العدد 2483 - الأربعاء 24 يونيو 2009م الموافق 01 رجب 1430هـ

كوارث الطبيعة وكوارث البشر (2 - 2)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

تأكد للعلماء أن ظاهرة الاحتباس الحراري حقيقة علمية أي أن الكرة الأرضية تشبه المشتل المسقوف، وأن حرارة الأرض ترتفع تدريجا، ويترتب على ذلك ذوبان الجليد في كلا القطبين الشمالي والجنوبي مع ما يترتب على ذلك من نتائج وخيمة حيث يتوقع ارتفاع مستوى البحار وغرق المناطق الساحلية والجزر الواطئة. وإذا أضيف إلى ذلك حرق مساحات واسعة في الغابات الاستوائية والمدارية في أميركا الجنوبية وإفريقيا، وآسيا وهي رئه العالم المولدة للأوكسجين، فإن ذلك يتسبب في اضطراب النظام البيئي العالمي.

إن تجليات الاختلال في النظام البيئي العالمي كثيرة ومنها:

1 - اختلال تعاقب الفصول مع ما يميز كل منها في معدلات ضوء الشمس وأمطار ودرجات حرارة، بحيث تشهد مناطق في العالم صيفا طويلا ومرتفع الحرارة وشتاء طويلا قارس البرودة، وتضاؤل الربيع والخريف.

2 - تزايد التصحر وزحف الصحاري على الأراضي الخضراء، ومما يفاقم ذلك الرعي الجائر، وقطع الأشجار والغابات، وهذا واضح في محيط الصحراء الكبرى بإفريقيا والصحراء العربية.

3 - حدوث العواصف والأعاصير بوتائر أكبر وأكثر، وضربها مناطق جديدة مثل إعصار جونو الذي ضرب عمان، محدثه دمارا هائلا لا سابق له مثلما حدث لولاية ارزونا بالولايات المتحدة.

4 - ظاهرة تسونامي وهي ظاهرة جديدة غير معروفة سابقا، حيث ترتب على زلزال ضرب أندونيسيا، أعاصير وأمواج عاتية امتدت من أستراليا إلى ساحل إفريقيا على المحيط الهندي، رغم أنه لا يعرف ارتباطها بالتغير المناخي.


ما هو إسهام العرب

كما هو الحال في الدور العربي المغيب في مختلف شئون العالم. فإن قصور الإسهام العربي في الاختلال البيئي واضح وجلي، ومنها إسهامهم في معالجة الأوضاع البيئية المتردية في بلدانهم، وفي المنطقة العربية حيث يتسم بالقصور والفوضي والارتجال. تتفاقم الأوضاع البيئية في مختلف البلدان العربية بدرجات متفاوتة، وقد وصل بعضها مثل السودان ومصر واليمن والأرض الفلسطينية المحتلة إلى مستوى الكارثة البيئية، ولكل أسبابه ومظاهره، وأحدها الاضطراب السياسي والعنف المسلح. كما أن هناك بلدان أخرى مثل الجزائر ومورتانيا والأردن وسورية ولبنان والتي تعاني من أوضاع بيئية حرجة ودول مجلس التعاون وإن كانت أقلها خطرا، إلا أنها جميعا تعاني من التصحر وشح المياه.

إن إسهام الدول العربية مجتمعة في اختلال النظام البيئي العالمي محدود لكنه موجود وناتج من انبعاث الغازات الأحضورية الناتج عن السيارات والمصانع وتوليد الكهرباء والمساكن، في ظل غياب إستراتيجية الطاقة البديلة النظيفة علما أنها جميعا في الحزام الشمس حيث يمكن توليد الطاقة من الشمس، وتتوافر على أنهار، حيث يمكن توليد الكهرباء، إضافة إلى إسكانية توليد الكهرباء من الرياح وحركة المد والجزر وغيرها. وإذا قارنا أي بلد عربي يما حققته قبرص البلد لصغير قليل الموارد زالناجح في توليد الطاقة البديلة النظيفة من الشمس والرياح، لخجلنا من أنفسنا.

