يتوقع ان يكون لاتفاق منظمة التجارة العالمية (الجات) تأثيرات واسعة على الواردات الغذائية. وعلى رغم ان هذا الاتفاق أعطى بعض الامتيازات للدول الأقل نمواً بحماية صناعتها الناشئة باجراءات كمية وغير كمية مع حق الحصول على منح وقروض لمواجهة تضخم فاتورة الواردات الغذائية، فإن دول مجلس التعاون الخليجي لا تقع ضمن هذا التصنيف والمعروف ان معظم الصناعات الغذائية في دول المجلس تطورت بشكل ملحوظ بفضل الدعم السخي الذي تقدمه هذه الدول لتنمية التصنيع الغذائي المحلي.
ومن الامور المهمة التي تطالب بها الجات هو إلغاء الأفضليات في التعامل التي تقدمها دول مجلس التعاون الى بعضها بعضاً، وكذلك الى دول عربية اخرى كأعضاء في اتفاقات اقليمية او ثنائية وذلك لأن اتفاق الجات يقضي بأن تنتقل تلقائيا أي ميزة تقدمها دولة لدولة أخرى إلى جميع الدول الموقعة على الاتفاق. وهذا يعني أن الكثير من الدول التي لها قدرة على انتاج وتصدير منتجات غذائية منافسة ستدخل السوق الخليجية وتنافس الانتاج المحلي. وإذا كان الانتاج المحلي أعلى سعراً أو أقل جودة فإنه سيتأثر سلبيا.
وما يفاقم الوضع أن اتفاق الجات يلزم الدول الاعضاء بالغاء الدعم الحكومي للأنشطة الاقتصادية الوطنية وهذا سيؤثر بشكل كبير على قدرة المنتجات الغذائية الوطنية في المنافسة نتيجة ارتفاع اسعارها في الاسواق. وتطالب اوروبا بخفض الدعم الحكومي للصناعات الغذائية بنحو 20 في المئة بالإضافة الى تخفيض الدعم الحكومي للصادرات بنحو 35 في المئة وهذا يعني زيادة في فاتورة المواد الغذائية بالنسبة للدول النامية ومن ضمنها دول مجلس التعاون الخليجي.
اما بالنسبة إلى أهمية حماية حقوق الملكية الفردية، فإنها تعود الى ان السلع والخدمات هي نتاج فكري انفق عليه الكثير من المال من خلال الابحاث والدراسات وبالتالي فمن حق الشركة المالكة حماية هذه السلع او التكنولوجيا أو غيرها من الغش والتزوير والسرقة. ولقد تبين من الكثير من المؤشرات ان دول المجلس تعاني من تقليد السلع الغذائية والغش التجاري، وإن كان ذلك يتفاوت من دولة الى اخرى. وعلى رغم ان تطبيق حقوق الملكية الفكرية سيكون له مردود ايجابي على المستهلك الخليجي فإن بعض الصناعات الوطنية التي اعتمدت على تقليد المنتجات الغذائية او التشبه بها من حيث البطاقة الاعلامية وغير ذلك ستتأثر سلباً، إذ سيكون من حق الشركات الاصلية التدخل واقامة الدعوى القضائية على المقلدين.
كما اوضحت الدراسات أن دول المنطقة تعاني من تلوث الأغذية المستوردة بشكل كبير. وفي احدى الدراسات في دولة الامارات العربية قبل عدة سنوات بشأن تلوث الاغذية المستوردة والمحلية بأحد انواع البكتيريا المسببة للمرض تبين ان 35 في المئة من الاغذية شبه المطبوخة مثل البيرجر والكفتة وكرات اللحم كانت ملوثة بهذه البكتيريا. لذلك يتوقع أن يساعد اتفاق الجات على رفع وتحسين جودة المنتجات الغذائية في دول المجلس. وفي الحقيقة فإن معايير الجودة والنوعية التي يطالب بها اتفاق الجات ليست بالمعايير الصعب تحقيقها ولكن درجت بعض الشركات العلمية إلى عدم التقيد بالمعايير المطلوبة نظرا إلى التسهيلات وسياسة غض البصر التي يتبعها جهاز الرقابة في الدولة نفسها أو في بعض الدول الخليجية
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