العدد 3471 - الخميس 08 مارس 2012م الموافق 15 ربيع الثاني 1433هـ

درر البحرين وجواهرها

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

احتفلت دول وشعوب العالم أمس، الثامن من مارس/ آذار، بيوم المرأة العالمي، واحتفلت دول الربيع العربي بجواهرها ودررها... التي شاركت مع الرجل في حركته التوّاقة لنسائم الحرية والتغيير.

في السنوات السابقة كانت الاحتفالات الوردية تجري بطريقة رومانسية، بحسب البرنامج المعتاد: توزيع ورود، والتقاط صور، وابتسام للكاميرات. كان برنامج علاقات عامة محفوظاً عن ظهر قلب، حيث تتبارى الوزارات والمؤسسات والشركات على نشر خبرها، وتتباهى بإظهار احترام المرأة وتمكينها وإتاحة الفرصة لها لإثبات ذاتها وقدراتها! وتظلّ الصور تنشر على مدى شهر كامل في صفحات المجتمع.

هذا العام كان مختلفاً جداً. ففي البحرين دُشّن باحتفالٍ في جمعية «وعد» لتحية نضالات المرأة البحرينية، حضره عددٌ من الشخصيات الناشطة في المجال السياسي والحقوقي العام، إضافة إلى عددٍ كبيرٍ ممن حاق بهن الأذى وتعرّضن للملاحقات بسبب المشاركة في الحراك السياسي العام الماضي. بعض هؤلاء فُصلن من العمل، وبعضهن تعرّضن للاعتقال والتحقيق والتعذيب، في سابقةٍ هي الأولى من نوعها في تاريخ البحرين والمنطقة، من حيث حجم وفداحة عملية الاستهداف.

الأرقام التي نُشرت تكشف أن ثلاثين في المئة من مجموع المفصولين هم من النساء، وهناك ما يقارب المئتي امرأة تعرضن لتجربة الاعتقال، من بينهن 18 معتقلة لم تتجاوز أعمارهن 18 عاماً، إلى جانب فتياتٍ في الرابعة عشرة. اعتقال النساء وبهذه الأعداد والنسب، تجربةٌ غير مسبوقة على مستوى العالم العربي، بما فيها الدول التي داهمها الربيع العربي.

من مفارقات الأرقام، أن هناك 24 ضحية، ما بين امرأة وشابة وطفلة وعجوز، من المجموع الكلي للضحايا الذي تجاوز السبعين. نحن مرةً أخرى أمام نسبة الثلث كما في المفصولات. لقد كانت مشاركة المرأة وحضورها وتضحياتها كبيرةً جداً. كلّ هذا الدويّ لم يحرّك المجالس النسائية المخملية ولا دعاة تمكين المرأة. لقد أخرست المرأة البحرينية بتضحياتها ألسن كل الخطباء.

من مفارقات المشهد البحريني، أنه في صبيحة يوم المرأة العالمي هذا العام، مثل عددٌ من الطبيبات البحرينيات أمام محكمة الاستئناف، في قضية ما عُرف بـ «الكادر الطبي». هذه القضية أثارت الكثير من التساؤلات والشكوك في الداخل، ومواقف الإدانة والاستنكار في الخارج، سواءً على مستوى الدول الكبرى المهتمة بالمنطقة، أو المنظمات الحقوقية والطبية المتخصّصة. وهي قضيةٌ كلما طالت أثارت المزيد من الاستياء المحلي والدولي، وألقت بظلالها الثقيلة على سمعة البلد في مجال انتهاك حقوق الإنسان وقمع حرية الرأي والتعبير، فضلاً عمّا يُثار حول دوافع المحاكمات السياسية.

الطبيبات والممرضات يمثلن شريحةً واحدةً من الطيف النسائي الواسع الذي ناله الاستهداف، فهناك مديرات ومعلمات وأكاديميات وموظفات وإعلاميات وربات بيوت. مؤكدٌ أنه لم يحدث مثل هذا الاستهداف الواسع النطاق للمرأة في تاريخ البحرين على الإطلاق.

