قديما نادت ريم البندلي بكل اللغات: «أعطونا الطفولة... أعطونا السلام» ولكن الإجابة كانت دائما جاهزة: هو القصف الصهيوني الذي يعصف بكل جهود السلام ويفترس أجساد الأبرياء من أطفال غزة وكل الأراضي المحتلة فتصعد أرواحهم نحو السماء وتنشد هناك السلام.
أطفال غزة الأبرياء يودعون طفلا شهيدا وليس جديدا ذلك عليهم ولا أخيرا هو منهم، أطفال غزة يودعون «أيوب عسلية» ابن الثلاثة عشر ربيعا. أيوب استشهد وترك ابن عمّه «وافي عسلية» ابن السبع سنوات جريحا جرّاء قصف همجيّ صهيوني لبلدة جباليا شمال قطاع غزّة صباح الأحد 11 مارس/ آذار الماضي.
ويلتحق هكذا أيوب بركب الشهداء من الأطفال ويذكرنا استشهاده بالطفل الشهيد محمّد الدرة الذي أقام استشهاده الدنيا ولم يقعدها إلى حين. ثمّ صار مقتل الأطفال مشهدا عاديا من فيلم يوميّ فقد وَهَجَه وتأثيره بفعل تكراره اليومي وصار اغتيال الأطفال مع أسرهم مشهدا لا يثير الشفقة إلا قليلا. وحتى أحداث حصار غزة أواخر 2009 والتي أرجعت مشاهد البطش والتقتيل واستشهاد الرضع إلى الواجهة لم يدم أثرها فينا أيضا إلا قليلا.
نعم إنّه مقياس التشبّع فكلّما تكرر المشهد وتشبّعت العيون منه خَبَت جذوته وانطفأ في القلب لهيبه حتّى نادى بعض المحللين والإعلاميين إلى عدم بث مثل هذه المشاهد بشكل متكرر لعلّ أثرها في المجتمع الإنساني يشتدّ ويزداد عمقا.
وينطبق هذا المقياس على ممارسات العدو الصهيوني في الاستفزاز من خلال حلقات مسلسله اليومي بعنوان: «وأد جهود السلام» إذ انّ يد الغدر الصهيونية لا تعمل بمعزل عن العقل الصهيوني المدمّر، فالمخططات لتهويد القدس على قدم وساق وليس آخرها مخطط بناء ? أبراج بارتفاع ?? طابقاً في مستوطنة معاليه ادوميم المقامة على أراضي المواطنين قرب بلدة العيسوية جنوب شرق القدس المحتلة. ولا آخرها أيضا ذلك المخطط الذي بادرت إليه أخيرا بلدية الاحتلال لإقامة مقاه ومحلات تجارية ومطاعم في منطقة البركة وهي بركة تابعة للأوقاف الإسلامية تطلق عليها سلطات الاحتلال والجماعات اليهودية اسم «برك هحزقيهو» في إطار تهويدها لمعالم المدينة. وتتوالى الحلقات حتى لم يعد للمشاهد رغبة في المتابعة حتى وإن تبادلت الشخصيات الأدوار إذ يترك الاستفزاز الحكوميّ الرسمي الفرصة لاستفزاز المستوطنين الذين نظّموا منذ أيام قليلة مسيرة استفزازية من حائط البراق باتجاه البلدة القديمة من القدس المحتلة. وهتفوا بشعارات عنصرية تدعو لقتل العرب وطردهم من القدس.
وبالمقابل يتواصل المسلسل العربيّ بعنوان «جهود ضائعة» حيث تعدو الدبلوماسية الفلسطينية خلف الوسائل السلمية بالتنسيق مع الشركاء المصريين لوقف العدوان الصهيوني الجديد. ولسائل أن يسأل متى توقفت الحكومة الصهيونية عن عدوانها العسكري قبل أن تحقق أهدافها؟ ومتى استمع الصهاينة للدبلوماسية العربية قبل أن تكمل الاستماع إلى دويّ صواريخها وأزيز طائراتها؟
غير أنّ المشاهد لا يملّ مسلسل صمود أهل غزة والشعب الفلسطيني عموما أمام هذا العدوان الغاشم لأن هذا الصمود يمثل صورة جديدة من صور البطولة وملحمة جديدة تكتبها دماء أبناء غزّة هذه الأيام بمختلف أطياف المقاومة فيها. تقابلها – وللأسف – مسخرة سمجة كتبها المؤتمرون حول القدس في الدوحة منذ أسبوعين لتبقى كسابقاتها حبرا على ورق أخرس.
