كثرت منذ اندلاع الاحتجاجات في مملكة البحرين في الرابع عشر من فبراير/ شباط 2011 استخدام مصطلحات كثيرة وبات تداولها أسهل من شرب الماء على رغم فداحة معناها كعبارات التسقيط والتخوين والدعوات لتعليق المشانق والاتهام بتشويه سمعة الوطن، والغريب بأن تلك العبارات تبنتها جمعيات وتجمعات حديثة العهد ولعل عدم نضوجها السياسي جعلها تقع في هذا المنزلق الذي من شأنه أن يسهم في نفور جمهورها.

المتابع لما حدث في مملكة البحرين طوال عام يمكنه بالضبط معرفة من يشوّه سمعة هذا الوطن، وحينما نبدأ بالفرصة التاريخية التي كانت أمام مملكة البحرين في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لتحسين صورتها في نظر الجميع، وذلك حينما سلمت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق تقريرها لجلالة الملك وبدوره أوصى الجهات المعنية بتفعيل التوصيات الواردة في التقرير على وجه السرعة، تقرير لاقى ترحيباً من قوى المعارضة فضلاً عن كثير من الدول العربية والأجنبية، وبعد مرور 3 أشهر على ذلك خف ذلك الترحيب وحل مكانه شعور «بالقلق» حيال عدم تطبيق التوصيات بشكل فعلي والتي كان آخرها مقابلة لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي في قناة الجزيرة الإنجليزية والتي «حثت البحرين على تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق والتي مازالت تعاني من نواقص (...)»، وعلى رغم الجداول والتصريحات التي تطلقها بعض الوزارات والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان في مملكة البحرين بشأن تنفيذ التوصيات، إلا أن الواقع يشير إلى خلاف ذلك وإن محاولة بعض الأطراف المتكسبة من حالة التوتر وعدم الاستقرار في الوطن بتعطيل تفعيل تلك التوصيات والتوجيهات الرسمية ووضع العراقيل أمام تلك الفرصة التاريخية التي كانت أمام البحرين للخروج من مأزقها هو من يشوّه سمعة الوطن لا من يطالب بتفعيلها.

إصرار بعض الشركات والمؤسسات على عدم تفعيل توصيات «لجنة تقصي الحقائق» والتوجيهات الملكية الداعية إلى عودة جميع المفصولين وحفظ حقوقهم فضلاً عن محاولات بعض الأطراف من أفراد لتصفية حساباتهم الشخصية مع المفصولين واتهامهم بالخيانة التي تستوجب الفصل والإصرار على قطع أرزاقهم هو من يشوّه سمعة الوطن.

استمرار المحاكمات وعدم الإفراج عن معتقلي الرأي على رغم توصية «لجنة تقصي الحقائق» هو ما يشوّه سمعة الوطن، ومحاولة تصوير الحياة في البحرين بالوردية في الإعلام الرسمي هو ما يشوّه سمعة الوطن فنحن في الألفية الثالثة و140 حرفاً ورابط لفيديو قصير في تغريدة تجوب العالم يمكن أن يكشف حقيقة الوضع.

خنق القرى بمسيلات الدموع هو ما يشوّه سمعة الوطن ويؤكد الاستمرار في استخدام هذا الأسلوب الذي تحدّث عنه«تقرير لجنة تقصي الحقائق»، كما أن الدعوة إلى اللحمة الوطنية في ظل وجود مواد إعلامية تهاجم أحد مكونات هذا المجتمع بشكل يومي هو ما يشوّه سمعة الوطن.

على البعض فهم ثقافة الاختلاف وثقافة الاعتراض وثقافة المطالبة بالحقوق فليس كل من اختلف معك في الرأي خائناً وليس كل من طالب بحق من حقوقه خائناً وليس كل من اعترض على أية ممارسة من ممارسات الحكومة خائناً، البحرين تحتاج لتصحيح الأخطاء من جميع الأطراف لتعود صورتها الجميلة أجمل من ذي قبل كما وتحتاج إلى الكف عن التخوين والتسقيط وإلقاء التهم ليلاً ونهاراً، فلا يوجد مواطن بحريني يحب وطنه يقبل أن يوصم وطنه بأي عار.