أحد جوانب الملهاة البحرينية، أنه مثلما تم تشطير المجتمع طائفياً، تم تشطيره جندرياً، فبينما شاركت عشرات الآلاف من النساء في الحراك السياسي والمسيرات السلمية، للمطالبة بديمقراطية حقيقية وإنهاء التمييز، تعرض قطاعٌ آخر من النساء لعملية تغييب الوعي، ليقفن ضد أية تطلعات ديمقراطية. استلاب الوعي رجالاً ونساءً، يدفع هؤلاء للوقوف ضد مصلحتهم الحقيقية ومستقبل أجيالهم، ويضعهم في الجانب الخاطئ من التاريخ.

هذا العام... ستخلو صفحات المجتمع من أخبار الوزارات والشركات عن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، ومن الابتسامات المصطنعة، وصور توزيع الورود الصناعية على الموظّفات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3471 - الخميس 08 مارس 2012م الموافق 15 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 3:47 ص

      ليش ما تقول آرتفشال بدل صناعي!

      لأن لين تقول صناعة أتذكر حسرة المسار الموحد وتألمني ذكريات الماضي وبعدين الدوام الزايد. كله بسبتك ترجع الآهات والويلات

    • زائر 9 | 2:40 ص

      بهلول

      أنت إحدى تلك الدرر يا سيد ، كما هي درة مريم الشروقي

    • زائر 8 | 2:36 ص

      بهلول سيبويه

      أتفق معك أخي / أختي رقم 5 و أرجوا استمرار مداخلاتك لإنقاذ لغتنا الحبيبة وأقترح تشكيل تحالف لغوي (برفع اللام) للتدخل السريع كلما ظهرت هنة هنا أو هناك.

    • زائر 7 | 1:57 ص

      متى سيفيق من فقد وعيه؟؟

      "تعرض قطاعٌ آخر من النساء لعملية تغييب الوعي، ليقفن ضد أية تطلعات ديمقراطية. استلاب الوعي رجالاً ونساءً، يدفع هؤلاء للوقوف ضد مصلحتهم الحقيقية ومستقبل أجيالهم، ويضعهم في الجانب الخاطئ من التاريخ."
      الازال يضع آماله على سراب؟؟!!!

    • زائر 6 | 1:49 ص

      عظمة ولا عظيم الا اللة

      اننا فعلا محظوظين لأننا عشنا ورأينا مالم يكن حدوثة في الأحلام. المفاهيم تغيرت والعقول تفتحت واصبحت المرأة تحرك الدنيا وتصبح مضربا للأمثال كما يجب ان تكون . نتمني ان تبدأ اخواتنا في الشطر الأخر من مجتمعنا بأخد مكانها اللائق في المكان الدي يجب ان يكونن فية . شكرا يا ابن العم علي ما تتحفنا من مقالات .

    • زائر 5 | 12:39 ص

      الورود الصناعية؟

      اعتقد سيدنا انه يتوجب القول "ورود اصطناعية" وليس صناعية. الرجاء التاكد من ذلك لان مايصنعه الانسان بديلا لمافي الطبيعة فهو مصطنع وليس حقيقيا. موضوع رائع على العموم!

    • زائر 4 | 11:27 م

      تشطير المجتمع.. تلك الخطة المطبوخة سلفاً..

      تم تشطير المجتمع طائفياً، تم تشطيره (بندرياً بالأحرى)..

    • زائر 3 | 11:17 م

      كل عام و حرائرنا بعز و إباء

      تحية للمرأة المناضلة ، و كما قلت سيدنا هناك من يقف على الجانب الخطأ، و لكن هناك من يتوق للوقوف على الجانب. الصحيح لكن التراكمات العقلية المتوارثة تمنعهم من اتخاذ وقفة شجاعة.\\\\\\\\r\\\\\\\\n

    • زائر 2 | 11:10 م

      ابومحمد

      نصيب المراءة تكبيل الايدي والقائهم على وجوههم امام الملاْ يلهامن وصمةعار

    • زائر 1 | 10:52 م

      صباح الخير سيدنا

      الظروف المريره والعسيره التي مرت على البلد بدا جليا لكل اللمراقبين ان المرأه في البحرين اثبتت وجودها كأم وكأخت وكأبنه وكزوجه مواقف لنساء وقفت كطود لم تستطع العواصف هزه صفحات النضال طرزت بأسماء نساء بعضهن في مقتبل العمر ولكن سطرن من الملاحم ما لم تسطره الرجال فتحيه اجلال لكل ام وكل اخت وكل زوجه وكل ابنه تحملت الكثير من اجل احقاق الحق ولكم العزه يا فخر اوال....ديهي حر

اقرأ ايضاً