ملحمة الإرادة والعزّة تسطرها الأسيرة هناء شلبي بأمعائها الخاوية لمدة تقارب الشهر على التوالي تحديا للاحتلال وسياسته العنصرية تقابلها مهانة وذلّة يستشعرها كل غيور على القدس الشريف وعلى كامل الأرض المحتلة السليبة. ولا يكاد هذا العربي الغيور المهان يسترجع بعض العزّة إلا حين يسمع بين الحين والحين أو يرى مراكب كسر الحصار لإثبات التضامن مع الشعب الفلسطيني فبعد أسطول الحرية وملحمة السفينة «مرمرا» وما شابهها من مبادرات عالمية ها هي أحداث مسلسل جديد من التضامن العالمي مع فلسطين... ها هي قوافل المتضامنين الدوليين الذين سيشاركون في مسيرة القدس العالمية من دول آسيوية في طريقها إلى الأردن للانضمام للوفود التي ستحضر من مختلف دول العالم للمشاركة في المسيرة المقررة في الثلاثين من الشهر الجاري بالتزامن مع يوم الأرض الفلسطيني.
سيشارك المتضامنون في المسيرة التي ستنطلق باتجاه القدس والحدود مع فلسطين المحتلة في الأردن إلى جانب مصر ولبنان والضفة الغربية وغزة والأراضي المحتلة العام 1948، كما ستقام في اليوم نفسه مظاهرات أمام السفارات الصهيونية الموجودة في مختلف العواصم العالمية. ذلك ما قاله رئيس اللجنة التنفيذية المنسق العام لمسيرة القدس العالمية ربحي حلوم في تصريح صحافي وأضاف أن أولى طلائع هذه القوافل قد انطلقت منذ أيام قليلة من العاصمة الإندونيسية جاكرتا، قوامها عدد من المتضامنين الإندونيسيين والفلبينيين والبنغاليين إلى جانب وفد إعلامي وآخر طبيّ. كما انطلقت مثيلاتها من كراتشي في باكستان في انتظار أن تسعف الجغرافيا الدول العربية للالتحاق بالركب.
وتشترك هذه الأصوات مع مثيلاتها من أحرار العالم في الدعوة للسلام العادل لحفظ حقوق الفلسطينيين وعلى رأسها القدس عاصمة للدولة الفلسطينية والكف عن كل أشكال تهويدها وتحريف التاريخ... تشترك في تبليغ صوت ريم البندلي على لسان كل أطفال فلسطين المنادين «أعطونا الطفولة... أعطونا السلام».
فما مصير هذا النداء؟ وما مصير هذه القوافل وخصوصاً مع التصعيد الصهيوني؟ ومتى وكيف سيلتحق المتضامنون العرب بهذا الركب؟ وهل الوصول إلى شواطئ غزة – آمنين – حلم أو هو واقع في متناول اليد؟
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3475 - الإثنين 12 مارس 2012م الموافق 19 ربيع الثاني 1433هـ
محمّد الدرّة
آه كان مقتله بدم بارد وصمة عار للجيوش العربية المتفننة في قمع شعوبها
فلسطين القضية
شكرا أستاد على متابعتك للشأن الفلسطيني
تحتاج القضية منا كل الدعم
أي مؤتمر لنصرة القدس
لو تعاملت الجامعه العربيه مع موضوع فلسطين بنفس الزخم التى تعاملت به مع السوريه لتحررت فلسطين ودحر الاحتلال بعد اسابيع من انشاء الجامعه العربيه وين حكام العرب اللي الكل منهم نافش ريشه هذه غزه تغتصب وتستباح على مسمع ومرىء منهم...ديهي حر
«وأد جهود السلام»
يواصل الكيان الصهيوني وأد هذه الجهود بقدر ما يواصل العرب في .....
أعطونا الحياة
أولا الحياة
ثانيا الكرامة
ثالثا الطفولة
رابعا السلام
...
...
...
أعطونا القدس
إن شاء الله واقع
وهل الوصول إلى شواطئ غزة – آمنين – حلم أو هو واقع في متناول اليد؟
نرجو أن لا يكون سؤالك يحمل نبرة تشاؤم