رغم كل ما تدعيه واشنطن من علاقاتاتها الاستراتيجية «غير القابلة للنقاش» مع بعض الدول العربية النفطية، وخصوصاً الخليجية منها، فإنها - أي الولايات المتحدة - لا تكف عن بحثها المتواصل عن بدائل نفطية محلية وغير محلية من أجل إشباع حاجتها من مصادر الطاقة. وتمثل عملية استخراج النفط الكندي بشكل متسارع طريقاً جديداً تحاول الولايات المتحدة، من خلاله، أن تقلل من اعتمادها على مصادر الطاقة القادمة من دول الشرق الأوسط أو حتى دول أميركا اللاتينية التي باتت الآن دولاً، ووفقاً لمعايير واشنطن للحليف - غير صديقة للولايات المتحدة. هذا ما تحاول أن توصفه دراسة صدرت حديثاً عن الكونغرس الأميركي.
إذ تقدر اللجنة الاقتصادية المشتركة التابعة لمجلس النواب الأميركي أن الاحتياطيات المثبتة من النفط الكندي تأتي في المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية، بل إنها من المحتمل أن تكون أكبر منها.
وستكون هناك حوافز اقتصادية قوية، حتى مع وصول أسعار النفط إلى نصف المستوى الحالي، من أجل زيادة إنتاج الرمال النفطية في كندا، بل وتجاوز الإنتاج ضعف مستواه الحالي خلال عشر سنوات، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تقليل نفوذ منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي تضم في عضويتها 11 دولة.
وتقول الدراسة التي صدرت عن رئيس اللجنة، العضو الجمهوري عن نيوجيرسي جيم ساكستون، والتي جاءت بعنوان «الرمال النفطية الكندية: قوة جديدة في سوق النفط العالمي»، إن إنتاج الرمال النفطية الكندية في إقليم ألبرتا يساوي فعليا إنتاج النفط لدولة قطر، وهي عضو رئيسي بمنظمة أوبك.
وتقدم رمال ألبرتا احتياطيات محتملة تبلغ 315 مليار برميل من إجمالي قاعدة موارد تبلغ من 1,7 إلى 2,5 تريليون برميل، وهو ما زيد عن 40 ضعف الاستهلاك الأميركي السنوي من النفط.
لكن الدراسة تحذر من أن الكُلف البيئية مرتفعة للغاية؛ ففي مقابل كل برميل يتم إنتاجه من النفط يحدث انبعاث لأكثر من 80 كيلوغراماً من غازات الانبعاث الحراري في الغلاف الجوي، كما يتم التخلص من ما بين اثنين إلى أربعة براميل من المياه المستهلكة، في برك نفايات الخام التي أغرقت أكثر من 50 كيلومتراً مربعا من الغابات والمستنقعات.
ويبلغ إنتاج الرمال النفطية في ألبرتا في الوقت الجاري ما يزيد قليلا عن مليون برميل يوميا، وهي كمية تضع كندا في المرتبة الـ 21 بين الدول المنتجة للنفط في العالم.
وتقول التنبؤات إنه من المتوقع لكندا خلال العقد المقبل أن تتحرك إلى المرتبة السابعة أو الخامسة بين الدول المنتجة للنفط في العالم.
وقال ساكستون، الذي انتقد أوبك بسبب ما زعمه من تثبيت الأسعار: إنه يأمل أن تقوم كندا في المستقبل بإضعاف اتحاد الدول المصدرة للنفط.
إذ قال: «إن الاحتياطيات الكندية الضخمة من النفط غير التقليدي والتنامي السريع لهذه الاحتياطيات يمثل أخبارا جيدة للغاية للمستهلكين في الولايات المتحدة وحول العالم. ورغم أن هذه الاحتياطيات يمكن أن توفر كمية محدودة من النفط في الوقت الجاري إلا أن تناميها هو بالضبط ما تأمل منظمة أوبك ألا يحدث».
لكن التقرير يقول أيضا: إن الزيادة الكبيرة في إنتاج الرمال النفطية الكندية سوف تستغرق وقتا؛ إذ تتطلب استثمارات ضخمة وتقدما في إدارة الكُلف.
ويعترف ساكستون بأن الرمال النفطية لن تحل مشكلة الطاقة، لكنه قال: إنه ستساعد على إضعاف نفوذ أوبك في رفع أسعار النفط، وبذلك ستؤدي إلى تحسين أمن الطاقة الأميركي
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