تفتقد جميع الدول العربية وبدرجات متفاوتة إلى التشريعات والأليات والأجهزة المناط بها الحد من تلويث البيئة، وحرق أو قطع الغابات، وبالمقابل تشجيع إنتاج الطاقة النظيفة، وحماية البيئة، والحد من هدر الموارد لطبيعية. وهناك ظاهرة خطيرة في منطقة الخليج بشكل خاص، وتتمثل في ردم مياه البحر الشاطئية، وإقامة مدن عقارية عملاقة، تسبب في اختلال في البيئة البحرية والشاطئية، خصوصا أن مياه الخليج ضحلة وبطيئة التجدد وسهله التلوث.

كما أن كون منطقة الخليج العربي، أكبر منطقة تصدير للنفط والمصافي وممرا لناقلات النفط، فإنها تشكل جميعها مصادر لتلوث مياه الخليج وأجوائه ومياهه الجوفية، خصوصا في حالات التلوث النفطي والحرائق النفطية. من هنا فإن النتائج المريرة لحروب الخليج الثلاثة أظهرت مدى الدمار البيئي الذي لحق بالبيئة البحرية والبرية والجوية والتي تستمر أثاره طويلا بفعل وجود مواد مشعة في الأرض والمياه الجوفية، وتدمير الشعب المرجانية وغابات النخيل.

لذي فإن أي حرب قادمة ستكون أكثر دمارا على كل الصعد ومنها البيئة ويتوجب منع الحرب بكل السبل وصيانة السلم من قبل دول المنطقة كلها.

إن مجلس التعاون لم يعمل إلا القليل في رصد البيئة والكوارث التي تتسبها الطبيعة والإنسان، الاستعداد لمواجهتها بشكل منسق.

تدل تجربة سلطنة عمان مع إعصار جونو على فداحة الخسائر التي كان يمكن التقليل منها، لو كانت هناك بيئة وهياكل ومؤسسات مهنية أفضل للتنبؤ والتعامل مع المتغيرات المناخية وآثارها مثل الأعاصير والفيضانات وغيرها.

وإذا انتقلنا إلى النطاق العربي، فإن كلمه الأمين العام لجامعة الدول العربية والتي ألقتها مستشار الأمين العام فائقة سعيد الصالح فإنها عكست تواضع الأعمال رغم بلاغة الأقوال. إن الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية تفتقد إلى أي اتفاق لحماية البيئة والحد من الكوارث وسبل التعاون في مواجهتها، وتفتقد إلى التشريعات الموحدة والمعايير الموحدة لحماية البيئة ومكافحة التلوث والحد من الكوارث والتعامل مها. والجامعة العربية تفتقد إلى المؤسسات والآليات المعنية لتنفيذ الاتفاقيات والقوانين الموحدة، والتعاطي الجماعي مع الأخطار تلوث البيئة والكوارث. الشيء الإيجابي الوحيد الذي ذكرته هو إنشاء المركز الإقليمي للحد من خطر الكوارث للتدريب في القاهرة ونأمل ألا يكون كباقي مؤسسات الجامعة المشلولة.

أظهرت قمة الكويت الاقتصادية العربية، محدودية الإستراتيجية العربية في التنمية المستدامة، والحفاظ على البيئة، ومعالجة الاختلالات الخطيرة في البيئية، ومواجهة الكوارث الطبيعية والبشرية. ورغم صدور لائحة طويلة من التوصيات فإننا نعرف بالخبرة أنها لن تنفذ.

وسواء بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي أو جامعة الدول العربية، فإن دور منظمات المجتمع المدني والخبراء والأكاديميين العرب غائب لولا المؤتمر الموازي الذي عقد على هامش قمة الكويت. ويعكس غياب منظمات المجتمع البحرينية والعربية خصوصا المنظمات المعنية بالبيئية عن هذا المؤتمر الدولي لإطلاق تقرير الأمم المتحدة، عن خلل بنيوي عميق في مؤسسات مجلس التعاون والجامعة العربية، وفي عدم إشراك منظمات المجتمع في صنع السياسات ووضع الإستراتيجيات والمشاركة في تنفيذها. أي أن شعار الشراكة مع المجتمع المدني هو للدعاية فقط وليس التنفيذ.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2483 - الأربعاء 24 يونيو 2009م الموافق 01 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً