بداية أود أن أقول بأنكم إذا قرأتم موضوعي لهذا اليوم فإنه يعني أني خرجت من لبنان سالماً وعبرت الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية، وموجود حالياً على الطريق الطويل في المملكة العربية السعودية في طريقي إلى بلادي مملكة البحرين، وسأصل إلى منزلي (كما هو مبرمج) بين الساعة السابعة والثامنة مساء يوم الخميس إن شاء الله. .. هذا بحسب ما هو مبرمج في جدولي، يكون أو لا يكون لا أعلم، الترتيب علينا والتدبير من عند الله سبحانه وتعالى. المبرمج لدي هو أن أخرج من شقتي في بيروت في يوم الأربعاء عند الساعة التاسعة صباحاً وأتجه إلى سهل البقاع لأرى مكان المعركة الأخيرة... وأصور إذا كان هناك إمكان... حتى أثبت بأن هدف الصهاينة هو أسر الشيخ يزبك وليس وقف تهريب الأسلحة إلى مقاتلي حزب الله كما قالوا... وحتى أرى المكان الذي خسر فيه جيش العدو أحد أفضل ضباطه وأشجعهم (كما يقولون) ومعه إثنان من قوات التدخل السريع المتدربين في أميركا (يامحق) ومعهم أيضاً طريقة الهروب والفرار من أمام المقاتلين الأشداء من جماعات حزب الله الذين لم يجرح منهم أحد حتى بخدش بسيط. ثم بعد ذلك أتوجه إلى دمشق عبر طرق فرعية ووعرة (وذلك لأن الصهاينة ضربوا وخربوا الجسور)... وبعد أن أعبر الحدود السورية بالسلامة إن شاء الله أتوجه مسرعاً إلى الحدود الأردنية، ومنها مباشرة إلى الحدود السعودية التي سأعبرها (بحسب البرنامج) حوالي الساعة الثامنة مساءاً... وبعدها أتوجه إلى أقرب مدينة على الطريق بها فندق نظيف يصلح للمبيت، وفي صباح اليوم التالي إن شاء الله سأتوجه إلى البحرين التي سأصلها في الساعة السابعة مساءاً. خياراتي دائماً ما تكون صعبة ولا أعرف لماذا... أنا لا أتعمد الخيارات الصعبة، هي وحدها تأتي عندي هكذا، وأتذكر بأني عندما قررت السفر من البحرين إلى لبنان اخترت أن يكون بواسطة السيارة وذلك لأنه يوجد عندي الكثير من الأغراض والتي يصعب حملها مع المسافر في الطائرة، مع أنه لم يسبق لي وأن زرت سورية من قبل ولا أعرف الطرق فيها (يعني ما أدل أي مكان) ولم يسبق لي وأن قدت أية سيارة في لبنان ولا أعرف الطرق فيها ولا تعجبني طريقة سياقتهم المتهورة والتي لا تعترف بأية قوانين مرورية... سيد أو رونسيد أو إشارة حمره كله واحد عندهم. اخترت الذهاب بالسيارة وتوكلت على الله، وفي صباح يوم الأثنين العاشر من يوليو/ تموز دهنا وجه السيارة ومقدمتها بطلاء خاص وسميك ضد عواصف الأتربة (بحسب ما يقولون) وملأنا الخزان بالوقود وحملنا جميع أغراضنا وركبنا أنا وزوجتي فقط ومن ثم انطلقنا على بركة الله... بعد أن تجاوزنا المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية واجهتنا الأعاصير الشديدة والمحملة بالأتربة المنخولة نخلاً، ولم أتمكن من السياقة إلا البطيئة جداً... تصوروا سياقة بطيئة ولمسافة أكثر من أربعمائة كيلومتر، إنها مرهقة ومتعبة للغاية... وفي آخر الليل وصلنا إلى مدينة عرعر وذهبنا إلى أحسن فندق لديهم (كأنه خان) ورمينا بأنفسنا على الأسرة وكأننا مومياء مصرية. المشكلة هي أني عندما دخلت في مدينة عرعر كنت أسمع طحنة وأصوات غريبة صادرة من السيارة فقلت لزوجتي إن السيارة لم ترتح ولم أطفئ الموتور أبداً منذ اشتغاله في البحرين لذلك عليها أن ترتاح الليلة ويوم غد سيكون اشتغالها جيداً... في صباح اليوم التالي وبعد الدش البارد والفطور الساخن لممنا أغراضنا ودفعنا حسابنا وتوجهنا للسيارة، سميت بإسم الله وشغلت المحرك وخرج لي نفس الصوت العالي والمزعج... أخبرت زوجتي بأنه لابد وأن نذهب بها لأقرب كراج فالظاهر أن السيارة بها عطل كبير ونحن في وسط صحراء كبيرة ولا نريد أن نتورط، تحكرنا نبحث عن كراج قريب وفي الطريق صادفتنا صيدلية، وقفنا عندها لكي نشتري حبوب مضادات حيوية... نزلت زوجتي من السيارة وجلست أنا بالداخل وطلبت منها أن تستمع للموتور وتعرف مصدر الصوت المزعج فقالت بأنه لا يوجد أي صوت غريب للمحرك. أخذت أنظر إلى الشاشة في الداخل فوجدت بأن الراديو شغال ولا توجد محطة... أطفأت الراديو وذهبت الأصوات المزعجة
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1455 - الأربعاء 30 أغسطس 2006م الموافق 05 شعبان 1427هـ