فيلم «كليك» من بطولة آدم ساندلر، يعتبر من الأفلام الفكاهية التي يستمتع بها المشاهد، ولكنه أيضاً فيلم يحتوي على لقطات مقززة، ومحتويات متناقضة، بعضها يدعو إلى أهمية الأسرة وتضامنها وبعضها يدعو إلى الوجودية - الحيوانية، وبعضها يروج لليهود بصفتهم مجتهدين ومرحين في مقابل اعراق أخرى منافقة ومخادعة.
الفيلم يبدأ بلقطة ساخرة تجمع أميراً عربياً (شيخاً من شيوخ الخليج) ومعه ابناؤه، وهذا الأمير (شيخ حبيبو) يجلس على كرسي في غرفة الاجتماع بينما أبناؤه (أو أقرباؤه) واقفون خلفه ومن حوله يؤيدونه في كل ما يقول ويفرحون لكل كلمة يقولها، على اساس أنه الراعي وهم الرعية، والعلاقة بينهم مثل راعي الغنم وقطيعه.
اللقطة تجمع آدم ساندلر بصفته مهندساً معمارياً ومعه رئيسه الذي يعرض على شيخ حبيبو تصميماً لمنتجع فخم، ولكن الأمير العربي لم يهتم إلى أي شيء في التصميم سوى «حانة الخمر»، وطالب بتكبيرها وافساح مساحة واسعة للحانة و«توابعها»... وفي هذا اشارة إلى «نفاق» العرب الذين يقولون إنهم مسلمون ولكنهم غارقون في حانات الخمور بطريقة تزيد على الاقوام الآخرين الذين لا يحرمون الخمر.
اللقطات ساخرة، ومملوءة بالنكات، ولكن النكات ليست جميعها بريئة. فآدم ساندلر (اليهودي) يمثل ذلك الإنسان المجتهد والمرح ولكنه ينسى أن يعطي الأولوية لأسرته، ويضحي بوقته من أجل ارضاء رئيسه في العمل. ورئيسه يظهر كزير نساء يستعبد من يعمل لديه بينما يكدح من يعمل تحته من دون رحمة.
اليهودي «المرح» مهندس معماري في القرن الحادي والعشرين، والفيلم يغفل أن المهندسين المعماريين في زماننا يستخدمون أفضل برامج الكمبيوتر لتصميم المنشآت والمباني، ويظهر مهندسنا المعماري في الفيلم وهو يستخدم أدوات الهندسة القديمة التي عفا عليها الزمن. وفي هذا تناقض مقصود أو أنه غفلة من منتج الفيلم.
في الوقت ذاته الذي يحث الفيلم على أهمية الأسرة ووجوب تقديمها على العمل الذي يضغط على الإنسان باستمرار، فإنه يعرض حال الكلب الذي تملكه العائلة اليهودية، وكيف أن هواية هذا الكلب هي مضاجعة البطة الاصطناعية التي من المفترض أنها إحدى لعب الأطفال... والفيلم يكثر من عرض لقطات المضاجعة على اساس فكاهي ويوحي بأنها أمر اعتيادي وتعبير عن لذة حيوانية لا مانع من الاستمتاع بها «وجودياً» مادامت أنها برضا الجميع.
التناقض في طروحات الفيلم تجري في كل شيء... فالمعماري الذي يستخدم أدوات قديمة في القرن الحادي والعشرين ينام مصادفة اثناء تجوله في احد المتاجر الكبيرة، ويحلم بأنه حصل على «ريموت كونترول» يستطيع أن يتحكم في تصرفات الإنسان. ويستطيع بطل الفيلم التسريع من حياته ويحصل على ما يشاء من ترقيات ويصل إلى أعلى منصب ولكنه يخسر زوجته وابنه وابنته وصحته، ويصبح سميناً جداً ويتعرض لسكتة قلبية، كل ذلك لأنه لم يعطِ فرصة لنفسه للاستمتاع بوقته مع عائلته.
الفيلم يحتوي على لقطات أخرى مقززة مدموجة مع لقطات مرحة، ما يترك المشاهد محتاراً بين الاستمتاع والتقزز... فبطل الفيلم يقوم بإطلاق الريح بصوت مرتفع جداً من مؤخرته في وجه رئيسه للتعبير عن اشمئزازه منه... كما يعرض لقطات أخرى لوالد ووالدة البطل وهما في الفراش مع عبارات وممارسات تنافي معنى الأسرة الذي يتحدث عنه الفيلم. وأيضاً يعرض الفيلم لقطة يكون فيها آدم ساندلر مع زوجته في الفراش في وضع خاص، ويأتي الكلب عليه ليمارس معه الفاحشة... ويتم عرض ذلك على اساس أنه «نكتة»!
الفيلم يعرض «ملك الموت» بشكل مضحك، وملك الموت هو الذي يعطي بطل الفيلم الريموت كونترول في حلمه لكي يتحكم في حياته... وملك الموت يطرح فكرة أن الإنسان الصالح (البطل اليهودي) يحتاج إلى فرصة لكي ينتبه قبل فوات الاوان. «ملك الموت» أيضاً يقوم بمغازلة زوجة البطل، في تناقض آخر للمفاهيم التي يتعرض لها الفيلم... وعلى رغم أنه مملوء بالنكات، فإن المشاهد يحتار في النهاية بين استذكار تلك اللقطات المرحة وبين الخلط مع قضايا عدة، يلاحظ من مجملها أن العائلة اليهودية تخرج سالمة من الانتقاد في مبادئها، بينما لا يسلم العرب أو الأميركان غير اليهود أو اليابانيين من الاستهجان بهم.
آدم ساندلر يبقى من الممثلين المرحين، ولا يمكن أن يلومه احد في القيام بالدور الذي قام به، فجزء من مهمة هوليوود الترويج لليهود على حساب الآخرين.
ملاحظة أخرى، أن اللون الأسود كان غائباً من الفيلم ولم يظهر الأميركان ذوو الاصول الإفريقية فيه، ربما لأن البطل لم ينتبه إلى وجودهم في المجتمع الأميركي
العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