ثلاث مصطلحات تتشابه في اللفظ، تختلف في المدلول، تحمل أبعاداً قد تتقارب، وقد تختلف فيما بينها، ألا وهي «المصالحة» و«المصارحة» و«المصلحة».
فالحديث عنها في الوقت الراهن يحمل مداليل، في ظل مؤشرات مطروحة ومحاولة غير جادة لا تقوم على أسس صحيحة لبدء ما يمكن أن يطلق عليه بـ «مصالحة وطنية».
يقول برهان غليون «المصالحة الوطنية هي البديل المطروح عن الثورة أو الانقلاب الذي يمثل آلية انتزاع الحكم بالقوة للدخول إلى ميدان السلطة وطرد المسئولين عليها بسلاح القوة نفسه الذي استخدموه ولايزالون للإبقاء على احتكارهم لها». من وجهة نظري، ومن حيث انتهى إليه برهان غليون، فإن الطريق إلى المصالحة الوطنية يجب أن يبدأ من نقطة «المصارحة الوطنية» التي يتم من خلالها كشف جميع الأوراق، ووضع النقاط على الحروف في القضايا الحقيقية التي تعكس أساس الخلاف وجوهره، والتي تكمن في علاقة الثقة بين الشعوب والحكام.
لا يمكن أبداً الوصول إلى مصالحة وطنية، ما لم يكن هناك اعتراف حقيقي بأساس المشكلة، وما لم يكن هناك اعتراف بوجود مظلومية لفئة كبيرة من أبناء هذا الوطن، وما لم يتم الاقتناع بأهمية المصالحة والإصلاح الحقيقيين اللذين سيمهدان لمستقبل حقيقي يضمن التجانس بين الطرفين وفق أطر التطورات العالمية، والتي يكون فيها الشعب وحده مصدر السلطات جميعها، بحيث تتمكن الأمة من إدارة شئونها بذاتها.
عندما نقارب المصارحة بالمصالحة، فإن الأداء سيكون إيجابياً، فلا مصالحة حقيقية بلا مصارحة واقعية تتلمس جذور الخلافات، وتعترف بكل التجاوزات والانتهاكات، والأخطاء المتراكمة طوال عقود من الزمن خلقت فجوة حقيقية بين الطرفين.
من جانب آخر، عندما تكون المصالحة مرتبطة بالمصلحة، فإن الأداء سيكون سلبياً وغير مقنع، وغير مقبول، وعادة ما يكون مكشوفاً منذ الوهلة الأولى، فلا يجد تجاوباً ولا حضوراً، فهذه المقاربة ستؤدي إلى البحث عن مخارج للمشاكل الوطنية المتأزمة والعالقة منذ سنوات طويلة بدلاً عن الحلول.
البحرين عاشت طوال العقود الماضية تبحث عن مخارج وقتية لمشاكلها السياسية، ولم تفكر يوماً في حل جذري يؤمّن لها الاستقرار الحقيقي الذي لم تعشه بشكل واقعي، وذلك نتيجة وجود فئات متمصلحة ترى في إبقاء الوضع على ما هو عليه جزءاً من استمرار وجودهم والحفاظ على مصالحهم الذاتية أو الطائفية أو القبلية.
فعندما نسمع عن طرح مشاريع للمصالحة الوطنية، فإن هذه المشاريع، لا تلقى قبولاً من الشارع العام نتيجة لقناعته بأن من يطرح هذه المشاريع من فئة المتمصلحين، الذين لا يفكّرون إلا في ذواتهم، ما رسّخ لدى الناس بشكل عام رفض أي مشروع للمصالحة تقوم عليه فئة متمصلحة عرفت لدى العامة بالسلبية في الأداء والتناقض في المواقف، وعدم الإنصاف والحياد، مع ارتباطهم بمفاسد الحقبة الماضية.
