ارض تهدم فيها بيوت الله وعندما تكون هناك محاولة لإعادة البناء يقف المجلس البلدي ويرفع قضية على هذه المحاولة. لا تستيطع أن تجلس في مكتب مليئ بكاميرات مراقبة، تحسب عليك أنفاسك قبل كلامك، لا داعي لأن يكون عندي عشرة ملايين لكي أهجر بلدي،بل لأن عندي كرامة وعزة نفس لن أقبل بكل ذلك وسوف أهاجر.
فعلاا
فعلااا .. من لا يشعر بالأمان قد تضيق عليه الدنيا بما فيها ع رغم كبرهاا .. الأمان نعمة ~