من أجل مصالحة وطنية حقيقية، لابد أولاً من مصارحة صادقة تقوم على أساس الاعتراف بالآخر، وبالظلم الذي وقع عليه، بالإضافة لإبعاد كل أولئك المتمصلحين من الواجهة، ومحاسبة المفسدين والمنتهكين لحقوق المظلومين
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 3472 - الجمعة 09 مارس 2012م الموافق 16 ربيع الثاني 1433هـ
شكرا أخي العزيز على مقالك القيم
أخي الكريم : مقالك ممتاز وقد أعجبتني الفقرة الأخيرة ( من أجل مصالحة وطنية حقيقية.......إلى آخر الفقرة) كلنا يعلم أن أي مخطئ لا يقر بخطإه تجاه الآخر إلا إذا كان صادق مع نفسه ويود بالمصالحة الحقيقية فترى ضميره يأنبه ويعترف بخطإه فترى الطرف الآخر راضيا عنه ويحترمه على شجاعة الإعتراف بالخطأ. وكلنا نتمنى أن تكون هناك مصارحة أولا لكي نصل إلى مصالحة حقيقية. محرقي / حايكي
خلص الكلام منذ
خلاصة الكلام الحكومة كلما استطاعت تذويب ومماطلة ومماحكة لكن بطش يدها لم يتوقف يدل انها ليست في نيتها الاصلاح ولا تلتزم .... فهي تعول على حدث عالمي كبير يشغل الرأي العام ....
نعم
نعم أشارك الكاتب انه من اجل مصالحة حقيقية لا بد من مواجه مع الذات
المشكله ليست في العدد
وانما بتقبل الحاكم والمحكوم على ان يعيشا يسلام تحت سقف وطن يجمعهم على العدالة والمساواة والتخلي عن العنصرية البغيضه التي يعمل المتمصلحون على ايقادها كل مااطفئها الشرفاء لأن سراق الوطن يعرفون جيدا ان لاوجود لهم بيننا الا تحت ظل الطائفيه التي يشعلونها بأموالنا المسروقة من الشعب
لا لسنا اقلية نحن اكثرية ولن حقوق وكرامة لا نقبل ان ينتقص منها احد هذا اول شي
حين تختزل المصالحة
وزارة التنمية دشنت المصالحة الوطنية بتجميع اطقال و التقاط صورة جماعية لهم ، هذا فهمت المصالحة وعلى قدرها ستعطي نتائج
قبل كل شيء يجب الاعتراف بنا كمكون اساسي والاقدم على هذه الارض
حتى نعامل كأننا مواطنون من درجة ثانية هذا لن نقبله ولن تتم اي تسوية الا بالاعتراف بحقوقنا وكرامتنا فقد شبعنا من الانتقاص والتمييز كثيرا وان كانت مجالسهم تقر التمييز فليبلوا قوانينهم ويشربوا ماءها فهي لا تتماشى ولا تواكب التطور العالم لحقوق الانسان وعليهم ان يقرأوا المواثيق الدولية ويضطلعوا عليها
اعجبتني هذه الفقرة
محاسبة المفسدين والمنتهكين لحقوق المظلومين
ثم تاتي الاصلاح الحقيقي ام القفز على ذلك لن يؤدي الى حل بل استفحال للازمة
و شكرا للوسط
المصارحه قبل المصالحه
لو كانت يوليدي مصارحه لما احتاج الوطن لمهندسين يرسمون كيفيه المصالحه من يصور ان الوطن يعيش حاله تنافر وتناحر هو عكس المصلحه الوطنيه لم نصل لحد القطيعه بين بعضنا البعض ابناء البلد كل يفهم الاخر واذا التبس الامر عند البعض نتيجه التهويل والتظليل الذي مارسته جهات اسائت للوطن والمواطن لمصلحه شخصيه ضيقه فليسئل نفسه كل من زج به في صراع لايعنيه ما جنى وما قبض بعد ان استبيح عقله وقلبه من قبل اغراب لايرون الا مصلحتهم غير ابهين بمصلحةشعب او حكومه او وطن.ابناء قومي لاتفرقكم عصبيهالجاهليه العمياء,,ديهي حر